تعليقا على تلك الدعوة يقول مدير مركز "القرن العربي" للدراسات الاستراتيجية في الرياض، الدكتور سعد بن عمر، إن: "المشاورات اليمنية - اليمنية التي تجرى بالمملكة العربية السعودية تهدف في المقام الأول إلى إحداث توافق بين المكونات اليمنية وإزالة الخلافات، وعدم حضور الحوثيين (أنصار الله) لا يقلل من شأن تلك المشاورات لأنهم ليسوا المكون الرئيسي السياسي في اليمن، بل هو المكون الرئيسي الذي يملك سلاح".
رؤية مشتركة
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن: "اليمن به أكثر من مكون سياسي، والمكونات السياسية تشمل المجلس الانتقالي في عدن وحزب الإصلاح والمؤتمر وحزب الشعب وحزب البعث العربي الاشتراكي وقوات الحرس الجمهوري والحوثيين وهكذا، إنما الحوثيين ميليشا مسلحة إلى جانب الانتقالي والشرعية."
وتابع بن عمر أنه من المهم أن يجتمع الشعب اليمني على كلمة وهوية واحدة، عندها سوف يخضع الحوثي لأنه سوف يصبح وحيدا، والمشكلة التي قد تغيب عن الكثيرين، أن بعض المكونات اليمنية تعمل ضد بعضها سواء كان سياسيا أو حتى عسكريا، لذا تسعى المشاورات المنعقدة حاليا بالرياض إلى توحيد الكلمة والصف والخروج بتوصيات للشعب والجمهورية العربية اليمنية سواء بوجود الحوثي أو دونه.
وأكد مدير مركز القرن، أن اليمن هو الفائز من مشاورات الرياض لأن الكلمة سوف تتوحد على أقل تقدير بين مجموعة الأحزاب اليمنية التي بينها بعض التنافس أو الاختلاف الأيديولوجي أو العسكري.
وأشار إلى أن: "تلك المشاورات ليست كاتفاق الرياض السابق والذي جرى نظرا لظروف معينة سياسية وعسكرية كانت سائدة وقتها، لكن الآن الموضوع أشمل، والمجلس الانتقالي مكون رئيسي في تلك المشاورات، وأعتقد أن نتائجها ستكون أفضل وأجمل بالنسبة للشعب والدولة اليمنية."
ورقة ضغط
وأوضح بن عمر أن عدم حضور الحوثي في ظل اتفاق جميع اليمنيين سيكون للصالح العام، لأن تلك المشاورات تهدف إلى توحيد الصفوف اليمنية سواء على المستوى التنموي والعسكري أو حتى على مسألة الجنوب، سوف تخرج المشاورات باتفاقيات محددة حول العديد من الملفات.
وحول علاقة الهدنة التي أعلن عنها التحالف بمشاورات الرياض يقول مدير مركز القرن، إن الحوثي لا يريد السلام، ولو كان يريد السلام لحضر إلى تلك المشاورات وأوقف عملياته على مأرب وغيرها، وفي النهاية سوف ينقض الهدنة لأنه لا يلتزم بالاتفاقات أو التهدئة منذ سبع سنوات.
الأطراف الفاعلة
بدورها اختلفت رئيس مجلس الحراك الجنوبي للقوى التحررية بجنوب اليمن، ليلى الكثيري، مع الرأي السابق قائلة: "السعودية تشاور نفسها بنفسها والموالين لها، تلك الجلسات لا تعني اليمن ولا القضية الجنوبية ولا أي شيء يخص إنهاء الحرب في البلاد".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، "إذا كان أحد أطراف الحرب الرئيسيين غير متواجدين في تلك الجلسات، إذا من يحاور من، وأرى أن أي مشاورات أو حوارات لا تخص القضية الجنوبية لا تعنينا بالمرة، فمثلا تجد تلك المشاورات بدون الحوثيين وبدون الشرعية، وعند مشاهدتنا لما يجري نشعر بأن هناك شيء ما يتم التجهيز له للتغطية على الإخفاقات التي جرت وتجري خلال السنوات السبع الماضية".
وتابعت الكثيري: "لو افترضنا أنها مشاورات جادة كما يقولون، ما الذي يمكن أن نحصل عليه كجنوبيين من ورائها، بعد كل السنوات من الخراب والدمار الذي لحق بالبلاد طوال السنوات الماضية، وتوقعت فشل تلك الدعوة قبل أن تبدأ، وقررنا عدم المشاركة منذ البداية لأننا نعلم جيدا أن ما يدور لا يعنينا بشيء، دخلنا العام الثامن للحرب ولا نزال نتشاور، نتباحث، ندلي بالتصريحات، هل حلت المشاورات هذه المعاناة والأزمة التي نعيشها".
كان عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بمجلس التعاون الخليجي قد قال، اليوم الخميس، إن الدعوة لا تزال مطروحة لجماعة "أنصار الله" للانضمام إلى المحادثات اليمنية في السعودية.
وذكرت وكالة "رويترز"، مساء اليوم الخميس، أن الحوثيين قد رحبوا بقرار دعوة الأطراف اليمنية لإجراء محادثات، رغم توضيحهم أن جماعة أنصار الله لن تشارك إلا إذا جرت المحادثات في بلد محايد".
من جهته قال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، اليوم الخميس، خلال لقائه مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن بالرياض، إن "الحكومة لم تكن يوما عائقا أمام أي مبادرات أو جهود لتحقيق السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني، بل تتعاطى بإيجابية مع كل الدعوات تحت سقف المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محليا والمؤيدة دوليا".
واعتبر عبد الملك أن "رفض مليشيا الحوثي لدعوات الحوار وآخرها دعوة مجلس التعاون الخليجي لمشاورات الرياض، ورفض استقبال المبعوث الأممي في صنعاء، واستهداف مصادر الطاقة والمنشآت الحيوية في السعودية للإضرار بالاقتصاد العالمي، تظهر عداوتها للسلام والاستخفاف بمعاناة اليمنيين، كونها تتحرك وفق أجندات ومصالح النظام الإيراني الداعم لها"، على حد قوله.
من جهته، أكد المبعوث الأممي "حاجة اليمن للوصول بشكل عاجل إلى هدنة مع بداية شهر رمضان، وضمان تيسير حرية الحركة والتنقل".
وشدد على "ضرورة استئناف العملية السياسية وأهمية مشاورات الرياض في الوصول إلى حلول للتحديات الاقتصادية الصعبة التي يواجهها اليمنيون وتعزيز فعالية مؤسسات الدولة".
ويشهد اليمن منذ 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40% منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.