كيف يمكن التغلب على أهم الملفات العالقة بين أربيل وبغداد؟
بداية يقول المحلل السياسي العراقي عبد الملك الحسيني، إن الخلاف بين أربيل وبغداد حول قضية النفط يكمن في تفسير كل طرف للمواد الدستورية بالطريقة التي يجدها تتوافق مع مصالحه.
خلاف دستوري
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هذا الخلاف ازدادت حدته بعد إقدام الحكومة الاتحادية على قطع رواتب موظفي الإقليم وهي الخطوة التي اعتبرها الإقليم تصرف غير مسؤول وغير دستوري".
وتابع المحلل السياسي: "حكومة إقليم كردستان تحتج بالمادة الدستورية 115 من الدستور والتي تنص على أن" كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما".
وأضاف: "إقليم كردستان يستمد الحق في تصدير النفط من هذه المادة للاستفادة من عائداته في معالجة جزء من الأزمة الاقتصادية".
خلط المفاهيم
وأشار الحسيني إلى أن المسؤولين في الحكومة الاتحادية لهم رأي آخر، على اعتبار أن الصلاحيات التي يستند عليها الإقليم في تصدير النفط والتي تضمنتها المادة الدستورية 112 والتي تنص على أن "تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكلٍ منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد"، ومن هنا فإن الحكومة الاتحادية تقول أن صلاحيات الإقليم في هذه المادة هي ليست مطلقة كونها تضع إدارة هذا الملف بيدها.
ومن جانب آخر، يرى الحسيني أن هناك خلط بين حصة الإقليم من موازنة البلاد العامة المتفق عليها بـ 17 في المئة، حيث تقول الحكومة الاتحادية أن رواتب موظفي الإقليم من ضمنها، بينما حكومة الاقليم ترى أن هذه الموازنة لاعلاقة لها بالرواتب.
تعديل دستوري
ويرى المحلل السياسي أن المشكلة تكمن في طريقة صياغة هذه المواد الدستورية والتي تحتمل التأويل لأكثر من وجه، وأن المشكلة ستبقى قائمة ما لم يتم إجراء تعديل دستوري في هذه القضية تحديدا لتفصيل الصلاحيات، وهذا الأمر شبه مستحيل في الوقت الحاضر، لأنه سيفتح الباب على مصراعيه لجميع المكونات التي تعتقد أن هذا الدستور لا يمثل تطلعات جماهيرها.
أصل القضية
في الجانب الآخر، يقول الباحث المتخصص في الشؤون الكردية كفاح محمود، إنه طالما هناك ما يتقاطع مع النظام الفيدرالي الذي أقره الدستور ويعمل على تقويضه، ستبقى هذه الإشكالية عالقة مهما تعددت اللقاءات والمباحثات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.
وأضاف محمود في حديثه لـ"سبوتنيك": "الأصل في المشكلة المتكررة منذ سنوات والمتعلقة باستخراج وبيع نفط الإقليم، هي أن هناك تيار يريد إعادة البلاد إلى النظام المركزي المتشدد، أي إلى نظام شمولي، وفعلا هذا ما تنبأت به الفعاليات التي تجري في البلاد منذ أن منع هذا التيار تطبيق المادة 140 من الدستور، وعطل أكثر من خمسين مادة دستورية لأجل التمهيد لاعادة البلاد إلى المركزية المكثفة على حساب الأقاليم والمحافظات، وفي ذلك خرق فاضح للدستور بل انقلاب على روح الدستور.
وكشف وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار أن المفاوضات التي أجرتها الوزارة مع حكومة إقليم كردستان العراق بشأن إدارة ملف الطاقة لم تحقق أي نتائج.
وأشار إلى أن الوزارة ماضية في تطبيق قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق بشأن ملف الطاقة.
وأكد عبد الجبار أن الوزارة ترغب في تنظيم النشاط النفطي في الإقليم بشكل شفاف لضمان حقوق جميع الأطراف.
وشدد على ضرورة إدارة النفط في كردستان من قبل الحكومة الاتحادية على أن تذهب عوائد النفط إلى حسابات وزارة المالية.
وأصدرت المحكمة الاتحادية، في فبراير/ شباط الماضي، قرارا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، مع إلزامها بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى التي قامت وزارة الثروات الطبيعية الكوردستانية باستخراج النفط منها وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية في بغداد.
وتوجد ملفات عالقة بين بغداد وإقليم كردستان العراق، منذ سنوات طويلة، وعلى رأسها ملف إدارة الثروة النفطية وتقسيم إيراداتها، حيث لعب التحكم في النفط واستغلال إيراداته دورا بارزا في الخلاف بين الطرفين.
وفي فبراير العام 2021، أعلن كردستان العراق التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية، بشأن مخصصات الإقليم في موازنة 2021، يتضمن منح الإقليم حصة مقدارها 12.6 في المئة من الميزانية مقابل تسليم الإقليم 250 ألف برميل يوميا من النفط المنتج في حقوله لبغداد، لكن العديد من النواب العراقيين أكدوا أنهم لن يسمحوا بتمرير الموازنة، إلا إذا دفع الإقليم كامل المستحقات المالية التي بذمته إلى بغداد.
وفي نهاية العام 2020، أعلن إقليم كردستان العراق، الموافقة على بنود قانون الاقتراض، الذي صوت عليه البرلمان العراقي، ويتضمن تسليم نفط الإقليم بواقع 250 ألف برميل نفط يوميا.
وتتركز الخلافات المالية والنفطية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان في موازنة 2021، حول نسبة الإقليم المالية، وكميات النفط التي يصدرها بعيدا عن شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، والتي يجدر به تسليمها ضمن الصادرات الكلية للبلاد.