تونس... جدل بشأن هيئة الانتخابات الجديدة واتهامات لأعضائها بعدم الاستقلالية

أُسدل الستار عن التركيبة الجديدة لهيئة الانتخابات في تونس التي أعلن عنها بمرسوم رئاسي أصدره رئيس الجمهورية قيس سعيد، أمس الاثنين، وضمت 6 أعضاء يقودهم في رئاسة الهيئة فاروق بوعسكر الذي كان يشغل خطة نائب رئيس في الهيئة السابقة.
Sputnik
كما تشمل التعيينات الجديدة، محمد التليلي المنصري (عضو سابق في الهيئة)، وسامي بن سلامة (عضو سابق في الهيئة)، وماهر الجديدي (قاض إداري)، والحبيب الربعي (قاض عدلي)، ومحمود الواعر (قاض مالي)، ومحمد نوفل الفريخة (مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية).
ورفضت قوى سياسية عديدة هذه التركيبة متهمة إياها بالولاء لرئيس الجمهورية وخدمة مشروعه السياسي.

"هيئة قيس سعيد"

في تعليق لـ"سبوتنيك"، اعتبر عضو مبادرة مواطنون ضد الانقلاب جوهر بن مبارك أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحولت إلى "هيئة قيس سعيد للانتخابات"، مشيرا إلى أن تركيبتها الجديدة تضمنت أعضاء كانت لهم تصرفات وخطابات وآراء عبروا عنها بشكل علني معادية للحياد والاستقلالية.
وأضاف: "عضو الهيئة الجديد سامي سلامة مثلا هاجم منذ فترة قصيرة جبهة الخلاص الوطني واستخدم عبارات سوقية وغير أخلاقية وكان له تدوينات سابقة شتم فيها بعض الأطراف السياسية، ونفس الشيء بالنسبة لرئيس الهيئة الجديد الذي هاجم سابقا مشروع رئيس الجمهورية وبلغة غير مقبولة".
تونس... بودن تدعو إلى تنشيط الاقتصاد في ولاية قفصة وخلق فرص عمل
ووصف بن مبارك الهيئة الجديدة بأنها غير مستقلة وأن كل من تم تعيينهم هم أشخاص غير مستقلون ومحمولون على الولاء لرئيس الجمهورية، معلنا رفضه لهذه التركيبة ولقرار حل الهيئة السابقة.
وقال بن مبارك إن هيئة الانتخابات السابقة كانت إحدى ضمانات الانتخابات الحرة والشفافة التي أوصلت رئيس الجمهورية إلى قصر قرطاج، ولم يثبت عن هذه الهيئة أي تجاوزات أو اخلالات في علاقة بالانتخابات.
وتابع: "بعد استحواذ الرئيس على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ها هو اليوم يريد أن يستحوذ على هيئة الانتخابات استعدادا لتزوير الانتخابات بعد عشر سنوات من الثورة".
واعتبر أن هذه الخطوة تهدد بنسف المسار الديمقراطي بشكل كامل ويعيد البلاد إلى مربع فقدان الثقة الداخلية والدولية في نزاهة الانتخابات في تونس.

