وبحسب خبراء، فإن الجزائر يمكنها استخدام العديد من الملفات للضغط على مدريد من أجل التراجع عن الموقف الأخير. ولفتت المصادر إلى أن ورقة الطاقة من أهم الملفات، وكذلك التعاون الأمني وترسيم الحدود بين البلدين.
وأوقفت الجزائر عمليات استقبال المهاجرين غير الشرعيين المطرودين من إسبانيا، على خلفية توتّر العلاقة بين البلدين، بحسب ما ذكرت "الشروق" الجزائرية.
كما نقلت الصحيفة عن الأمين العام لوزارة الخارجية، شكيب قايد، خلال زيارة له إلى العاصمة الإيطالية روما، قوله: "من الواضح أن الجزائر ستراجع كل الاتفاقات مع إسبانيا، في كافة المجالات".
كما أكد قايد أن إسبانيا لم تُبلغ الجزائر بما تعتبره "انحرافا في السياسة الخارجية لمدريد".
في الإطار، قال رشيد علوش الخبير الاستراتيجي الجزائري، إن "الجزائر تتجه نحو إعادة مراجعة جذرية للعلاقات الثنائية مع إسبانيا في مختلف المجالات، بداية بمراجعة الأسعار التفاضلية للغاز، ورفض المطالب الإسبانية والضغوطات الأمريكية الأوروبية لإعادة تشغيل أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "العلاقات بين البلدين قد تتجه العلاقات نحو تخفيض التمثيل الدبلوماسي، خاصة بعد أن طالت فترة إعادة السفير الجزائري إلى إسبانيا".
وأوضح الخبير الاستراتيجي أن "الخطوات الأخرى التي يمكن أن تتخذها الجزائر ترتبط بالملفات الأمنية، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الثنائي حول الهجرة غير الشرعية، كما يمكن الوصول لنقطة تباطؤ الدراسات حول ملف ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتي حدث فيها تقدم في الفترات السابقة".
ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن "الخطوة الأهم التي يمكن أن تتخذها الجزائر تتمثل في تسريع الاتفاقيات الثنائية بين الجزائر وإيطاليا لتصبح الأخيرة محطة أوروبية لتوزيع الغاز الجزائري في أوروبا".
وفي الإطار قال رضوان بوهيدل المحلل السياسي الجزائري، إن "التصعيد الجزائري ليس مع إسبانيا ككل، بل مع جزء من حكومة مدريد بسبب موقفها الأخير من الصحراء".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "التسرع الإسباني في اتخاذ بعض القرارات بشأن قضايا منظورة أمام الأمم المتحدة يعد تصعيدا من قبل وزير الخارجية الإسباني، خاصة أن بعض الوزراء في حكومة مدريد ضد القرار الخاص بدعم "مقترح الحكم الذاتي المغربي" بشأن الصحراء الغربية".
ويرى أن "الجزائر لديها ورقة الطاقة التي يمكن أن تضغط بها على إسبانيا، وأن الفترة المقبلة يمكن أن تتراجع فيها الحكومة عن موقفها السابق تجاه المغرب".
وتعهدت الحكومة الإسبانية في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، وفقا لبيان صدر عن الديوان الملكي المغربي "بضمان سيادة المغرب ووحدته الترابية"، في إطار "المرحلة الجديدة" التي تم تدشينها بين البلدين.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في رسالة وجهها للعاهل المغربي أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب".
وأضاف أن إسبانيا "تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".
ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة من الفتور عقب استضافة إسبانيا رئيس جبهة البوليساريو، من أجل العلاج الطبي باستخدام وثائق جزائرية، ما أدى إلى إثارة غضب المغرب في أبريل/ نيسان 2021.
وخففت الرباط بعد ذلك القيود الحدودية مع جيب سبتة الإسباني في شمال المغرب في 17 مايو/ أيار 2021، ما أدى إلى تدفق ما لا يقل عن ثمانية آلاف مهاجر تمت إعادة معظمهم.
رسائل ودية
وفي يوليو/ تموز الماضي، بعث وزير الخارجية الإسباني الجديد، خوسيه مانويل، برسالة ودية إلى الجانب المغربي.
ووصف وزير الخارجية الإسباني حينها المغرب بـ"الصديق الكبير"، مشدّدا "على ضرورة العمل مع شركاء وأصدقاء بلاده وتعزيز العلاقة معها، خاصة مع المغرب".