بيديه الصغيرتين، يقلّب الطفل خالد بين الألبسة الموزّعة على الطاولات، حسب الأعمار، ليختار منها اللون الذي يحب، وكيفما اتفق ما يتمنى مع ما هو موجود.. يأخذ وقته وهو يلائم بين القميص والبنطال، ليتفرّغ لانتقاء الحذاء المناسب، فيصبح جاهزاً لاستقبال العيد.
بابتسامته التي اختصرت كل ما يجول في خاطره وبين جوانحه، يقول الطفل خالد لـ"سبوتنيك": "اخترت ملابس العيد، وأنا سعيد جداً بها، وبتُّ أعد الأيام المتبقية حتى يأتي العيد لأرتديها، لأنني منذ اليوم جاهز لاستقبال العيد"، مضيفاً: "كل الشكر للجمعية التي تهتم بنا وتؤمن لنا احتياجاتنا".
جمعية خيرية توزّع ملابس وهدايا العيد على أيتام وفقراء اللاذقية
© Sputnik . Monzer Said
الطفلة أميرة، كانت تقبض بشدة على الكيس الذي وضعت فيه الملابس التي اختارتها، وهي تنقّل ناظريها بين الألعاب، وتشرح: "لا تكتمل فرحة العيد إلا بالألعاب والحلوى.. كل شيء موجود هنا، والجميع يعبّر لنا عن محبته واهتمامه بسعادتنا، ونحن نبادلهم كل الحب وندعوا لهم بالرزق".
للتخفيف من غلاء المعيشة
لم تقتصر الفرحة على الأطفال، الذين كانوا يتنقّلون بين صالات الألبسة والأحذية والألعاب وهم يحيون عيدهم الذي سبق عيد الفطر، حيث كان الأهالي يقاسموهم الفرح ويزيدون عليه بشعور الامتنان للقائمين على الجمعية لمساعدتهم في تأمين مستلزمات أطفالهم في ظل الظروف الاقتصادية القاسية.
أمل خبّازة (أم لخمسة أولاد) تقول لـ"سبوتنيك": "في ظل غلاء المعيشة وضيق الحال، لا نستطيع أن نشتري ثياباً لطفل واحد، فكيف إذا كان لدي خمسة أطفال؟ خاصة أننا بالكاد نستطيع أن نتدبر أمور الحياة الضرورية في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة".
جمعية خيرية توزّع ملابس وهدايا العيد على أيتام وفقراء اللاذقية
© Sputnik . Monzer Said
وأضافت: "كل الشكر لـ"فاعلي الخير" الذين يتبرعون للجمعية، وللقائمين على الجمعية الذين يوزعون لنا السلل الغذائية، ويقدمون لنا تبرعات نقدية تساعدنا على تدبّر أمور الحياة، بالإضافة لتقديم الملابس والأحذية والحلويات حتى لا يشعر أولادنا بالدونية تجاه غيرهم من الأطفال".
مجهود شخصي
المدير التنفيذي لجمعية "البشائر" حسام قباعة، قال لـ"سبوتنيك": "نقوم بتوزيع الملابس والأحذية لـ 900 مستفيد، بينهم 350 طفلاً يتيماً، بالإضافة لعائلات فقيرة، لا تستطيع شراء ملابس العيد لأطفالها، مبيناً أن الأولوية للأطفال الأيتام".
الغاية من هذه المبادرة، حسب قباعة، هي رسم البسمة وزرع الفرحة في قلوب الأطفال، والمساهمة في التخفيف عن العائلات المستهدفة وهي الأشد احتياجاً، بمواجهة غلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطن بسبب العقوبات القسرية المفروضة على سوريا.
حول آلية توزيع الملابس، أوضح قباعة أنه يتم وضع الملابس والأحذية على طاولات، ليقوم الأطفال وذويهم بانتقاء الملابس حسب أذواقهم ومقاساتهم، حيث يجربون الملابس والأحذية للتأكد من صحة قياسها.
