هل يعمق اتفاق حقل الدرة الخلافات بين إيران والسعودية؟

في ظل محاولات تقريب وجهات النظر واستعادة العلاقات بين إيران والسعودية، جاء الاتفاق الذي وقعته الكويت مع السعودية لتطوير وتشغيل حقل غاز الدرة ليعمق الخلافات القائمة.
Sputnik
واتفقت الكويت والسعودية على تطوير وتشغيل حقل غاز الدرة، الواقع في المنطقة المحايدة على حدود الدولتين في الخليج، حيث تشمل الهندسة والتشغيل المشترك للحقل الذي من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعب (حوالي 28.3 مليون متر مكعب) من الغاز الطبيعي و84 ألف برميل من مكثفات الغاز يوميا... وسيتم تقسيم الغاز الناتج بالتساوي بين البلدين.
إيران تعلن فشل مفاوضات مع الهند لاستثمار حقل غاز مشترك مع السعودية
وطرح البعض تساؤلات بشأن دلالات الخطوة السعودية الأخيرة في حقل الدرة، وإمكانية أن يساهم الاتفاق الأخير في إعادة الخلافات السعودية الإيرانية للواجهة، وتعقيد عملية التفاوض.

خطوة إيرانية

من جانبها أعلنت وزارة النفط الإيرانية، أمس الأحد، عن قيامها باتخاذ الترتيبات والدراسات اللازمة لتطوير وتشغيل حقل "آرش" في الخليج.
وقال مساعد وزير النفط الإيراني للشؤون الدولية والتجارية أحمد أسد زادة، إن "سبب التأخير في تشغيل هذا الحقل المشترك يعود إلى قرار ترسيم الحدود مع الكويت"، مضيفا: "نعتقد أن استغلال الحقول المشتركة يجب أن يتم بشكل متكامل، وهذا سيؤدي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين"، وذلك حسب وكالة "فارس" الإيرانية.
وأوضح أسد زادة، أنه "حتى في الحالات التي لم يتم فيها ترسيم الحدود، يمكن تطوير الحقل بطريقة متكاملة باستخدام النماذج الدولية ذات الخبرة"، مؤكدا استعداد وزارة النفط للتفاوض بهذا الشأن.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أكد السبت الماضي، حق بلاده للاستثمار من حقل "آرش/ الدرة" المشترك بينها وبين الكويت والسعودية.
ونقلت وكالة "إرنا" عن خطيب زادة، قوله إن الاتفاق الجديد المعلن بين السعودية والكويت بأن حقل "آرش/ الدرة" حقل مشترك بين إيران والكويت والسعودية وأن هنالك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت.
إيران تركب "حفارا" في حقل غاز مشترك مع قطر
وشدد زادة على أنه وفقا للضوابط والأعراف الدولية، فإن الاستثمار والتطوير في هذا الحقل يجب أن يتم بالتنسيق والتعاون بين الدول الثلاث.
ووصف زادة الخطوة الأخيرة للكويت والسعودية في هذا الشأن بأنها غير قانونية ومناقضة للأعراف الجارية والمحادثات المنجزة سابقا ولا تأثير لها على الوضع القانوني للحقل ولا تحظى بموافقة إيران.
وجدد زادة استعداد بلاده للدخول في مفاوضات مع الدولتين الجارتين، الكويت والسعودية، حول كيفية الاستثمار من هذا الحقل المشترك ومواصلة المفاوضات الثنائية مع الكويت في إطار نتائج المفاوضات السابقة بشأن تحديد حدود الجرف القاري وكذلك بدء المفاوضات ثلاثية الجانب لتحديد النقطة الثلاثية فيما بين هذه الدول.

