ما هي الأدوات التي تمتلكها بغداد في مواجهة تركيا، لماذا تدخل تركيا إلى شمالي البلاد دون التنسيق مع السلطات العراقية؟
وعلق عضو الميثاق الوطني العراقي، عبد القادر النايل، على عملية القصف الأخيرة للجيش التركي لحزب العمال شمالي العراق، بقوله: "إن تواجد الحزب في شمال العراق وسيطرته على سنجار بشكل علني وتحكمه بإدارتها بعد ما طرد القائمقام منها، يعبر عن عجز صريح وواضح للحكومات المتعاقبة بشأن إرسال وحدات عسكرية من الجيش الحكومي الذي طرد من سنجار بعد إحراق حزب العمال عدد من آلياته قبل عدة أشهر من هذا العام أدى إلى تمدد عناصر الحزب".
اتفاقات وتفاهمات
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن هناك اتفاقا غير معلن بين ميليشيات الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني وضباط من الحرس الثوري الإيراني في منطقة سنوني، على تشكيل تحالف للسيطرة على الحدود السورية العراقية والتضييق على أربيل، مقابل دعم مالي وعسكري لحزب العمال لاستهداف تركيا.
وأوضح النايل أن انفجار الوضع مؤخرا والتدخل العسكري البري والجوي للجيش التركي لملاحقة ميليشيات الحزب شمالي العراق تعتمد فيه أنقرة على عدة اتفاقيات مع الجانب العراقي، تنص على السماح لتركيا بالتوغل داخل الأراضي العراقية في ملاحقة PKK، وبعض الأطراف السياسية تؤيد سرا هذه العملية العسكرية لأنها ستضعف تحالفات الإطار التنسيقي الذي يؤخر تشكيل الحكومة.
أوراق ضغط
واستطرد: "من هنا أقول إن السلطات الحكومية لا تملك أي أوراق يمكن من خلالها إيقاف أي عملية عسكرية تستهدف العمق العراقي، لأنها تفقد السيطرة على جرف الصخر شمال بابل بالكامل وتفقد السيطرة على سنجار وأجزاء من الموصل، وتفقد السيطرة على الحدود العراقية السورية ولم تفعل أي شيء لاستعادة سيادتها الداخلية أولا، حتى تفرض احترامها على دول الجوار ومن يفقد سيادته الداخلية سيتجرأ عليه من ينتهك سيادته الخارجية، وهذا ما يحدث الآن".
وشدد النايل على أنه كان الأولى للقوات الحكومية في العراق طرد ميليشيات حزب العمال الكردستاني والميليشيات اللبنانية والإيرانية من العراق، ورفض استخدام الأراضي العراقية لشن أي هجمات على دول الجوار جميعا بما فيها الخليج الذي أعلنت ميليشيا تابعة للحشد مسؤوليتها عن قصف الإمارات والحكومة لم تتخذ أي إجراءات قانونية ضدهم.
وأوضح النايل أن الدستور الحالي ينص على عدم السماح بتواجد كيانات غير عراقية تستهدف دول جوار العراق، لكنهم يخرقون كل المواد القانونية الملزمة لهم ثم يستمرون بالشجب والاستنكار إعلاميا، ومنهم من يتواصل مع تركيا سرا يقدم التأييد للعملية العسكرية، لذا لا وجود لأي أوراق لدى الحكومة يمكن من خلالها إثبات قدرتها على المحافظة على السيادة العراقية المنتهكة من ذات الأحزاب السياسية الحاكمة في البلاد.
حملة مستمرة
بدوره، يقول اللواء جمال الحلبوسي، الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، إن الهجوم الجديد الذي تشنه تركيا ضد حزب العمال الكردستاني PKK شمالي العراق يأتي ضمن حملة تركية مستمرة شمالي العراق وسوريا ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية السورية والتي تعتبرهما أنقرة جماعات إرهابية.
وأضاف في حديثه لوكالة "سبوتنيك"، أن تركيا أعلنت عن عمليات جديدة تمثلت بقصف جوي ومدفعي وتوغل بري استهدف عدة مواقع تابعة للحزب مستخدمة طائرات حربية وهليكوبتر ومسيرات ضد أهداف للمسلحين الأكراد في مناطق مختلفة من شمال العراق تراوحت بين معسكرات ومستودعات للذخيرة.
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن "عمليتنا مستمرة بنجاح حتى الآن، وكما هو مخطط لها فقد تم اعتقال الأهداف التي تم تحديدها في المرحلة الأولى" ووفق بيان وزارة الدفاع التركية، أمس الاثنين، أن العملية تركزت على مناطق "ميتينا وزاب وأفاشين - باسيان" في شمال العراق، وإلى جانب الإسناد الجوي فقد شاركت قوات من الكوماندوز وقوات خاصة أيضا من البر والجو، وتشن تركيا غارات جوية بين الحين والآخر على شمال العراق مستهدفة حزب العمال الكردستاني الذي حمل السلاح ضد الدولة التركية منذ عام 1984 وتسبب في خسائر تزيد على 40 ألف شخص لقوا حتفهم في الصراع الذي كان يتركز سابقا بشكل أساسي في جنوب شرق تركيا.
