ومنذ منتصف العام الماضي 2021، جُمّدت المشاورات التي جرت بين البلدين، ولم تصدر أي تصريحات بشأن تجميدها حينها، فيما يشير الخبراء إلى أن عودة أنقرة لتطبيع العلاقات مع مصر مرتبط بالجانب الاقتصادي. وأن أنقرة تسعى لإعادة العلاقات مع دول المنطقة وتعي أهمية دور مصر في مجمل القضايا العربية.
معلومات غير صحيحة
منذ أيام، تحدثت تقارير إعلامية عن عزم تركيا تعيين سفيرها الجديد في القاهرة بعد نحو 9 سنوات من سحب السفير السابق، غير أن الجانب التركي نفى الخطوة، لكنه تحدث في الوقت ذاته عن خطوات إيجابية تقدم عليها أنقرة مع الجانب المصري خلال الفترة المقبلة.
من ناحيته، قال كرم سعيد الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والمتخصص في الشؤون التركية، إن "التقارير التي أشارت إلى أن تركيا ستعيد سفيرها إلى القاهرة غير صحيحة". موضحا أن "ما حدث هو أن القائم بأعمال السفير التركي بالقاهرة سيتم تغييره بعد انتهاء الفترة الرسمية له".
مؤشرات هامة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "هناك جملة من المؤشرات تشير إلى استمرار التهدئة بين مصر وتركيا، والدخول في مساحات أعمق من التعاون، أولها زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين الذي وصل إلى ما يقرب من 11 مليار دولار تبادل تجاري، ورغبة أنقرة في إنهاء المشاكل مع القوى العربية".
دور الإمارات
وأشار إلى أن "التطور الكبير في العلاقات مع الإمارات وانعقاد المنتدى الاستراتيجي مع البحرين، وغلق قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي نهائيا، يشير إلى تحسن في مستوى العلاقات بين تركيا والجانب العربي".
وأكد أن "أنقرة تسعى لمحاولة توظيف علاقتها مع الدول العربية لمواجهة الضغوط التي تمارس عليها في منطقة شرق المتوسط، بينما تحرص القاهرة على ترتيب علاقاتها مع الدول الإقليمية، خاصة وأن ملف "الإخوان" لم يعد له أي قيمة".
تحديات جمة
وشدد سعيد على أن "جملة من التحديات لازالت تقف حجر عثره أمام تطبيع العلاقات في المدى القريب، على رأسها ما يرتبط بدور تركيا في المشهد الليبي ومحاولة تعزيز وجودها في غرب ليبيا، وكذلك التحركات التركية في الشرق الأوسط التي تمس حلفاء القاهرة، بالإضافة إلى الخلاف حول تنظيم الإخوان وطلب مصر عناصر إخوانية بعينها منحتها تركيا الجنسية".
دوافع العودة التركية
في الإطار، قال فراس أوغلو، المحلل السياسي التركي، إن "أنقرة تسعى لإعادة تطبيع العلاقات مع مصر نظرا لدور القاهرة المهم في قضية شرق المتوسط والملف الليبي والقضايا العربية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الحوار بين البلدين ظل مجمدا لفترة ما، إلا أن التقارب التركي مع الإمارات يمكن أن ينعكس على العلاقات مع مصر، خاصة أن الدور السياسي الذي تقوم به الإمارات في المنطقة واضح في مجمل الملفات".
دور واشنطن
ويرى أوغلو أن "واشنطن أيضا ربما يكون لها دورها في ملف الطاقة ومد خط الغاز نحو أوروبا من إسرائيل، وكذلك عمليات تسييل الغاز في مصر".
ويرى أن "عودة الهدوء للمنطقة يرتبط بالعائد الاقتصادي وملف الطاقة، وأن الدول لم يعد أمامها سوى اتخاذ خطوات للوراء متبادلة من أجل فتح صفحة جديدة من العلاقات ترتبط بشكل أساسي بالناحية الاقتصادية".
نفي رسمي
وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الخميس، أنه لم يتم اتخاذ قرار تعيين السفير الجديد بالقاهرة بعد.
وقال تشاووش أوغلو، إن تركيا "ستقدم قريبا على خطوات بخصوص تطبيع العلاقات مع مصر"، وفقا لما نقلته وكالة أنباء "الأناضول" التركية الرسمية.
وأضاف تشاووش أوغلو عقب مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول حلف الناتو في العاصمة البلجيكية بروكسل: "أقدمنا على عدد من الخطوات في إطار تطبيع العلاقات مع مصر، وخلال الأيام المقبلة سنقدم على خطوات أخرى في هذا الخصوص".
وفي 6 مايو/ آيار 2021، اختتمت المباحثات الاستكشافية بين الوفدين المصري والتركي، التي عقدت في القاهرة، برئاسة نائب وزير الخارجية المصري حمدي لوزا، ونظيره التركي سادات أونال.
وقال بيان مشترك صدر بعد محادثات استمرت يومين "كانت المناقشات صريحة ومعمقة، حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلا عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق، وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط".