وفي 21 سبتمبر/ أيلول، أعلن مجلس النواب الليبي في طبرق بأغلبية الحضور حجب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، لتستمر في تسيير أعمالها اليومية كحكومة تصريف أعمال.
عمليات إنفاق واسعة
منذ ذلك التاريخ تقوم حكومة الوحدة الوطنية بعمليات إنفاق واسعة حسب العديد من أعضاء البرلمان، الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام.
وتشير التقديرات إلى أن حكومة الدبيبة أنفقت أكبر ميزانية في تاريخ ليبيا والتي تجاوزت 100 مليار دينار ليبي، الأمر الذي طالب معه العديد من البرلمانيين بالتحقيق ودفع البرلمان أيضا لمطالبة المؤسسات المالية بوقف الإنفاق والتعامل مع حكومة الدبيبة.
من ناحيته، قال سليمان الشحومي، أستاذ التمويل بجامعة نوتنجهام ترنت ببريطانيا ومؤسس سوق المال الليبي، إن الوضع في ليبيا معقد ومرتبك لدرجة كبيرة، دون وجود قواعد ثابتة يمكن العمل بها إثر الانقسام الحاصل.
سحب الثقة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن حكومة الوحدة الوطنية تؤدي عملها رغم سحب الثقة منها، لكنها مستمرة حتى الآن في إطار الصراع السياسي الحاصل.
بشأن مشروعية عمليات الصرف التي تقوم بها الحكومة، أوضح أن جل المؤسسات لا تحظى بمشروعية دستورية ولا قانونية وأنها اصبحت مؤسسات الأمر الواقع.
ولفت إلى أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس هو أمر واقع، كما ينطبق الأمر ذاته على البنك المركزي رغم انتهاء المدة القانونية لمجلس إدارته، ويدار من قبل محافظ البنك المركزي دون وجود باقي الأعضاء، باعتبار أنه مر بمرحلة الانقسام ولم تتم عملية التوحيد بالشكل الصحيح.
وأشار إلى أن كل مؤسسات الدولة القائمة في العاصمة تعمل بحكم الأمر الواقع مع بعض المساندة من أطراف سياسية سواء كانت مليشيات أو غيرها.
واستطرد الشحومي، أن "وجود الحكومة في العاصمة يمكنها من إدارة المال العام لقربها من البنك المركزي وتلقيه تعليمات الإنفاق، رغم أنه لا يتم وفقا للأصول والأعراف المهنية وكذلك عدم وجود ميزانية معتمدة، حيث أصبحت العملية برمتها خارج هذا الإطار بحكم الأمر الواقع".
سياسة الأمر الواقع
ويرى أن بعض البنود لا بد من إنفاقها منها المرتبات سواء كانت هناك ميزانية من عدمها.
بشأن مطالب البرلمان من البنك المركزي والمؤسسات الرقابية تقييد إنفاق حكومة الوحدة الوطنية بانتظار مباشرة الحكومة الجديدة بقيادة باشاغا، كما شملت المطالب تقييد الإنفاق على التنمية والتعاقد على المشروعات الجديدة أو استكمال مشروعات متوقفة، باعتبار أن هذا البنك يعرف بأنه واسع ويمكن أن يشوبه بعض الفساد، إلا أنه سمح باستمرار الدعم وصرف المرتبات.
وأشار إلى أن البنك المركزي يقوم بعمليات الصرف بحكم الأمر الواقع رغم أنه أصبح في صراع مع المؤسسة الوطنية للنفط في الوقت الراهن، بسبب إحالة الإيرادات ومحدودية قدرته على الإنفاق، خاصة في ظل عدم تسوية الدين العام، والحاجة لتوفير سيولة من النقد الأجنبي من أجل إتمام العمليات المالية الأخرى.
أكبر ميزانية في تاريخ ليبيا
فيما قال المحلل السياسي، حسين مفتاح، أن حكومة الدبيبة أنفقت أكبر ميزانية في تاريخ ليبيا التي تجاوزت 100 مليار دينار ليبي، دون اعتماد الميزانية من مجلس النواب، وأنها تمثل شبهة إهدار مال عام وفساد.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الميزانية يجب أن تقدم للبرلمان واعتمادها بحيث تكون عمليات الصرف طبقا لقانون الميزانية المعتمد من قبل البرلمان.
وأشار إلى أن عمليات الصرف التي جرت منذ العام 2014 حتى اليوم لم تخضع لقانون الميزانية حسب ما هو معمول به وأنها اعتمدت على قاعدة 1/12، (أي أن تقسم على 12 شهرا باعتماد نفس الميزانية للعام السابق)، وأن الدبيبة لجأ لمصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة ووضعهما كرقيب، إلا أن هناك علامات استفهام حول العلاقات الخاصة بين قيادات المؤسسات الثلاث، الأمر الذي يتطلب التحقيق والتأكد من سلامة الصرف.
وأوضح أن الحكومة جاءت من أجل التجهيز للانتخابات، في حين أنها لم تصرف أكثر من الميزانية المخصصة للمفوضية وهي 50 مليون دينار، فيما أنفقت المليارات على أزمة الكهرباء ولم تحل حتى الآن، كما أن هناك علامات استفهام حول عمليات الصرف على جائحة كورونا.
مخصصات مالية
وأشار إلى أن بعض البنود التي استحدثت بما فيها صندوق منح الزواج، والمخصصات لدعم المجالس البلدية، الذي يعتبر من أجل كسب الولاءات، مشددا على أن عمليات الصرف المخالفة كانت هدفها الدعاية الانتخابية لشخصه من أجل ترشحه للانتخابات الرئاسية، كما أن هناك اتفاقيات وقعت تستوجب التحقيق للتأكد من مراعاة عمليات الأطر القانونية.
من ناحيته قال البرلماني الليبي علي الصول، إن الإنفاق الذي قامت حكومة الدبيبة على المليشيات وفي أوجه بغير محلها يجب أن يكون محل التحقيق.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مجموعة من أعضاء البرلمان طالبوا النائب العام بضرورة التحقيق في عمليات الصرف التي جرت، ما دون المرتبات والبنود الأساسية المتمثلة في عمليات الدعم.
تهم إهدار مال عام
وأوضح أن جميع المؤسسات أو الأشخاص الذين قاموا بإنفاق هذه الأموال يجب أن يخضعوا للمساءلة بموجب القانون وتهم إهدار المال العام.
وفي 19 إبريل/ نيسان، دعا رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، عددا من مؤسسات الدولة السيادية لوقف التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أو التخاطب باسمها، بسبب انتهاء ولايتها.
جاء ذلك في خطاب وجهه عقيلة صالح، إلى كل من رئيس المجلس الأعلى للقضاء ومكتب النائب العام ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، وكذلك رئيس ديوان المحاسبة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية والممثل القانوني لهيئة مكافحة الفساد.