يشارك في العملية الانتخابية 39 مرشحا للمرة الأولى منذ عقود، بينهم ثلاثة رؤساء سابقين، ويرى مراقبون أن الجولة الأولى لن تكون حاسمة ومن المرجح الوصول للجولة الثالثة وأن العديد من العوامل مجتمعة يمكن أن تلعب دورا في تلك الانتخابات.. كيف تجري تلك الانتخابات وما هي حظوظ المرشحين فيها؟.
تعليقا على ما يجري قبل ساعات من الانتخابات، يقول أستاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية في الجامعة الصومالية، الدكتور حسن شيخ علي: "الانتخابات المقرر إجراؤها غدا تأخرت عن موعدها أكثر من عام، حيث كان مقررا لها عام 2020، إلا أن الرئيس المنتهية ولايته لم يكن مستعدا لإجراء الانتخابات بالبلاد.
الانقلاب الداخلي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن: "الرئيس فرماجو حاول عمل انقلاب سياسي داخلي في الدولة التي هو رئيسها، حيث أن الصومال هى دولة برلمانية دستورية، وهو كان يريد إنشاء دولة شبه عسكرية، ولأول مرة في تاريخ الصومال ينقسم الجيش الصومالي، والجزء الأكبر منه كان ضد هذا التحرك من قبل الرئيس".
ورأى أنه لهذا السبب "اضطر لإجراء الانتخابات وتولية رئيس الوزراء إدارة ملف الانتخابات، لأن الجميع أبدى عدم ثقته في فرماجو لأنه حاول استخدام القوة ضد معارضيه للاستحواذ على السلطة، كما أجبرته التدخلات الخارجية على التنحي جانبا وإسناد الانتخابات لرئيس الوزراء، ولولا تولي رئيس الوزراء هذا الملف لما تمكنا من إجراء تلك الانتخابات".
وتابع شيخ علي أنه: "من الملاحظ كثرة عدد المرشحين لمنصب الرئيس في تلك الانتخابات والذي وصل إلى 39 مرشحا، هذا يرجع إلى قيام المؤسسات الديمقراطية التي أقرها الدستور الصومالي كالأحزاب".
واستطرد قائلا: "وبما أنه لا توجد في الساحة الصومالية أحزاب قادرة على المنافسة، نجد أن الدستور يعطي حق الترشح لمنصب الرئيس لكل من بلغ الأربعين عاما ولا توجد عليه أي أحكام أو قضايا مخلة بالشرف، كما يجب أن يمتلك رسوم التسجيل، علاوة أن عدد كبير من المرشحين يتقدم للمنصب بدعوى التفاخر ليس أكثر".
الرغبة والإرادة
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن "المرشحين الرئيسيين الذين لديهم الرغبة والإرادة القوية لتولي المنصب لا يتجاوز عددهم سبعة أشخاص، أما باقي الأسماء فهى ترشيحات دعائية، والأقرب للتنافس هم الرؤساء الثلاث السابقين ورئيس الحكومة ورئيس ولاية بروتولاند، وزير الإعلام ووزير التخطيط السابقين".
وأشار إلى أن "الأموال والقبلية والحركات الدينية علاوة على سيرة المرشح تلعب دورا في العملية الانتخابية، فكل العوامل مجتمعة وليس بشكل منفرد هى التي تمثل دعما للمرشح".
وتوقع شيخ "أن لا يتم حسم الانتخابات في الجولة الأولى أو الثانية، بل سوف نذهب لجولة ثالثة، حيث يذهب الأوائل الأربعة من الجولة الأولى إلى الجولة الثانية، والمعروف أن المرشح الأقل في عدد الأصوات من هؤلاء الأربعة غالبا ما ينسحب من السباق قبل بداية الجولة الثانية، والرئيس الحالي من المحتمل أن يكون الأول في الجولة الأولى لكن أرقامه لا تزيد في الجولة الثانية والجولة الثالثة تكون بين الثاني والثالث والرئيس الحالي".
الساعات الأخيرة
من جانبه يقول المحلل السياسي الصومالي، عمر محمد: "يصعب الجزم بما ستسفر عنه الجولة الأولى غدا الأحد بسبب التغيرات السريعة التي تحدث في الساعات الأخيرة قبيل الانتخابات، لكن وانطلاقا من القرائن والمعطيات في أرض الواقع، وبناء على أنشطة الحملات الانتخابية الجارية في العاصمة مقديشو، فمن الممكن أن يتصدر في الجولة الأولى من الانتخابات كلا من محمد عبدالله فرماجو/حسن علي خيري.
وقال: "احتمال أن يحدث تحالف بين الفريقين، الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، والرئيس الأسبق أيضا حسن شيخ محمود/سعيد عبدالله دني، بجانب عبدالرحمن عبدالشكور ورسمي أو طاهر محمود غيللي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه "في حال حدوث مفاجئات مخالفة لما بنينا عليه هذه التنبؤات والتحركات السياسية الجارية حاليا، فمن المتوقع أن يتصدر قائمة المرشحين الأكثر صوتا كلا من: طاهر محمود غيللي _ لكونه أحد المتمرسين في السياسة الصومالية، وأحد أبرز الوجوه الجديدة ترشحا للرئاسة، إذ غالبا ما يميل النواب الصوماليين إلى الوجوه الجديدة".
وأشار إلى أن "غيللي أعلن بشكل رسمي على حسابه في الفيس بوك انسحابه من السباق الرئاسي، مما يعني أن مؤيديه قد يصوتون لصالح كل من شريف شيخ أحمد أو حسن شيخ محمود، عبدالرحمن عبدالشكور، وذلك بسبب الجهود التي يبذلها في إقناع المرشحين الآخرين من أبناء عشيرته بالتنازل لصالحه، وقد استجاب لمطلبه حتى الآن ٢ من المرشحين هما عبد الكريم حسين غوليد وعبد الناصر عبدله محمد".
