مسيرات حاشدة ردا على اقتحام الأقصى... هل تندلع انتفاضة جديدة ضد إسرائيل؟

الاقتحام الذي أدى إلى إصابة 158 فلسطينيا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، واعتقال ما يزيد عن 400 فلسطيني، ما واجه تنديدا عربيا ودوليا على نطاق واسع، وسط مخاوف من الدخول في مواجهات وحرب مباشرة.

وشارك آلاف المواطنين الفلسطينيين الذين قدموا بمسيرات من مختلف مساجد مدينة غزة بعد صلاة الجمعة في المهرجان المركزي الحاشد للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية بميدان فلسطين "الساحة" وسط مدينة غزة، نصرة للقدس والأقصى.

وهتف المشاركون الذين انضموا للمهرجان من خلال مسيرات جابت شوارع غزة بشعارات تندد باعتداءات إسرائيل على المسجد الأقصى، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك الفوري من أجل حماية المسجد الأقصى المبارك.

وفي كلمتها، حذرت لجنة القوى الوطنية والإسلامية، إسرائيل من استمرار "عدوانها" بالقدس والمسجد الأقصى، مؤكدة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث، وفقا لصحيفة "الغد".

وقالت لجنة المتابعة للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، إن جماهير غزة تخرج اليوم لتعلن "دعمها وإسنادها لأهلنا في القدس وجماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية".

وأكدت رفض الشعب الفلسطيني لكل المحاولات الإسرائيلية بفرض الهوية الدينية اليهودية على القدس المحتلة، ورفض "ممارسات الاحتلال لذبح القرابين" بالمسجد الأقصى المبارك وفرض مخططاته فيه.

وقال المتحدث باسم حركة "حماس"، فوزي برهوم، خلال المسيرة نفسها في ميدان فلسطين وسط غزة نصرة للأقصى إن "شعبنا وفصائله وقواه مسخرين للدفاع عن القدس والأقصى".

وأضاف: "سنرسخ مجددا مسار الدفاع عن القدس، وسندشّن عنوان للمرحلة المقبلة أن السلاح سيقابل بسلاح والقوة ليس لها علاج إلا بالقوة، وسندافع عن القدس والأقصى بكل قوة".

اعتبر الدكتور أسامة شعث أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن ما تقوم به إسرائيل من اقتحامات متواصلة للمسجد الأقصى باعتقال مئات الشباب والأطفال المصليين العزل وإصابة المئات منهم بالرصاص الحي ينذر بانفجار خطير، لا سيما وأن الشعب الفلسطيني بكل قياداته وقواه ومكوناته وطاقاته موحد في سبيل الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن المخططات اليهودية وما يسمى بذبح القرابين هي شعوذة يهودية لا علاقة لها بأي طقوس دينية حقيقية وهي اختراع يهودي من اليمين المتطرف الهدف منه تدنيس وانتهاك حرمة المسجد الأقصى.

وتابع أن "وحشية وغطرسة الاحتلال الإسرائيلي لن تمر مرور الكرام، والشعب الفلسطيني الصامد سيواصل دفاعه وتصديه للاحتلال وقطعان المستوطنين"، مؤكدا أن شعب وأرض فلسطين في كل أماكنها ومدنها وقراها ومخيماتها في حالة غليان وغضب لن تخمد شرارته إلا بتراجع إسرائيل عن أفعالهاوعدوانها.

وأكد أن المسيرات والمواجهات التي اندلعت في كل المدن والقرى تنذر باندلاع انتفاضة شعبية عارمة وشاملة وأساليب جديدة، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني ليس لديه ما يخسره في سبيل الدفاع عن الأقصى والمقدسات.

وطالب شعث القوى السياسية الفلسطينية بالوحدة الكاملة لأجل الدفاع عن المسجد الأقصى، كما دعا إلى استنفار كل السفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينية والعربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لضرورة وسرعة التحرك الدولي لشرح خطورة ما يجري على الأرض من "انتهاك صارخ بحق المسجد الأقصى والمقدسات وبحق الأرض والشعب الفلسطيني".

