مناوئو انقلاب كييف
غالبية قتلى فاجعة أوديسا أعضاء في حركة "كوليكوفو بولي" المناوئة للانقلاب الذي قام به عناصر التنظيمات المتطرفة ومؤيدوها في العاصمة الأوكرانية كييف في عام 2014.
ونظمت الحركة عددا من المظاهرات الاحتجاجية في أوديسا. وبعدما رفضت السلطة الأوكرانية مطالب المحتجين نظمت الحركة اعتصاما في إحدى ساحات المدينة – كوليكوفو بولي – حيث أقامت مخيما.
لحظة هدوء بين المشاركين في "مسيرة الوحدة الأوكرانية" ونشطاء كوليكوفو بولي بالقرب من تقاطع شارعي بريوبرازينسكايا وجريتشيسكايا في أوديسا. 2 مايو 2014
© Sputnik . Alexander Polishyuk
قبيل الفاجعة
وسرعان ما أعلنت السلطات نيتها فض الاعتصام وإزالة خيم المعتصمين.
واعتبرت مباراة كرة القدم التي كان يجب إجراؤها في أوديسا في 2 مايو/أيار 2014 بمثابة نقطة انطلاق لأعمال شغب كان يجب أن تزيل مخيم المحتجين. وقد وصلت مجموعات من المتطرفين إلى أوديسا من مدن أوكرانية أخرى. وجاء أندريه باروبي، رئيس مجلس الأمن الأوكراني حينئذ، إلى أوديسا ليتفقد الحواجز الأمنية التي أنشأها المتطرفون في أطراف مدينة أوديسا.
يقوم القوميون المتطرفون الأوكران بضرب المدافع عن مجلس النقابات العمالية في ساحة كوليكوفو بولي في أوديسا. في الوسط، يرتدي سترة رياضية حمراء، نيكولاي دوتسينكو، ممثل فرع أوديسا في "القطاع الأيمن". 2 مايو 2014
© Sputnik . Alexander Polishyuk
الشروع في إراقة الدماء
وحاول المحتجون أن يعترضوا طريق المتطرفين المتوجهين إلى ساحة "كوليكوفو بولي". ووقع أول اشتباك بين مناوئي انقلاب كييف من جهة ومؤيدي الانقلاب من جهة أخرى في ساحة "غريتشيسكايا". وقيل إن أحد المتطرفين، إيغور إيفانوف، هو أول ضحايا ذلك الاشتباك. وإجمالاً، سقط 4 قتلى في صفوف مناوئي انقلاب كييف بينما سقط قتيلان في صفوف مؤيدي الانقلاب.
وليس معروفا من وقف وراء مقتل هؤلاء لأن السلطات الأوكرانية لم تُجر التحقيقات اللازمة أو لم تستكملها.
زعيم أوديسا "بوروتبا"، نائب المجلس الإقليمي أليكسي ألبو، الذي تعرض للضرب المبرح خلال الاشتباكات في ميدان كوليكوفو بولي في أوديسا، والذي كان من بين المحتجين بالقرب من مبنى إدارة شرطة المدينة في شارع بريوبرازينسكايا في أوديسا، الذين كانوا يطالبون بالإفراج عن جميع أنصار الفيدرالية المعتقلين.
© Sputnik . Anton Kruglov
/ حريق دار النقابات
إزاء قدوم أعداد كبيرة من المتطرفين والمشاغبين قرر المدافعون عن مخيم كوليكوفو بولي اللجوء إلى دار النقابات المطلة على ساحة كوليكوفو بولي ليواصلوا دفاعهم هناك.
وفي مساء نفس اليوم (2/5/2014) أتى المشاغبون إلى ساحة كوليكوفو بولي ليبدؤوا مهاجمة الخيم وإضرام النار فيها. وتسللت 5 عناصر متطرفة إلى دار النقابات.
ثم حطم مجموعة كبيرة من المشاغبين باب دار النقابات، وبدؤوا يعتدون على الموجودين فيها.
ويذكر أحد أعضاء الحركة المناوئة لانقلاب كييف، أوليغ موزيكا، أنه اتصل بزوجته ليودعها.
وفي تلك الأثناء اشتعلت النار في دار النقابات. وتلقت مطافئ المدينة إشعارا بنشوب حريق في دار النقابات، ولكنها تجاهلته ولم ترسل سيارات إطفاء الحريق إلى موقع الحريق إلا في وقت متأخر.
وحاول الموجودون في المبنى المحترق إنقاذ أنفسهم من خلال القفز من طوابقه. واعتدى المتطرفون على الناجين بالضرب المبرح.
تقول ماريا سيميكتشي، عضوة الحركة المناوئة لانقلاب كييف، إن الناس كانوا يلقون بأنفسهم من النوافذ. ولكن أحدا لم يحاول مساعدتهم. وظل رجال الأمن يقفون موقف المتفرج حينما اعتدى المتطرفون على هؤلاء بالضرب.
ويقول أليكسي ألبو، عضو المجلس التشريعي المحلي، إن المتطرفين اعتدوا على الذين تمكنوا من مغادرة المبنى المحترق، وإنه نجا بعدما غطّاه اثنان من رجال الشرطة بدرعيهما.
التحقيقات الطبية
وتظل التقارير الرسمية حول أسباب وفاة ضحايا الحريق في دار النقابات محاطة بالسرية، بينما تؤكد التحقيقات الطبية أن الناجين تعرضوا إلى الاعتداء بالضرب المبرح.
وأظهرت بعض التحقيقات الطبية أن 210 أشخاص أصيبوا بجراح أثناء وقوع الفاجعة في دار النقابات في 2 مايو 2014.
وتوفي عدد من الضحايا متأثرين بإضرام النار فيهم. وقد يعني هذا أن المتطرفين تعمدوا اغتيال الذين لم يقتلهم الحريق في دار النقابات، بإشعال النار فيهم بعد صب المحروقات عليهم.
واعتدى المتطرفون حتى على غير الموجودين في دار النقابات.
المحاكمة
وألقت النيابة العامة الأوكرانية المسؤولية عن أحداث الثاني من مايو على عاتق 20 شخصا من أعضاء حركة "كوليكوفو بولي"، وأحالت "المتهمين" إلى المحاكمة.
واستمرت المحاكمة ثلاث سنوات ونصف السنة.
ولم يصادق القضاة على الاتهامات الموجهة إلى المتهمين. وجاء في قرار المحكمة إن النيابة العامة لم تحاول إثبات التهم الموجهة إلى من أحالتهم إلى المحاكمة.
والواقع أن المحققين لم يجدوا المسؤولين الحقيقيين عن فاجعة أوديسا.
من هم المسؤولون عن فاجعة أوديسا؟
في ظن الكثيرين فإن أندريه باروبي، رئيس سابق للبرلمان الأوكراني، هو الذي وقف وراء الفاجعة. وبحسب روسلان فوروستياك، وهو رئيس سابق لشرطة أوديسا، فإن باروبي قدم دعما كبيرا إلى مؤيدي انقلاب كييف.
ومع ذلك لم يتم التحقيق في أعمال باروبي وأيضا وزير الداخلية أفاكوف ورئيس الجمهورية بالوكالة تورتشينوف، ودورهم في فاجعة أوديسا.
صحيح أن رئيس الجمهورية الحالي زيلينسكي وعد باستئناف التحقيق في أعمال الشغب التي وقعت في أوديسا في 2 مايو 2014، لكن وعده بقي حبرا على ورق.
ولم ينل المسؤولون عن فاجعة أوديسا جزاءهم حتى الآن.