أوضح أنه: "يمكن أن يصوت له معظم النواب الإصلاحيين المناشدين بالتغيير السياسي، بسبب مواقفه السياسية السابقة المنتقدة لسياسات نظام فرماجو طوال السنوات الـ ٥ الماضية، شريف شيخ أحمد، بسبب كونه شخصية وسطية، لم ينضم بعد إلى التحالفات والتكتلات التي تتشكل حاليا، ولذا فلديه فرصة لحصد أصوات النواب المستقلين وعدد كبير من الإصلاحيين".
وأشار محمد، إلى أن كل ما سبق مجرد تنبؤات لكن قد تختلط الأوراق في اللحظات الأخيرة، وتنقلب الطاولة على سياسيين أقوياء، فتأتي الانتخابات بنتائج على عكس التنبؤات والتوقعات والتخمينات المقدمة حولها.
ينتخب أعضاء البرلمان الصومالي الأحد رئيسا جديدا في اقتراع منتظر منذ أكثر من عام في هذا البلد غير المستقر في القرن الأفريقي الذي يواجه تمرد الإسلاميين المتطرفين الشباب وجفاف تاريخي.
تقدم عدد قياسي من 39 مرشحا على الأقل لهذه الانتخابات التي ستجرى وسط إجراءات أمنية مشددة في صالة في مطار العاصمة مقديشو.
ورئيس الدولة المنتهية ولايته محمد عبد الله محمد المعروف باسم فارماجو مرشح لإعادة انتخابه وهو ما لم ينجح في تحقيقه أي من الرؤساء السابقين الذين ترشح من بينهم اثنان هذه المرة هما حسن الشيخ محمود (2012-2017) وشريف الشيخ أحمد (2009-2012). كما ترشح رئيس الوزراء السابق حسن علي خير(آذار/مارس 2017 إلى حزيران/يونيو 2020).
وبين المرشحين الآخرين رئيس منطقة بونتلاند سعيد عبد الله داني وسيدة واحدة فقط هي وزيرة الخارجية السابقة ونائبة رئيس الوزراء فوزية يوسف حاج آدم.
ويفترض أن تسمح هذه الانتخابات بإنهاء أزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من عام "بحسب فرانس 24".
وانتهت ولاية "فارما جو" في شباط/فبراير 2021 من دون اتفاق مع قادة المناطق بشأن تنظيم انتخابات جديدة.
وأدى تمديد النواب ولايته سنتين في نيسان/أبريل 2021 إلى معارك في مقديشو وأحيا شبح عقود من الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد بعد 1991.
وكلّف رئيس الوزراء محمد حسين روبله مهمة إجراء الانتخابات لكن العملية تقدمت بصعوبة وتأخرت بسبب النزاعات على رأس السلطة التنفيذية وبين الحكومة المركزية وبعض الولايات الفدرالية.
وتجري الانتخابات وفق نظام معقد غير مباشر تختار بموجبه مجالس المناطق ومندوبون من عدد لا يحصى من العشائر وفروعها المشرعين الذين يقومون بدورهم باختيار الرئيس.
وليتم انتخابه، ينبغي أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب وأعضاء مجلس الشيوخ (184).
وإذا لم يحصل أي منهم على هذا المجموع في الدورة الأولى يتم تنظيم دورة ثانية يتنافس فيها المرشحون الأربعة الذين جاؤوا في الطليعة.
وإذا لم ينجح أي منهم في هذه الدورة، ينظم اقتراع جديد بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الثانية.
وخلال مراحل الاقتراع، تتبدل استراتيجيات التصويت التي تؤثر عليها الانتماءات العشائرية.
دعا داعمو الصومال ومانحوها، بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، خلال الأسبوع الجاري القادة الصوماليين إلى "إنجاز هذه المرحلة الأخيرة من العملية الانتخابية بسرعة وسلمية ومصداقية ليتحول الاهتمام إلى الأولويات الوطنية وتعزيز الدولة".
ومنذ عام ونصف العام، ضاعف المجتمع الدولي دعواته إلى إنجاز الانتخابات معتبرا أن التأخير يشغل السلطات عن مكافحة التطرف الموالي لتنظيم القاعدة والذين يخوضون تمردا في البلاد منذ 15 عاما.
في الأشهر الأخيرة، كثفت حركة "الشباب" هجماتها لا سيما عبر تفجيرين في وسط البلاد أسفرا عن سقوط 48 قتيلا في 24 آذار/مارس، ثم هجوم كبير على قاعدة لقوات الاتحاد الأفريقي سقط فيه عشرة قتلى حسب حصيلة رسمية.
وستكون هذه الانتخابات حاسمة أيضا للمستقبل الاقتصادي للصومال حيث يعيش 71 بالمئة من السكان بأقل من 1,90 دولار في اليوم.
وحذر صندوق النقد الدولي من أن برنامج المساعدة يمكن أن يتوقف تلقائيا في 17 أيار/ مايو إذا لم تكن هناك حكومة جديدة.
وطالبت الحكومة الصومالية في نهاية نيسان/ أبريل بتأجيل هذا الموعد النهائي ثلاثة أشهر لكنها لم تتلق ردا حتى الآن.
وتخشى المنظمات الإنسانية حدوث مجاعة شبيهة بتلك التي سجلت في 2011 وأودت بحياة 260 ألف شخص نتيجة الجفاف.