تونس… جلسة برلمانية لإنهاء التدابير الاستثنائية تثير المخاوف من "معركة الشرعيات"

يعقد برلمانيون تونسيون جلسة عامة لإبطال التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي في 25 يوليو/ تموز الماضي، في خطوة يقول مراقبون إنها ستفتح حربا جديدة حول الشرعية.
Sputnik
وستكون جلسة اليوم الأربعاء، هي الجلسة الثانية التي يعقدها البرلمان التونسي المعلقة اختصاصاته منذ 25 يوليو، حيث سبقتها جلسة أولى في 27 يناير/ كانون الثاني 2022 التي انعقدت عن بعد برئاسة راشد الغنوشي للتداول حول الوضع العام بالبلاد.
ووصف رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي انعقد مساء الاثنين، هذه الجلسة بأنها "انقلاب على الدستور"، قائلا إن الدولة قائمة وإنه "لا مجال للتطاول على الدولة وعلى القوانين بتأويلات سخيفة".
اتحاد الشغل التونسي يهدد بإضراب عام رفضا لحزمة الإصلاحات الاقتصادية
وستعقب جلسة اليوم، جلسة أخرى يوم السبت الثاني أبريل/ نيسان المقبل ستخصص لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

وضع حد لحالة الاستثناء

وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، ذكرت النائب المستقلة وعضو مكتب البرلمان، جميلة دبش الكسيكسي، أن هذه الجلسة هي نتاج تحركات لعدد من النواب على خلفية ما آل إليه الوضع في البلاد على جميع المستويات.
وأكدت أن أكثر من 30 نائبا تقدموا بطلب كتابي إلى مكتب البرلمان لعقد جلسة عامة تنتهي بإبطال التدابير الاستثنائية، مشيرة إلى وجود تواصل بين كتل برلمانية مختلفة من أجل تفعيل دور البرلمان في إيجاد حل للأزمة الراهنة.
الاتحاد الأوروبي يقرض تونس 500 مليون دولار ويقدم مساعدات للجزائر والمغرب
وقالت الكسيكسي إن هناك إجماعا على إنهاء حالة الاستثناء التي أقفلت 8 أشهر دون معرفة مصير البلاد، مشيرة إلى أن الوضع بات أسوأ من السابق.
وذكرت أن الجلسة الثانية حددت بتاريخ الثاني من أبريل وستخصص للحوار حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

فرضية التقاضي واردة

وحول مآل المخرجات المرتقبة للجلسة، قالت الكسيكسي إن النواب قد يتجهون إلى القضاء لتفعيل بنود مشروع القانون الذي سيقع التصويت عليه اليوم، مؤكدة أن البرلمانيين يتخذوا جميع الاجراءات القانونية والسلمية المتاحة من أجل إنفاذ القانون.
وقالت إن الدولة التونسية هي دولة مؤسسات وليس دولة أفراد، مضيفة: "مثلما تعاملت المؤسسات مع رئيس الجمهورية على أنه شرعي ومنتخب، يجب أن تتعامل معنا بالمثل، لأننا منتخبون أيضا من الشعب، ولأن البرلمان ما يزال قائم الذات وله الحق المطلق في ممارسة جميع صلاحياته".
الغنوشي يدعو البرلمان التونسي إلى الانعقاد الاثنين المقبل
وأكد النائب عن كتلة قلب تونس رفيق عمارة، لـ "سبوتنيك" أن 123 نائبا، من كتل النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة والإصلاح وتحيا تونس ومن المستقلين، سيصوتون لصالح مشروع القانون المتعلق بإنهاء التدابير الإستثنائية.
وأشار إلى أن هؤلاء يتفقون على إلغاء المرسوم الرئاسي رقم 117 ووضع حد للمحاكمات العسكرية، متوقعا أن تنتهي الجلسة العامة بتصويت إيجابي.
واعتبر عمارة أن إجراءات 25 يوليو أدت إلى مآلات سلبية وأوصلت الدولة إلى حالة الإفلاس، مضيفا: "من المفارقة أن رئيس الدولة الذي يصف الجلسة بأنها انقلاب، نسي أنه انقلب على الشرعية وعلى الدستور وعلى الحريات يوم 25 يوليو".
وشدد عمارة على أن "الجلسة قانونية لأن نص الدستور يؤكد على وجوب بقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم أثناء الفترة الاستثنائية".
وتابع: "سنبين للشعب التونسي أن المجلس قائم وأننا لن نترك البلاد دون دستور، ولن نسمح باستمرار المراسيم التي أثبتت أنها تضر بمصلحة الشعب التونسي".

تشتيت الشرعيات

وفي تعليق لـ "سبوتنيك"، شدد عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، أسامة عويدات، على أن الجلسة العامة غير قانونية "لأن أنشطة البرلمان وصلاحياته مجمدة، وهو ما يعني عدم وجود أي سند قانوني وشرعي يمكن النواب من عقد جلسة عامة لسحب الثقة أو إلغاء التدابير الاستثنائية".
واعتبر عويدات أن هذه الخطوة هي "حركة خبيثة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي لتشتيت الشرعيات وتفكيك الدولة، حتى تصبح هناك شرعية برلمانية وشرعية رئاسية"، وفقا لقوله.
ويرى عويدات أن تشتيت الشرعيات قد يؤدي بالبلاد إلى النموذج الليبي الذي انقسمت فيه الشرعية بين حكومتيْ طبرق وطرابلس، قائلا: "على هذا المنوال، ستتجه الدولة التونسية إلى الانقسام وإلى سيناريو خطير وهو الاحتراب، لذلك يجب على رئيس الجمهورية أن يتدخل لحماية الدولة والحفاظ على وحدتها وشرعيتها".
قيس سعيد: وضعنا حدا للتلاعب بقوت التونسيين
وقال عويدات إن حركة الشعب بلغتها دعوة للمشاركة في الجلسة العامة لكنها رفضتها، مضيفا: "لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نكون شركاء في تفكيك الدولة وفي تشتيت شرعيتها، نحن نريد أن نذهب بالبلاد نحو إقلاع اقتصادي وسياسي، لذلك دعونا رئيس الجمهورية إلى عقد حوار يفضي إلى إيجاد حلول للوضع الراهن. ولكن لا سبيل إلى الرجوع إلى الوراء وإلى العودة إلى برلمان 2019 الذي انتهى منذ 25 يوليو".

صراع جديد

ويرى المحلل السياسي مراد علالة في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن هذه الجلسة هي صفحة من صفحات الحرب والصراع بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان.
عبير موسي: قيس سعيد يستغل الفترة الاستثنائية للانفراد بالحكم
ولفت إلى أن "الحديث عن عودة المؤسسة التشريعية في الوقت الحاضر مسألة تجاوزها الزمن ليس فقط بحكم الأمر الرئاسي رقم 117 الذي أبقى على أنشطة البرلمان في حالة تجميد، وإنما أيضا بحكم طبيعة المجتمع التونسي الذي بات واضحا أنه طوى هذه الصفحة".
واعتبر علالة أن المحرك الرئيسي لهذه الجلسة هي حركة النهضة، التي تسعى إلى إحراج رئيس الجمهورية من خلال إظهاره أمام العالم في صورة الرافض لعودة المؤسسات الرسمية للدولة.
مناقشة