تساؤلات كثيرة تطرح في هذا التوقيت.. هل دخل العراق فعليا في مرحلة الفراغ الدستوري في ظل وجود رئيس مفوض من المحكمة وحكومة تصريف أعمال، وما هى السيناريوهات القادمة وإلى متى يبقى الحال على ما هو عليه بعد أن تغلبت المصالح الحزبية والشخصية على المصلحة العامة للبلاد؟
بداية يقول المحلل السياسي العراقي، محمد العقيلي، إن الوضع السياسي العراقي الآن يدخل ضمن الفراغ الدستوري بعد الإخفاق الذي حدث اليوم وعدم اكتمال النصاب لاختيار رئيس البلاد.
الفراغ الدستوري
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن التوقيتات الدستورية التي وضعت لاختيار الرئيس قد تم تجاوزها اليوم، حيث لم تنجح الكتل السياسية في جمع ثلثي عدد البرلمان حتى يصح انعقاد الجلسة، لذا فإن هذا الانسداد في الأفق السياسي يضع البلاد أمام سيناريوهات ثلاث، أحلاها "مر".
وتابع يتمثل السيناريو الأول وهو الأقرب للواقع في بقاء الحال على ما هو عليه، لأن رئاسة البرلمان منتخبة بصورة شرعية وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس الجمهورية والذي لديه "جواز" من قبل المحكمة الاتحادية بمد فترته لتسيير أمور رئاسة البلاد، والحكومة الحالية هى حكومة تصريف أعمال، والجميع مستفيد من هذا الوضع والتقسيمة القديمة، والجميع محافظ على مصالحه الخاصة في الدولة العراقية.
السيناريو الأصعب
ومضى العقيلي، أما السيناريو الثاني، هو الذهاب باتجاه الانتخابات المبكرة بعد حل البرلمان الذي لم يستطيع عقد جلساته وفق قرارات المحكمة الاتحادية العليا، ولا أعتقد أن الشارع العراقي يتقبل مثل تلك الفكرة لأن العزوف في هذه المرة سيكون أكبر مما كان عليه في انتخابات 2021، وهذا الأمر بالغ الخطورة ويمكن أن تفشل العملية الانتخابية حال عودتها مرة أخرى.
أما السيناريو الثالث والذي استبعد المحلل السياسي العراقي حدوثه بنسبة كبيرة، هو جلوس جميع الكتل السياسية على طاولة المفاوضات وتحديد الكتلة الأكبر التي ستقدم رئيس الوزراء القادم، وهذا الأمر يحتاج إلى اتفاقات داخلية فيما بين الأكراد وبعضهم وأيضا بين الكتل الشيعية-الشيعية، السنية - السنية، وهذه الاتفاقات يمكن رفعها ليتم الاتفاق بين المكونات الثلاث في البلاد وإنهاء الأزمة، والاتفاق على برنامج عمل حكومي ينظم عمل البرلمان والجهات التنفيذية ومنها الحكومة ورئاسة الجمهورية.
العودة إلى التوافقات
من جانبها، قالت عضو اللجنة العليا في الميثاق الوطني العراقي، الدكتورة فاطمة العاني، إن الكتل السياسية والأحزاب والمليشيات في المشهد السياسي العراقي تحاول أن تجد لها توافقات فيما بينها من أجل الحصول على المناصب، هذا الأمر هو الذي أوصل البلاد إلى تلك المرحلة المتأخرة واستنفاذ الفترات الزمنية التي حددها دستور البلاد.
وأشارت في حديثها لـ"سبوتنيك"، إلى أنه وبعد إخفاق البرلمان اليوم في عقد جلسة لاختيار الرئيس الجديد للبلاد، أعتقد أن الوضع سوف يستمر إلى أن تقبل جميع المكونات السياسية على صيغة توافقية فيما بينها، لأنه لن تكون هناك حكومة أغلبية، لأن السير في هذا الاتجاه لن يخدم مصالح أي طرف منهم، ولن يستمر التمسك بالآراء الموجودة في الوقت الحاضر من الأغلبية أو الكتلة الأكبر لن يكون لها أي موقع في المرحلة القادمة، لأن هذا هو ديدن الحكومات المتعاقبة فيما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003 .
