فما حقيقة تلك العملية وهل أقدمت السعودية والتحالف على مثل هذا التصرف، وكيف مرت الأمور من الصليب الأحمر الدولي؟
بداية يقول المحلل السياسي اليمني، أكرم الحاج، بالتأكيد الإفراج عن المعتقلين اليمنيين بحسب ما أعلنته السلطات السعودية والتحالف، والذين يبلغ عددهم 171 وأطلقت عليهم الرياض اسم "الأسرى"، تلك المبادرة والتي كان يفترض أن تكون في أواخر شهر رمضان المبارك، لكن حدث لها بعض العراقيل، من بينها كشوفات أسماء المفرج عنهم.
كشوفات الأسرى
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن اللجنة الوطنية للأسرى والمعتقلين في صنعاء، أكدت من خلال بيان لها أن كشوفات الأسرى التي أعلنتها الرياض ليست مطابقة للكشوف التي تم تسليمها من جانب لجنة الأسرى في صنعاء للصليب الأحمر الدولي، وفوجئت اللجنة الوطنية للأسرى في العاصمة اليمنية صنعاء، أن الطائرة التي وصلت إلى مطار عدن تقل مجموعة غالبيتهم ليسوا من ضمن الكشوف التي قدمتها صنعاء ولا علاقة لهم بالجيش واللجان الشعبية وليسوا أسرى.
وأشار المحلل السياسي إلى أن 9 أشخاص فقط هم من بين الكشوف التي أرسلتها صنعاء للصليب الأحمر الدولي، أما باقي الأسماء لا علاقة لها بالحرب، وإنما هم بحارة يمنيين تم اعتقالهم في سواحل البلاد ولا علاقة لهم بـ"أنصار الله" أو الجيش واللجان الشعبية، كما أن من بين المفرج عنهم من السعودية "أفارقة" لا علاقة لهم بالحرب، ويبدو أنهم من بين من تم اعتقالهم بين الحدود اليمنية السعودية، حيث تتوافد أعداد كبيرة عبر اليمن للدخول إلى السعودية بطريقة غير شرعية، وهؤلاء ضمن الكشوفات المعنونة بكشوفات الأسرى.
تصرف غير مسؤول
وأوضح الحاج أن تلك المبادرة السعودية الأحادية الجانب، اعتمدت على آليتها وكشوف خاصة بها ولم تلتزم بالكشوفات التي تم تقديمها من جانب "أنصار الله"، وهناك حالة من الاستغراب والاستنكار لهذا التصرف السعودي غير المسؤول.
وأكد أن هذا التصرف يمكن أن يمثل أحد العراقيل أمام مساعي استمرارية الهدنة، نظرا لقيام السلطات السعودية بالادعاء غير الصحيح بالإفراج عن 171 من الأسرى اليمنيين التابعين لصنعاء، وهذا الأمر المغلوط يمثل فضيحة للمملكة العربية السعودية والتحالف الذي تقوده في حربها على اليمن، وعلى ما يبدو أن الصليب الأحمر متواطىء في تلك العملية التي أطلق عليها "مبادرة" في تمرير تلك الكشوف ولم يعد إلى الأسماء الحقيقية للأسرى، وترى السلطات في صنعاء أن ما حدث هو مغالطة مقصودة للمجتمع الدولي و للرأي العام اليمني، نظرا لأن 90 في المئة من الأسرى المعلن عنهم لا علاقة لهم بأسرى "أنصار الله".
محتجزون لا أسرى
في المقابل أكد مصدر أمني في معسكر الشرعية اليمنية لـ "سبوتنيك"، أن من وصلوا إلى مطار عدن هم يمنيين مرحلين، كان قد تم إلقاء القبض عليهم من قبل جهات الأمن السعودي أثناء محاولاتهم التسلل عبر الحدود اليمنية -السعودية، وليسوا أسرى حرب كما تناولته بعض الوسائل الإعلامية.
نشر التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، فيديو لأسرى جماعة "أنصار الله" اليمنية المفرج عنهم من داخل الطائرة وهما في طريقهم إلى اليمن.
وحسب وكالة الأنباء السعودية، أعلن التحالف العربي، أمس الجمعة، مغادرة الطائرة الثانية لنقل الأسرى التابعين لجماعة أنصار الله إلى اليمن ضمن المبادرة السعودية الإنسانية.
رد "أنصار الله"
وردا على الإعلان السعودي قالت جماعة "أنصار الله" اليمنية، إن 5 من أسراها فقط شملتهم المبادرة الأحادية الجانب المعلنة من التحالف العربي بقيادة السعودية المتضمنة إطلاق سراح 163 محتجزا.
جاء ذلك في بيان أصدرته، مساء أمس الجمعة، لجنة شؤون الأسرى في "أنصار الله"، أطلعت عليه وكالة "سبوتنيك".
وقالت اللجنة في بيانها: "التقينا بممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد زيارتهم المحتجزين الذين تبين أن عددهم 126 محتجزاً وليسوا 163 كما أعلن النظام السعودي".