جمعية خيرية توزّع ملابس وهدايا العيد على أيتام وفقراء اللاذقية
© Sputnik . Monzer Said
وحسب قباعة لا تقتصر المبادرة الإنسانية على الملابس والأحذية، وإنما تشمل أيضاً تقديم هدايا وألعاب للأطفال بمناسبة العيد، بالإضافة للحلويات، مضيفاً: "حرصنا في اختيار الملابس أن تكون ذات نوعية جيدة وبموديلات عصرية، وكأننا نختارها لأولادنا".
وأكد قباعة أن ما تقدمه الجمعية يتم بمجهود شخصي من قبل أسرة الجمعية، ويقوم على أساس جمع التبرعات من الأشخاص ميسوري الحال، مبيناً عدم وجود أي عقد بين الجمعية وبين أي منظمة إنسانية.
وإذ أوضح قباعة أن الجمعية تستمر بتوزيع الملابس والأحذية والهدايا للأطفال حتى 28 رمضان، فإنه أكد أن جميع الأطفال الذين يقصدون الجمعية يحصلون على مستلزمات العيد، من دون رد أي طفل عن حاجته.
مشاركة الكشافة
الحب بالحب، والفرح يتكاثر، بالضرورة، بتقاسم الهموم وتحويلها إلى ضحكات تعبق في المكان الذي أضفى عليه وجود زهرات من فريق الكشافة (الفوج التاسع) جواً من الألفة والمحبة.
وأفادت مراسلة "سبوتنيك" في اللاذقية، بأن أطفال الكشافة، شاركوا أطفال الجمعية، فرحتهم وهم يتزودون بكل مستلزمات العيد، حيث عزفوا لهم على الآلات النحاسية أجمل الموسيقى، وقدموا لهم الهدايا من ألبسة وحلويات، وتقاسموا معهم الفرحة عشية العيد.
جمعية خيرية توزّع ملابس وهدايا العيد على أيتام وفقراء اللاذقية
© Sputnik . Monzer Said
ميرفت البوش، عضو إداري في الجميعة، قالت لـ"سبوتنيك": "وجود أطفال الكشافة أضفى جواً رائعاً من السعادة والألفة التي سرعان ما جمعت بين القلوب الصغيرة، حيث قدّم الكشافة ملابس وحلويات للأطفال، كما أشارت إلى أن الجمعية قدمت أيضاً مبالغ نقدية وحلويات للأطفال".
وأضافت البوش: "دعوة طفل مع ابتسامة عريضة، تجعلنا أكثر سعادة وإصرار على المتابعة بعمل الجمعية لزرع الفرحة في قلوبهم الصغيرة"، مشيرة إلى أن تأمين مستلزمات الأطفال، خاصة الأيتام، هي غاية وأساس عمل الجمعية التي تعمل على مدار العام بالتوازي مع التبرعات التي تحصل عليها.
طاقة إيحابية
الكل يعمل بحب ليجني ابتسامة طفل أثقله فقر الحياة وشحها عن تلبية متطلباته، إذ قال محمد فهمي متطوع في الجمعية: "ابتسامة طفل، تنسيني كل التعب، وتمنحني طاقة إيجابية للعطاء أكثر"، فيما قالت المتطوعة مارين حوش: "متعة كبيرة أن تسهم في زرع الفرحة في قلب طفل وأنت تساعده في الحصول على أشياء محروم منها".
الجدير بالذكر أن هذه المبادرة، ليست الأولى التي تقوم بها جمعية "البشائر" خلال رمضان الحالي، إذ قامت بتوزيع سلل غذائية، وبمبادرة "فطورك ع الماشي"، حيث كانوا ينتقون في كل يوم حي من أحياء مدينة اللاذقية ليوزعوا على المارة بشكل عشوائي، كيساً يحتوي على سندويشة، عدد من حبات التمر، عبوة عصير، عبوة مياه، ليتمكن الصائم من الإفطار.