ضغط سياسي

اعتبر يحيى التليدي، المحلل السياسي السعودي، أن ادعاءات إيران بشأن حقل "الدرة" تخالف القانون الدولي حيث أن أعمال تطوير الحقل المغمور للغاز الذي وقعت اتفاقيته السعودية والكويت مؤخرا، ستكون في الشق الجنوبي من الحقل بعيدا عن المناطق التي تدعي إيران أحقية مشاركتها فيها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك" فإن "إيران ليس لها أي حق قانوني في هذا الحقل، وإنما تريد أن تستعمل هذه القضية كورقة ضغط سياسي على السعودية والكويت في ملفات أخرى مثل الاتفاق النووي إضافة إلى محاولة الاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة بعد تداعيات الأوضاع في أوكرانيا".
ويرى التليدي أن "هذه المناورة الإيرانية ليست جديدة وادعاءات طهران بحقوقها في حقل الدرة لن يكون لها أي تأثير على عمليات التطوير التي اتفقت عليها كل من الرياض والكويت".

تخبط خليجي

واعتبر صادق الموسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن الاتفاق الذي أبرمته السعودية مع الكويت مؤخرا في حقل الدرة ناتج عن تخبط سعودي في سياستها بالتعامل مع إيران، والتخبط مرتبط بقرب إعلان الاتفاق النووي في فيينا، مؤكدا أنه كلما اقتربت ساعة الإعلان عن الاتفاق زاد الارتباك السعودي والخليجي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "السعودية ومن خلفها الخليج يتبعون سياسة متخبطة في المنطقة، فساعة يتفاوضن مع إيران، وساعة أخرى يذهبون للحديث مع الإسرائيليين والأمريكيين".
وأكد أن إيران لا تستعجل مسألة التفاوض مع السعودية، فبعد إعلان الاتفاق النووي في فيينا ستنقلب كل الأوراق، وتتغير معها معالم السياسات الخليجية في منطقة الشرق الأوسط.
قطر وإيران تبدآن المرحلة العملية من تشييد أكبر حقل غاز عائم في العالم بالخليج العربي
وتابع: "النتيجة أن الجميع سوف يقبل بالواقع النووي الإيراني ويتعاملون مع الجمهورية الإسلامية على أساس أنها الدولة الأقوى في المنطقة ويبدأون بطلب الود"، مشيرا إلى أن الاتفاق السعودي الكويتي قابل للحل لأنه مع ضعف موقف السعودية يبدأ التحاور والتفاوض ومعالجة الأمور".

تحريض أمريكي

يقول عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن الاتفاق السعودي الكويتي في حقل الدرة من شأنه أن يعمق الخلافات بين طهران والرياض، ويؤدي إلى تصعيد كبير لا يحمد عقباه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "في حال أصرت السعودية والكويت على تنفيذ الاتفاق غير القانوني بمعزل عن إيران، فإن طهران سوف تستخدم كل الوسائل المتاحة لديها لمنعهما".
ويرى المحلل السياسي الإيراني أن "الاتفاق السعودي الكويتي، جاء في ظل تقدم المفاوضات بين الرياض وطهران، وبتحريض من الولايات المتحدة الأمريكية بدافع خلق صراع جديد في منطقة الخليج".
والسبت الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني إن طهران ترحب بتطبيع العلاقات مع الرياض، وتأمل من الجانب السعودي لعب دور أكثر إيجابية لتحقيق هذا الهدف، حسبما ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية "إرنا".
وقال حسين أمير عبد اللهيان، خلال مقابلة تليفزيونية عقب زيارة سوريا ولبنان: "إذا كنا نهدف إلى التوصل إلى مرحلة جديدة في المحادثات مع السعودية، فإنه يجب أخذ جميع الأبعاد والجوانب بعين الاعتبار".
تفاصيل العقد الموقع بين إيران ودولة خليجية لتطوير حقل غاز
وعلى مدار الأشهر الماضية، عقدت إيران والسعودية عدة جولات من المحادثات التي توسط فيها العراق، وبعدها أرسلت إيران 3 دبلوماسيين إلى السعودية في يناير/ كانون الثاني الماضي، بصفتهم وفد إيران في منظمة التعاون الإسلامي لاستئناف الأنشطة في جدة عقب 6 سنوات من الانقطاع.
وفي وقت سابق من مارس الجاري، أعلنت إيران أنها علقت محادثات تطبيع العلاقات مع السعودية بصورة مؤقتة.
حركة أسعار النفط والغاز
مناقشة