وأضافت: "تبين أن جميع المحتجزين ليسوا أسرى حرب ما عدا خمسة منهم فقط وأربعة صيادين تم اختطافهم من البحر الأحمر، وبقية الأسماء غير معروفة لنا، وإن كنا نرحب بإطلاق سراح أي يمني، إلا أن عليهم (في إشارة إلى السعودية) التنسيق مع الجهات المعنية في وزارة الخارجية".
وذكرت لجنة الأسرى في "أنصار الله"، أن "من بين المحتجزين 9 أجانب من جنسيات أفريقية لا علاقة للجماعة بهم".
واتهمت "أنصار الله"، السعودية التي تقود التحالف العربي، "بتسييس" ملف الأسرى و"استهداف العمالة اليمنية وتقديمهم كأسرى حرب"، بالقول: "نؤكد أن ملف الأسرى ملف إنساني يجب عدم استغلاله للمزايدات والابتزاز، ولا يمكننا السماح للنظام السعودي بتسييسه و استهداف العمالة اليمنية أو المعتقلين من الجنسيات المختلفة وتقديمهم على أنهم أسرى حرب".
وفي وقت سابق من يوم أمس الجمعة، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إعادة 117 محتجزاً يمنياً أفرج عنهم التحالف العربي ضمن مبادرة أحادية الجانب قال إنها تشمل أسرى من جماعة "أنصار الله".
في حين أعلن التحالف العربي، وفقا لتلفزيون الإخبارية الرسمي السعودي، "إطلاق ونقل سراح 163 أسيرا حوثيا ضمن المبادرة الإنسانية السعودية".
وذكر التحالف أن "108 أسرى نقلوا إلى (العاصمة المؤقتة) عدن (جنوب) و9 إلى صنعاء و9 مقاتلين أجانب جاري تسليمهم لسفارات دولهم"، مشيرا إلى "نقل 37 أسيرا براً وتسليمهم لاعتبارات إنسانية وقرب مناطق إقامتهم من الحدود "الحدود السعودية اليمنية".
وكان المتحدث باسم بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، بشير عمر، أفاد مساء الخميس، لوكالة "سبوتنيك"، بأن "اللجنة ستنقل أكثر من 100 محتجز من مطار أبها السعودي إلى مطار عدن الدولي، على متن طائراتها عبر ثلاث رحلات".
وقال رئيس لجنة الأسرى في "أنصار الله"، عبد القادر المرتضى، عبر "تويتر": "بعد زعم السعودية تقديم مبادرة للإفراج عن بعض من أسرانا، تبلّغنا بكشف يتضمن عدداً من الأسماء خلاف ما أعلنت، وأكثر من ذلك أنهم ليسوا من أسرانا وغير معروفين لدينا، وأبلغنا الصليب الأحمر أننا غير معنيين بهم، وعلى دول العدوان [في إشارة إلى التحالف العربي] التوقف عن المتاجرة والمزايدة بملف هو إنساني بامتياز".
وفي 27 مارس /آذار الماضي، كشف وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية عضو اللجنة الإشرافية لتبادل الأسرى والمختطفين، ماجد فضائل، عبر "تويتر"، عن التوصل إلى توافق مع "أنصار الله" عبر مكتب المبعوث الأممي لإنجاز أكبر صفقة تبادل أسرى بين أطراف النزاع في اليمن منذ اندلاع الصراع، تشمل 2223 أسيراً من الطرفين بينهم 19 من قوات التحالف العربي، وقائدان بارزان من القوات الحكومية.
وأوضح المسؤول الحكومي، أن الاتفاق يتضمن إطلاق "أنصار الله" 823 أسيراً لديها، منهم 800 تابعون لقوات الحكومة و16 أسيراً سعودياً وثلاثة سودانيين من قوات التحالف العربي، بالإضافة إلى شقيق الرئيس اليمني اللواء ناصر منصور هادي، ووزير الدفاع السابق اللواء الركن محمود الصبيحي، وكذا شقيق ونجل قائد قوات المقاومة الوطنية الموالية للحكومة العميد طارق محمد عبد الله صالح، مقابل إطلاق الحكومة سراح 1400 أسير تابعين للجماعة.
وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أكدت لجنة الصليب الأحمر، تبادل الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، 1056 أسيراً ومعتقلاً بينهم 15 سعودياً و4 سودانيين من قوات التحالف العربي، ضمن اتفاق سويسرا الذي توصل إليه الطرفان أواخر أيلول/ سبتمبر قبل الماضي.
وتبادلت الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، ضمن جولة مفاوضات السلام في ستوكهولم، قوائم بنحو 15 ألف أسير لدى الطرفين، ضمن آلية لتفعيل اتفاق تبادل الأسرى.
ويشهد اليمن منذ 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة أنصار الله وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دولياً مدعوماً بتحالف عسكري عربي، تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40 في المئة منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.