تجربة سياسية فاشلة
بدوره، يرى عبدالملك الحسيني، المحلل السياسي العراقي، أن الانسداد السياسي الحالي والأزمة السياسية الخانقة التي يمر بها العراق ما بعد الانتخابات الأخيرة يعد محصلة طبيعية لتجربة سياسية فاشلة، بنيت أساساتها على التقاسم والمحاصصة والتوافقية كانت غايتها الأساسية تحقيق مصالح حزبية وفئوية وطائفية ضيقة بعيداً عن الفضاء الوطني الواسع وأسس بناء دولة المؤسسات.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، قطعا ومن غير المنطقي أن يستمر الحال على ماهو عليه من دون إيجاد مخرج، والأنظار في هذه الأزمة تتجه نحو قطبي الخلاف المتمثل في الإطار التنسيقي والتيار الصدري أن يخرجا بمبادرة تدفع عجلة العملية السياسية نحو الأمام، خصوصا وأن الساعات الماضية شهدت اجتماعات الإطار التنسيقي في منزل السيد هادي العامري للبحث في طبيعة المبادرة التي يمكن أن يتقدم بها الإطار، والتي من شأنها حل الأزمة نحو التوافق السياسي أو تحقيق أغلبية المكون التي يسعون إليها، والمرفوضة من قبل الصدر إلى هذه اللحظة.
تغير في المعادلة
وتابع الحسيني، بالمقابل هناك حوار كردي- كردي مابين الحزبين الكرديين بغية التوصل إلى توافق حول مرشح رئيس الجمهورية، وهذا الاتفاق إذا ما تم ربما سيحدث تغيرا في المعادلة لصالح تحالف إنقاذ وطن، اذا ما نجح الديمقراطي في استقطاب الاتحاد الوطني نحو تحالف الأغلبية الوطنية، أما التحالف السني المتمثل بـ "السيادة" فهو الأكثر استقرارا إلى هذه اللحظة بفعل تماسك قيادته المتمثلة بالحلبوسي والخنجر والذي مكنه من الحصول على استحقاقه في رئاسة البرلمان، بعكس الشريكين الآخرين الشيعي والكردي الذين عصفت بهما الخلافات الداخلية.
ودخل العراق، اليوم الأربعاء، مرحلة الفراغ الدستورى بعدما عجز البرلمان منذ أول جلسة عن انتخاب رئيس للجمهورية، حسبما نقلت "السومرية نيوز".
وكان البرلمان العراقي قد فشل مرتين في اختيار رئيس جديد للبلاد خلال الأسبوعين الماضيين بعد تعذر حضور ثلثي أعضاء البرلمان لجلسة التصويت على الرئيس كما تتشرط المحكمة الاتحادية العليا وذلك بسبب عدم التوافق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي للقوى الشيعية على انتخاب رئيس الجمهورية والمضي بتشكيل الحكومة الجديدة.
وعن حل البرلمان وإعلان حكومة طوارئ تقود البلاد نحو انتخابات جديدة رأى رئيس المجلس الأعلى للقضاء العراقي، القاضي فائق زيدان، في تصريحات صحفية الأحد الماضي، أن ذلك يحتاج إلى توافق أغلب القوى السياسية، واعتبر أن الوقت ما زال مفتوحا للقوى السياسية للتفاوض فيما بينها لمعالجة الأزمة السياسية، مؤكدا أن "القضاء يضطلع بدور وطني ويقترح حلولا دستورية وقانونية لمعالجة الأزمة والانسداد السياسي وهذا ليس تدخلا في السياسة".