هل تنجح الهدنة في أن تصل بالبلاد إلى سلام شامل، ولماذا قبلت ورحبت كل الأطراف المحلية والدولية بالهدنة دون تحفظات؟
بداية يقول المحلل السياسي اليمني من صنعاء أكرم الحاج، أعتقد أن كل الأحداث التي تجري خلال الأيام الماضية بخصوص الحرب اليمنية، جميعها تدور حول جاهزية المملكة العربية السعودية للخروج من التحالف العربي الذي يقود الحرب منذ 8 سنوات.
المشهد الحالي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هكذا يبدو المشهد الحالي غير المعلن والمتعلق بالأزمة اليمنية، إلا أن حقيقة الأمر على أرض الواقع، هو حالة متسارعة لإيجاد حلول لوقف الحرب في اليمن تحت أي مسمى"هدنة ومشاورات أو غيرها"، وهناك خليط من الأفكار والأحداث التي تدور ولكنها تبدو ضبابية لعدة اعتبارات.
وتابع الحاج: "الدستور اليمني واضح فيما يتعلق بعملية نقل الرئيس سلطاته كما حدث مع هادي، وحدد الدستور متى يتم نقل السلطة ولمن تتم عملية النقل، حيث كان على مجلس النواب اليمني أن يستلم المرحلة الانتقالية، ناهيك عن أن هناك نائب للرئيس هادي، ويحق له أيضا قيادة المرحلة الانتقالية".
واستطرد: "لكن ما حدث مع هادي، لم يكن تنازل، إنما كانت عملية إقالة، الهدف منها التخلص من جناح حزب الإصلاح وهو نائب الرئيس علي محسن الأحمر، وفي المقابل صعود قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام ممثلا في رئيس المجلس الرئاسي "رشاد العليمي"، علاوة على "المؤتمري" طارق صالح والذي يقود ألوية حراس الجمهورية، والمحرمي قائد ألوية العمالقة السلفية".
وتابع: "يتكون المجلس من جزأين، أحدهما عسكري والآخر سياسي، وبالنسبة للجانب السياسي فيشمل المؤتمر الشعبي العام "الحزب الحاكم السابق" والانتقالي، إذ أن جميع مكونات المجلس ولائهم للإمارات والسعودية".
موقف صنعاء
وحول الزيارة الأولى للمبعوث الأممي هانس غرونبرغ، إلى صنعاء وعلاقتها بالهدنة يؤكد المحلل السياسي، أن موقف صنعاء من الحرب واضح منذ سنوات، ومعلن للجميع، "إذا أرادوا أن يذهبوا إلى أي حلول سلمية، هناك شرط أساسي لصنعاء، هو وقف القتال ورفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، بخلاف تحقيق ذلك فإن صنعاء تعتبر كل ما يدور لن يحقق السلام الشامل في البلاد".
الزيارة الأولى
ووصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرونبرغ، أمس الإثنين، إلى صنعاء، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه في أغسطس/ آب 2021.
ومن المرجح أن يعقد المبعوث الأممي مباحثات مع "أنصار الله" تتناول سبل ترسيخ الهدنة التي تم التوصل إليها مؤخرا لمدة شهرين، وإقناع الجماعة بالدخول في مشاورات مباشرة مع الحكومة اليمنية لحل أزمة البلاد.
إرادة دولية
وفي المقابل يقول المحلل السياسي الجنوبي، أوسان بن سده، سنوات طويلة من الحرب في ظل المنظومة السابقة للشرعية اليمنية وعجزها عن تحقيق أي تقدم سواء في الجانب العسكري أو السياسي وجانب المفاوضات مع الحوثيين"أنصار الله"، هنا استدعى الأمر إحداث تغيير وتجديد في المنظومة الحالية، في ظل هدنة يسعى المجتمع الدولي لتثبيتها من خلال المبعوث الأممي.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن التغييرات التي حدثت هى إزاحة هادي ونائبه واستبدال الوضع الذي كان قائما بقوة نافذة على الأرض تستطيع العمل في الاتجاهين، أولهما الدخول في مفاوضات ندية وحقيقية مختلفة عن السابق مع "الحوثيين" بشروط أو تحت ضغط.
وتابع: "أعطت الشرعية السابقة للحوثيين الكثير من النقاط وكانت هزيلة في أي عملية تفاوض، علاوة على ذلك فإن القوة الموجودة الآن في مجلس القيادة المؤقت والذي أوكلت إليه كل صلاحيات هادي، تستطيع أن تحسم الكثير من المعارك على الأرض وتغير من المعادلة السياسية بشكل كامل.
الخيارات المتاحة
وتابع المحلل السياسي: "نحن اليوم أمام خيارين في الأزمة اليمنية، إما التهدئة وخفض شروط الحوثي في هذه المرحلة من التهدئة التي جاءت بعد الكثير من العمليات التي قامت بها جماعة صنعاء ضد السعودية والإمارات وتهديده لمنابع الطاقة العالمية في المنطقة، لذا فإن الهدنة الحالية مطلوبة دوليا في ظل أزمة الطاقة الحالية"، مضيفا: "لكني أعتقد أن تلك الهدنة أو التهدئة لن تصمد أو تستمر كثيرا".
وتوقع بن سدة أن القيادة اليمنية المؤقتة والتي أوكلت لها صلاحيات هادي، سوف تستعد وتضغط عسكريا على الحوثيين بشكل عسكري وخططي جديد، يشكل تهديد قوي على الحوثيين وقد يصلون إلى مشارف صنعاء، هذا في حال استمرار تعنت الحوثيين فيما يتعلق بالمفاوضات والمشاورات، وقد يختلف الأمر كثيرا إذا تم القبول بالمشاورات والمفاوضات.
وفي 7 أبريل/ نيسان 2022، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قرارا بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ناقلا إليه كافة صلاحياته وصلاحيات نائب الرئيس، وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
ويشهد اليمن منذ 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40 في المئة منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.