هل تحسم الساعات القادمة الأزمة في البلاد وتتفق الأطراف على تمرير انتخاب الرئيس واستكمال الرئاسات الثلاث، أم ستدخل البلاد في السيناريوهات الأخطر؟
يرى المحلل السياسي العراقي، عبد الملك الحسيني، أن جلسة أمس السبت كانت اختبارا حقيقيا لجميع الأطراف لمعرفة الحجم الحقيقي تحت قبة البرلمان.
الثلث المعطل
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، هذا الأمر أعطى صورتين واضحتين عن كتلتين تمثل إحداها الثلث المعطل والأخرى أغلبية برلمانية لم ترتقي إلى مستوى الثلثين كي تتمكن من اختيار رئيس الجمهورية، مما دفع جميع الأطراف إلى السعي الحثيث، ومسابقة الزمن لاستكمال النقص العددي الذي تحتاجه، وخاصة التحالف الثلاثي المتمثل بالتيار الصدري والسيادة والديمقراطي الكردستاني.
الفراغ الدستوري
وتابع الحسيني، بأن "الانسداد السياسي لاشك أنه وصل مرحلة صعبة، لكني أعتقد أن عدم التوصل إلى توافق قبل جلسة الأربعاء سيعقد المشهد، وسيؤدي إلى انحراف المسار باتجاه الفراغ الدستوري، ليستقر على طاولة المحكمة الاتحادية وحل البرلمان، لأنه وبحسب الدستور وفق المادة 64، في حالة حل مجلس النواب تعد الحكومة مستقيلة وتتحول حكما إلى حكومة تصريف أمور يومية.
من وجهة نظر الحسيني، سيكون هناك تحول في اللحظة الأخيرة ما قبل جلسة الأربعاء كمبادرة تحمل في طياتها تنازلات نسبية من قبل تحالف إنقاذ وطن والإطار التنسيقي، سيخلق توافقا ربما سيخرج به المتنافسون بحل لهذه الأزمة.
حل البرلمان
من جانبه، استبعد المحلل السياسي العراقي، رحيم الكبيسي، أن "تتجه الأوضاع إلى حل البرلمان بعد الفشل في عملية انتخاب الرئيس أمس السبت، وقال إن "هناك أكثر من 200 يدخلون البرلمان للمرة الأولى في تلك الدورة وبالتالي لا يمكن أن يقدموا على عملية الحل، وكذلك المحكمة الاتحادية لا تملك الحل، كما أن ثلثي أعضاء المجلس والمطلوب موافقتهم على الحل قد وصلو لأول مرة، وبالتالي لا يريدون التضحية بالموقع الذي وصلوا إليه، والذي قد لا يصلون إليه مرة أخرى إذا ما جرت انتخابات جديدة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الصراع الدائر هو بين مجموعة تريد إنهاء المحاصصة وما سار عليه العراق منذ العام 2003 وحتى الآن، الأمر الذي جعل الفساد يتغلغل في كل مفاصل الدولة، وكنا نتوقع أن هناك من يغلب المصلحة الوطنية، خصوصا أن بعض الفئات انضمت إلى الإطار التنسيقي الذي يتزعمه المالكي لمصلحة ذاتية وليست عامة".
وتابع أن "التحالف الأساسي في الإطار التنسيقي لا يساوي 67 شخص سواء دولة القانون وفتح، والغالبية كانت مع الطرف الثاني "الأكثر عددا"، وقد قيل الكثير حول المصالح والفساد لانضمام بعض الفئات إلى الإطار حتى يملك الثلث المعطل، وهو استيراد سياسي من المشهد اللبناني لكي لا تنعقد جلسة اختيار الرئيس، لأن صحة الجلسة لانتخاب الرئيس كان يتطلب حضور 220 عضو ، وإذا تم انتخاب رئيس الجمهورية، سيكون الأمر بعدها أسهل من حيث تشكيل الحكومة".
جبهتي الصراع
وتابع المحلل السياسي، "الشارع العراقي بصورة عامة يجد نفسه الآن أمام جبهتين، جبهة إيران وجبهة العراق، حيث تمثل جبهة إيران كل المجموعات التي ذكرها قاآني وقاسم سليماني وهم لا ينكرون ذلك وعلاقتهم وطيدة ويتلقون الأوامر من طهران، أما الجبهة الثانية فهي الأقرب إلى الشارع العراقي، لأن بها جزء من الامتداد وجزء من الجيل الجديد".
وأضاف: "هذه المجموعة تريد أن يتعافى العراق نوعا ما، رغم كل السلبيات، وترى مجموعة الإطار أن المجموعة الأخرى إلى سيطرت فسوف تقلب الأوضاع وقد تشكل لجان نزاهه، والمجموعة الثانية الموالية لطهران بها الكثير من العناصر الفاسدة المعروفة بالاسم، وقول منتسبي الإطار إذا فتح باب النزاهة فلن يبقى أحد دون أن يدخل السجن، وبالتالي يدعون ادعاءات كاذبة حول الطائفية وأنهم المجموعة الأكبر".
الكتلة الأكبر
وأشار الكبيسي إلى أن مجموعة الصدر يقولون أن الذي يرشح رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء هي الكتلة الأكثر عددا ولم يتحدثون عن شيعة أو سنة أو أكراد، وهذا هو النص القانوني، لكن مجموعة الإطار والتي تربت على الطائفية يقولون نحن شيعة ونحن الأكثر، ولذا فإن كل من اصطف معهم فهو بيعيد عن الوطنية في الوقت الراهن، لأنهم يتحدثون عن كتلة شيعية وليس كتلة وطنية، ونقول إنه بدون الكتلة الوطنية لن نستطيع تحقيق شيء للشعب العراقي.
استمرار الخلاف
بدوره يقول رعد هاشم، المحلل السياسي العراقي، إذا استمر الخلاف السياسي بهذا العمق، سوف تصل البلاد إلى أزمات متلاحقة، فلا أمل في أن يتنازل أي من الأطراف أو يتراجع خطوات إلى الخلف وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والحزبية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذا التعنت في المواقف على ما يبدو لن يستجيب حتى للضغوط الدولية، فهناك أريحية واضحة من دول الإقليم الضاغطة على ترك المجال للطرفين لكي يأخذا مساحاتهما في التفاهمات، وإن لم تحدث التوافقات فإن الصدمات والأزمات ستكون عنوان تلك المرحلة، ولا ننسى أن الوضع في أوكرانيا قد ألقى بظلاله على المشهد السياسي في العراق.
مرحلة الصدام
وتوقع هاشم أنه قد تحدث استفزازات بين الأطراف السياسية، قد تؤدي إلى أزمات أمنية، وخطورة الأمر أن الطرفين يحملان السلاح سواء بالنسبة للصدر أو في الناحية الأخرى "الإطار التنسيقي"، لذا فإن أي أزمة أو احتكاك قد يحدث في النهاية أزمة، وإن لم يتم معالجة الأمر بالحوار، فإن الصدام والاشتباك متوقع سواء على نطاق ضيق أو قد يتسع، وتطول الأزمة السياسية إلى منتصف هذا العام وربما أبعد من ذلك ولدينا تجارب كثيرة في هذا المضمار.
وأعلن البرلمان العراقي أمس السبت تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية للمرة الثانية البرلمان العراقي للمرة الثانية إلى الأربعاء 30 مارس/آذار، لعدم اكتمال نصاب الثلثين المفترض توفيره، وفق ما أفاد بيان للدائرة الإعلامية للمجلس.
قال بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب أن "البرلمان حدد يوم الأربعاء القادم موعد لانتخاب رئيس الجمهورية"وأكد البيان أن 202 نائبا حضروا الجلسة فيما يبلغ النصاب الضروري للشروع بالانتخاب 220 نائبا.
وقبل أيام، أعلن البرلمان العراقي قبول 40 مرشحا لمنصب الرئاسة، أبرزهم مرشح حزب الاتحاد الوطني، برهم صالح، وكذلك مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبر أحمد، بالإضافة إلى قاضي محاكمة صدام حسين، رزكار محمد أمين.
كما أعلن رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، تحديد يوم 26 من الشهر الحالي، موعدا لانتخاب الرئيس العراقي.