ضرب لمصداقية الهيئة

وقال عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري طلال حفظ الله لـ"سبوتنيك"، إن رئيس الجمهورية طعن مرارا في تركيبة الهيئة السابقة ويتهمها بعدم المصداقية والحياد، لكنه اليوم يعين عضوين سبق وأن تقلدا مناصب في الهيئة القديمة المنتخبة في 2019، وهو تضارب غير منطقي.
وتساءل: "إذا ما افترضنا أن هذين العضوين صادقين فلماذا قبلا بالبقاء في هيئة متهمة بالفساد وفاقدة للمصداقية وارتكبت تجاوزات ضد القانون، خاصة أن أحدهما كان نائبا لرئيس الهيئة وكان مدافعا شرسا عن رئيسها السابق".
واعتبر حفظ الله أن رئيس الجمهورية كرر نفس سيناريو المجلس الأعلى للقضاء الذي كان يتهم أعضاءه القدامى بالفساد ثم أعاد تعيينهم في المجلس المؤقت الجديد، مشيرا إلى أن الرئيس يمارس التمييز مع من يشاركه نفس المواقف والأفكار.
المرزوقي يدعو التونسيين إلى التسريع في إنهاء "الفاصل المضحك المبكي" من تاريخ البلاد
وقال حفظ الله إن رئيس الجمهورية كان يسعى إلى أن تكون وزارة الداخلية هي الجهة التي تقود العملية الانتخابية وليس هيئة الانتخابات، لكنه اضطر إلى استخدام السمعة التجارية لهذه الهيئة تحت ضغط مفوض الاتحاد الأوروبي والبعثة الأمريكية.
ويرى حفظ الله أن الهيئة لم تعد مستقلة لأن رئيس الجمهورية هو من يتولى تعيين جميع أعضائها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مؤكدا أن عضو الهيئة المكلف بالإعلامية يخضع لإشراف وزارة تكنولوجيا الاتصال وهي سلطة تنفيذية، وأن أعضاء الهيئة الجدد المعينين من المجالس القضائية يخضعون لسلطة المجلس الأعلى للقضاء الذي يشرف عليه الرئيس.
وقال حفظ الله إن هذه الخطوة ستضرب مصداقية هيئة الانتخابات ومصداقية العملية الانتخابية والاستفتاء وتطرح شكوكا خطيرة.

أفضل من الهيئة السابقة

يرى الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذه الهيئة الحالية بتركيبتها الجديدة "لن تكون أسوأ" من الهيئة السابقة.
وقال: "هذه الهيئة أفضل بكثير من التي ولّت، وهي هيئة مؤقتة في جميع الأحوال تنتهي مهمتها بتأمين الاستحقاقات الانتخابية القادمة، والحديث عن هيئة مستقلة في المرحلة السابقة لم يكن واقعيا على اعتبار أن الهيئة السابقة كانت نتاجا لمحاصصات حزبية وتحوم حولها شبهات كثيرة".
واعتبر أن الهيئة الجديدة تتمتع بالحد الأدنى من النزاهة وبالحد الأقصى الذي يمكن التوصل إليه في الظروف الاستثنائية من صيغة هيئة قادرة على تأمين المحطات الانتخابية المقبلة.
الاتحاد الأوروبي: دعمنا لتونس قد يصبح أكثر فائدة إذا نفذت الحكومة إصلاحاتها
وأضاف حمدي: "صحيح أننا نبهنا مرارا من أن الهيئة السابقة ليست مستقلة ولها انحياز واضح لطرف سياسي معين تولى تعيين أغلب أعضائها، ولكن ذلك لا يعني أن كل أعضائها غير مستقلون إذ يشهد لبعضهم بالنزاهة وعدم الولاء للجهات السياسية".
وأردف: "إبقاء الرئيس لبعض العناصر من الهيئة القديمة تقتضيه ضرورة أن يكون لأصحاب الخبرة دور في المرحلة القادمة، وعلى حد معرفتي ببعض الأعضاء فهم يتمتعون بالحد الأدنى من الاستقلالية والنزاهة".
ويرى حمدي أن تغيير تركيبة الهيئة خطوة مهمة ولكن لا يجب الاكتفاء بها، مشددا على ضرورة إصلاح المناخ الانتخابي من خلال تغيير قانون الانتخابات والأحزاب وطرق تمويلها وقوانين سبر الآراء التي صيغت في سياقات ساهمت في إفساد المشهد السياسي، مشيرا إلى أن "العملية الانتخابية ليست هيئة مستقلة فقط وإنما هي أيضا مناخ انتخابي يستند إلى تشريعات سليمة".
مناقشة