وطالب شعث الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالكف عن الصمت المعيب تجاه "العدوان الإسرائيلي" على الشعب الفلسطيني، مضيفا أن سياسة الكيل بمكيالين أصبحت بضاعة فاسدة وغير مقبولة على الشعب الفلسطيني، محذرا من استمرار هذا التخاذل الدولي وسياسة الكيل بمكيالين تجاه القضية الفلسطينية.

بدوره اعتبر المستشار زيد الأيوبي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن اقتحام السلطات الإسرائيلية للمسجد الأقصى دليل على أن "حكومة الاحتلال وقيادات المستوطنين" يسعون للتصعيد الميداني كونهم يعلمون أن المسجد له مكانة خاصة في نفوس كل الفلسطينيين والمسلمين والعرب، وأن هذا الاقتحام والاعتداء على المصلين يشكل مسّا خطيرا بمشاعر المسلمين والمقدسيين.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن المسيرات والمظاهرات الشعبية التي تنطلق في كافة المدن الفلسطينية هي الرد الطبيعي على "جرائم إسرائيل" وتهديد المستوطنين بذبح القرابين في ساحات المسجد الأقصى.

وأفاد الأيوبي بأن الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى كانت دائما السبب الرئيسي لاندلاع الانتفاضات الشعبية السابقة، وإسرائيل ستتحمل النتائج والعواقب الكارثية التي قد تعصف بالمنطقة نتيجة لهذه الاعتداءات.

ونوه بأن المجتمع الدولي لم يتحرك تجاه هذه الجرائم الإسرائيلية واكتفى بالإدانات والاستنكارات والمطالبة بالهدوء بدلا من أن يتخذ قرارات صارمة بحق حكومة إسرائيل، وهو ما يؤكد فكرة الكيل بمكيالين وعدم جدية الكثير من دول العالم الكبرى وخصوصا أمريكا في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

قالت تقارير إعلامية إن الفصائل المسلحة في غزة، تلقت وعودا من وسطاء بالضغط على إسرائيل مقابل عدم تصعيد المقاومة عسكريا بسبب الأحداث في القدس.

وحسب موقع "القدس العربي"، فإن مصادر مطلعة أكدت أن اتصالات كثيرة تلقتها الحركات المسلحة في غزة طالبتها بعدم الذهاب لتصعيد عسكري مقابل وعود بالضغط على إسرائيل.

وأكدت المصادر أن الوعود شملت "عدم حدوث فعاليات أو أعمال في المسجد الأقصى تبعثر الأوراق من جديد"، حسب تعبيرهم.

لكن المصادر استدركت مؤكدة أن "قوى المقاومة أنذرت بشكل قوي بأن غزة ستتدخل بسرعة تفوق كل التوقعات في حال أقدم الاحتلال على أفعال جديدة تمس المسجد الأقصى".

ولفتت إلى أن تهديد الفصائل شمل "التدخل أيضا في حال استمر التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد الضفة، والذي يسفر يوميا عن سقوط شهداء".

دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سابقا، جميع الفلسطينيين إلى "النفير في جمعة فجر حماة الأقصى"، مؤكدة على "ضرورة الاحتشاد والرباط والاعتكاف في رحاب المسجد الأقصى اليوم الجمعة، دفاعا عن القدس والأقصى، وحمايتهما من خطر الاحتلال وتغول المستوطنين، وإفشالا لخطط تدنيس الحرم فيما يسمى ذبح القرابين".

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية، صباح اليوم الجمعة، أن قوات كبيرة من الجيش والشرطة الإسرائيليين اقتحمت باحات المسجد الأقصى عقب صلاة الفجر، وأطلقت وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية المغلفة بالمطاط تجاه المصلين.