وقفزت تكاليف المواد الغذائية والمشروبات، وهي أكبر مكون في مؤشر أسعار المستهلك، بنسبة 7.6% في أبريل/ نيسان مقارنة بشهر مارس/ آذار، بحسب أحدث بيانات لجهاز الإحصاء والتي كشفت وصول التضخم الشهري إلى 3.3%.
وفي تقرير لوكالة "بلومبيرغ" قال محمد أبو باشا، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في مجموعة المالية "هيرميس"، إن "الارتفاع الحاد" لمعدل تضخم أسعار الغذاء الشهري يمثل أسرع زيادة في العقدين الماضيين على الأقل.
ترتفع أسعار المواد الغذائية العالمية بأسرع وتيرة على الإطلاق تقريبا في ظل الأزمة الأوكرانية التي تؤدي إلى اختناق إمدادات المحاصيل. وتظهر التداعيات بوضوح في مصر، التي تعد أكبر مشتر للقمح في العالم، وتواجه أيضا ارتفاع تكاليف الطاقة إلى جانب الحبوب.
وجاء في التقرير: "ما يضاعف معاناة المستهلكين، تحركات مصر لزيادة أسعار الوقود المحلية في أبريل ويونيو/ حزيران، بعد خفض الجنيه في مارس، وهي خطوة أنهت نحو عامين من استقرار سعر الصرف".
ويعني هذا الارتفاع المفاجئ للأسعار أن البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان، يخاطر بفقدان ميزته كصاحب معدل الفائدة الحقيقي الأعلى الذي حافظ على جاذبيته للمستثمرين الأجانب.
مع بلوغ معدل التضخم السنوي الآن 13.1%، تحول كل من معدلي الفائدة إلى النطاق سالب فعليا - عند تعديلهما وفقا للأسعار - للمرة الأولى منذ عام 2018، وفقا لـ"بلومبيرغ".
وقال البنك المركزي إن التضخم الأساسي، وهو مقياس يستبعد المواد المتقلبة مثل الغذاء، تسارع إلى 11.9% في أبريل من 10.1% في الشهر السابق. هذا هو المستوى الأعلى منذ يناير/ كانون الثاني.
أجرى البنك المركزي بالفعل أول زيادة في سعر الفائدة منذ خمس سنوات في 21 مارس الماضي، وهو نفس اليوم الذي سمح فيه للجنيه بالتراجع بأكثر من 15%.
بالأمس، قال الرئيس المصري إن الدولة تتخذ إجراءات لتوفير السلع والمنتجات بأسعار مناسبة للمواطنين، متابعا: "هناك أزمة ولكن نسيطر على هذه الأزمة وكافة السلع متواجدة وبكثرة".
وأردف السيسي في تصريحات تلفزيونية: "حاليا نعيش معاناة، ونعمل على تقليل آثار تلك المعاناة، واليوم كان هناك اجتماع مع البنك المركزي ووزراء المالية والتجارة والصناعة والمسئولين عن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية".
كان معدل الفائدة الحقيقي – المعدل الرسمي للفائدة مطروحا من معدل التضخم - في مصر من أعلى المعدلات في العالم خلال السنوات الأخيرة، مما جعلها وجهة مفضلة للمستثمرين في الخارج الذين يسعون للحصول على عوائد، لكن شهية المستثمرين تحولت مع تغير سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
أقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ عام 2000 وأشار إلى أنه سيواصل الارتفاع بهذه الوتيرة خلال اجتماعيه المقبلين. ومن المرجح أن تحذو البنوك المركزية الأخرى حذوه، بما في ذلك مصر التي تعلن قرارها المقبل بشأن الفائدة في 19 مايو.
من جانبها قالت رضوى السويفي، رئيسة الأبحاث في شركة "الأهلي فاروس" ومقرها القاهرة، إن تشديد السياسة النقدية العالمية و"القدرة التنافسية لأسعار الفائدة بين الأسواق الناشئة يمكن أن تدفع البنك المركزي نحو المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة".
من المرجح أن يستمر التضخم المصري في الارتفاع حتى يبلغ ذروته في أغسطس/ آب، وفقا للصويفي، مما يوفر سببا إضافيا لدفع الفائدة إلى الأعلى.
ومع ذلك، قد لا تكون زيادة أسعار الفائدة كافية لعكس تدفقات رأس المال الخارجة من البلاد، والتي أثرت على الاحتياطيات الدولية لمصر، بحسب التقرير.
وقال أبو باشا: "المعدلات الحقيقية لن تكون ذات أهمية كبيرة في هذه المرحلة، البيئة العالمية - سواء كانت الحرب في أوكرانيا أو التشديد الكبير لسياسة الفيدرالي - من المرجح أن تقوض آفاق أي انتعاش ملحوظ في التدفقات (التي تعتمد على الاستثمار في العملات مرتفعة الفائدة) على أي حال".
في وقت سابق هذا الشهر، أوضح المركزي المصري أن الاحتياطي النقدي بلغ 37.1 مليار دولار بنهاية أبريل مقابل 37.08 مليار في مارس، ليعاود اتزانه بعد فقدانه 3.9 مليار دولار بسبب الأزمة الأوكرانية.