يأتي إقرار القانون بعد أيام قليلة من إسقاطه في لجنة المال والموازنة بالبرلمان اللبناني، والتي طالبت بتعديل نسخته الأولى، وكذلك في ظل اعتراض بعض الوزراء المحسوبين على الثنائي الشيعي "حركة أمل"، و"حزب الله"، وفقا للشرق الأوسط.
وقال مراقبون إن إقرار القانون خطوة مهمة في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، للبدء في تمويل عملية الإصلاح، مؤكدين في الوقت نفسه ضرورة تطبيقه بشكل صحيح، وأن يصاحبه خطة اقتصادية شاملة.
قانون الكابيتال كونترول
ووافق مجلس الوزراء على طلب وزير المال، يوسف خليل، بِسداد الدفعات المستحقة للبنك الدولي ومكاتب التدقيق الجنائي، ووزير الطاقة وليد فياض، بتحويل مبلغ 76 مليون دولاراً فريش، لتأمين سلامة الاستثمار في قطاعات الإنتاج والمعامل.
بدوره، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: "منذ تسلمنا المسؤولية ونحن ندرك حجم التحديات التي تواجهنا، أمامنا مسؤوليات جسام في وقف الانهيار الحاصل في البلد ومعالجة ما أمكن من ملفات ووضع الملفات الأخرى على سكة الحل، من هنا كانت صرختي حول وجوب التوقف عن المناكفات". وتابع: "إننا في انتظار إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد".
و"الكابيتـال كونترول" هو مجموعة ضوابط وقيود إستثنائية ومؤقتة يضعها مجلس النواب بموجب قانون لمنع هروب الرساميل عند الأزمات نظراً إلى أهميتها في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي.
ووضع ضوابط رسمية للتحويلات المالية هو أحد توصيات صندوق النقد الدولي لاستحداث برنامج يأمل لبنان من خلاله في الحصول على حزمة من المساعدات بعد انهيار النظام المالي في البلاد في 2019، والذي أدى إلى إصابة النظام المصرفي بالشلل وتجميد أرصدة المودعين الدولارية.
بداية الحل
اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن إقرار قانون الكابيتال كونترول يعد أمرًا ضروريًا لتنظيم العلاقة ما بين المودع والمصارف وللحفاظ على ما تبقى من عملات صعبة لدى مصرف لبنان.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن تنظيم هذه العلاقة تعني الحفاظ على القطاع المصرفي وإعادة الثقة فيها بعد أن فقدت، وبدلا من أن يتم استعادتها خلال عام أو اثنين فيما لو تم إقرار القانون مع بداية الأزمة أصبحنا نحتاج الى أكثر من 10 سنوات لاستعادة هذه الثقة، ودون استعادة هذه الثقة لن يتم تفعيل القطاع المصرفي.
وتابع: "بدون تفعيل القطاع المصرفي فإن احتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان ذاهب إلى النفاد، وبالتالي فقدان مصرف لبنان لقدرته على التدخل في السوق للعمل على استقرار سعر الصرف لليرة اللبنانية، وبدون هذا الاستقرار لا يمكن تحقيق أي نمو في الاقتصاد، وبدون القطاع المصرفي لا يمكن تجديد احتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان".
ويرى عكوش أن إقرار هذا القانون بالشكل المطلوب ووفقا للمعايير التي تؤمن العدالة والشفافية هي نقطة البداية في حل المشكلة الاقتصادية والنقدية التي يعاني منها لبنان، ودون هذا القانون لا إمكانية للتقدم، وهو في الأساس شرط أساسي لصندوق النقد الدولي لتمويل عملية الإصلاح.
انقسام داخلي
بدوره قال سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني إن قانون الكابيتال كونترول لم يقر بشكل نهائي، حيث وافق عليه مجلس الوزراء بعد خلافات قوية، واعتراضات بين عدد من الوزراء، وهذا القرار يعبر عن رغبة وإرادة وتوجه الصندوق الدولي، لكن دون أن يكون هناك إجماع داخل الحكومة اللبنانية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، مرر مجلس الوزراء القانون بالأكثرية، وأحيل إلى مجلس النواب اللبناني لمناقشته، لكن هناك خلاف رسمي داخل الكتل السياسية حول القانون، مؤكدًا أن القانون يرضي صندوق النقد الدولي، لكنه ليس حلا سحريًا للأزمة المالية الاقتصادية في لبنان.
ويرى أبوزيد ضرورة أن يكون هناك تفاهم مع صندوق النقد الدولي لتوفير المساعدات المطلوبة للبنان، لكن مطلوب أيضا أن يكون هناك رؤية اقتصادية متكاملة لإيجاد مخرج وحل للأزمة الراهنة، مشددًا على ضرورة أن يكون إقرار القانون مصحوبًا بخطة اقتصادية مالية شاملة.
وأكد أن قانون الكابيتال كونترول يمكن أن يكون مدخلًا للاتفاق مع صندوق النقد، لكن وحده لا يشكل حلًا للأزمة الاقتصادية، والمطلوب أن يصاحبه خطة شاملة وقرار سياسي مركزي حتى يحصد لبنان فوائده الاقتصادية.
وبحث رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، اليوم الخميس، مع بعثة صندوق النقد الدولي برنامج التعاون المالي، حيث اجتمع في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، مع بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة ارنستو راميريز ريغو، صباح اليوم في السرايا، وتم خلال الاجتماع عرض المراحل التي قطعتها المفاوضات بين لبنان والصندوق بشأن برنامج التعاون المالي.