انتقادات من بغداد
وتابع الحلبوسي، في الوقت الذي يعتقد مسؤولون أتراك أن بغداد تساندهم بقوة في محاربة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، جاء انتقاد العراق لهذه العملية العسكرية التركية الجارية حاليا، حيث أعربت الرئاسة العراقية عن بالغ قلقها إزاء هذه العمليات في وصفها بأنها خرق للسيادة العراقية وتهديد للأمن القومي العراقي.
واستطرد: "والمتتبع لما يصدر من بيانات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية يجدها لا تتعدى سوى الشجب والاستنكار وأن العراق يعد هذا العمل خرقا لسيادته، وعملا يخالف المواثيق والقوانين الدولية التي تنَظِم العلاقات بين البلدان ويخالف مبدأ حسن الجوار، أو الدعوة لكي لا تكون أراضي العراق مقرا أو ممرا لإلحاق الضرر والأذى بأي من بلد من دول الجوار، وأن لا يكون العراق ساحة للصراعات وتصفية الحسابات لأطراف خارجية أخرى، وتختفي الأصوات الصادقة إلا ما ورد بانتقاد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري للعملية العسكرية قائلا:، في تغريدة له على حسابه الشخصي على تويتر "الجارة تركيا قصفت الأراضي العراقية بغير حق وبلا حجة، وكان عليها التنسيق مع الحكومة العراقية لإنهاء الخطر الذي يداهمها من الأراضي العراقية، والقوات الأمنية العراقية قادرة على ذلك".
التعاون الأمني
ولفت الخبير العسكري إلى أنه لا يبدو في الأفق أن الحكومات الثلاثة جادة في إجراء التعاون الأمني المشترك فيما بينها من أجل خلق بيئة آمنة في المناطق الجغرافية الرخوة التي ينشط فيها الأرهاب بين العراق وتركيا وسوريا، وهذا يتطلب لقاءات واجتماعات تنسيقية على مستويات سياسية ودبلوماسية وعسكرية عالية، وتنظيم وإعداد الخطط المشتركة والمناسبة والدائمة بين هذه الأطراف وتعيين مكاتب تنسيق مشتركة لإدامة المعلومات الاستخبارية والأمنية بين القطاعات الماسكة لقواطع العمليات، لضمان إيقاف التعدي المستمر وزعزعة الأمن دون تفسير العمليات العسكرية التركية بأنها اعتداء على دول الجوار وانتهاك لسيادتها.
واستدعت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الثلاثاء، السفير التركي في العراق علي رضا كوناي، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية العملية العسكرية التركية في شمال العراق.
وقالت الوزارة، في بيان لها أنه "تم تسليم السفير مذكرة احتجاج شديدة اللهجة"، داعية إلى "الكف عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية، والخروقات المرفوضة". وجددت الخارجية العراقية مطالبتها بـ"انسحابِ كامل القوات التركية من الأراضي العراقية بنحو يعكس احتراما ملزمَا للسيادة الوطنية"، موضحة أن "العراق يمتلك الحَق القانوني لاتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي إزاءَ أعمال عدائية وأحادية الجانب كهذه، والتي تجري دون التنسيق مع الحكومة العراقية".
الجيش التركي
وأكدت أن "انتهاك سيادة العراق لن يكونَ أرضية مناسبة لإيجاد حلول تشاركية ومستدامة للتحديات الأمنية، التي تضع أولوية زيادة التعاون الأمني بين الجانبين، سبيلاً ناجعاً لتحقيق المصالح المرجوة ومواجهة التحديات".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف في بيان حصلت عليه "سبوتنيك"، إن "حكومة جمهورية العراق ترفض رفضا قاطعا وتدين بشدة العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية وشملت تنفيذ قصف داخل الأراضي العراقية".
ولفت إلى أن العملية شملت تنفيذ عمليات قصف بمناطق متينة والزاب وأفاشين وباسيان في شمال العراق، مشيرا إلى أن الجيش التركي استخدم مروحيات "أتاك" وطائرات مسيرة خلال تلك العمليات.
وقال البيان إن "العراق يعتبر هذه العمليات خرقا لسيادته وحرمة البلاد"، مؤكدا أن هذا العمل يخالف المواثيق والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين البلدان ويخالف مبدأ حسن الجوار الذي ينبغي أن يكون سببا في الحرص على القيام بالعمل التشاركي الأمني خدمة للجانبين".
يذكر أن تركيا أطلقت، فجر أمس الاثنين، عملية "قفل المخلب" ضد عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق شمالي العراق.
وعقب انطلاق العملية العسكرية، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريحات له إن "قفل المخلب" تأتي في إطار القضاء على معاقل الإرهاب شمالي العراق، وضمان أمن الحدود التركية، مع احترام سيادة العراق "الصديق والشقيق ووحدة أراضيه".