حيث أن البلاد تستورد ما يقارب 70 بالمائة من الغاز الطبيعي من الجزائر لسد حاجياتها الضرورية التي تحتاجها لإنتاج الطاقة الكهربائية، في ظل انحسار الإنتاج المحلي في حدود 35 بالمائة.
ومع اقتراب فصل الصيف، يتضاعف استهلاك التونسيين للطاقة الكهربائية، حيث تجاوز في صائفة السنة المنقضية 4500 ميغاواط، وهو ما يضطر الشركة التونسية للكهرباء والغاز إلى طلب كميات إضافية من الغاز من الجزائر.
تحذير من العتمة في الصيف
وأوضح الكاتب العام لجامعة الكهرباء والغاز عبد القادر الجلاصي لـ "سبوتنيك"، أن الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي لا يسد سوى 36 بالمائة من حاجيات البلاد، بينما تستورد تونس البقية من القطر الجزائري.
ولفت إلى أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تحصُل على الغاز الجزائري بثلاثة طرق، أولا عن طريق الأتاوة التي تتمتع بها تونس كضريبة على مرور الغاز من أراضيها، وثانيا عن طريق العقد الذي وقعته مع الجزائر ممثلة في شركة سوناتراك، وثالثا عن طريق التفاوض على كميات إضافية خارج إطار التعاقد.
وقال الجلاصي "الإشكال الذي ستواجهه تونس يتمثل في عدم تمكنها من الحصول على الكميات الإضافية من الغاز الطبيعي التي تحتاجها لمجابهة ذروة الاستهلاك الصيفي، وذلك نتيجة رفع الجزائر لأسعار الغاز إلى الضعف وتزايد الطلب على غازها خاصة من البلدان الأوروبية".
وأضاف "ستكون تونس مجبرة على دفع 10 مليارات دينار عوضا عن 5.4 مليار دينار، هذا إن توفرت الكميات الإضافية التي تحتاجها تونس لمجابهة الارتفاع المشط في استهلاك الكهرباء في الصيف والناجم عن الاستعمال المكثف للمكيفات".
وقال الجلاصي إن تونس ستكون مهددة بالعتمة في صائفة هذا العام إذا لم تتوفر الكميات المطلوبة من الغاز، محذرا من انقاطاعات متكررة في التيار الكهربائي. ودعا المتحدث السلطات التونسية إلى التحرك على الصعيد الدبلوماسي لإيجاد حل تتفادى به أزمة الكهرباء.
تعويل على أتاوة العبور
وفي تعليق على الموضوع، قال خبير الطاقة غازي بن جميع لـ "سبوتنيك"، إن اشتراط الجزائر الترفيع في سعر الغاز الذي تستورده تونس أمر متوقع في ظل تنامي الطلب الأوروبي على غازها.
ويرى بن جميع أن تونس قد تستفيد في المقابل من ارتفاع قيمة الإتاوة على أنبوب الغاز العابر لأراضيها، مشيرا "كلما ارتفعت كميات الغاز التي تمر من الجزائر إلى الأراضي الأوروبية كلما ارتفعت تكلفة العبور التي تستفيد منها تونس".
وقال بن جميع إن تنسي جدية التحذيرات من أزمة الكهرباء سيكون مرتبطا بما إذا كانت قيمة اللإتاوة تغطي الخسائر الناجمة عن ارتفاع سعر الغاز أم لا.
وشدد الخبير الطاقي على أن تونس لا تمتلك بديلا آخر عن الغاز الجزائري في الوقت الراهن في ظل تقلص الاكتشافات لحقول الغاز وغياب برنامج لإعادة جلب المستثمرين في مجال الطاقة، مشيرا إلى أن عدد رخص الاستكشاف يتقلص سنويا، حيث تراجع من 50 رخصة سنة 2010 إلى 19 رخصة حاليا.
وأشار بن جميع إلى أن مهمة البحث عن أسواق جديدة خارج الاحتمال الجزائري تبدو صعبة في الوقت الراهن، موضحا "المناطق الأخرى بعيدة وهو ما يعني أن تونس ستكون مجبرة على دفع تكاليف باهضة على مستوى النقل والتي تضاعفت عشر مرات حاليا".
زيادات جديدة في معلوم الاستهلاك
ويتوقع بن جميع زيادات قادمة في فواتير الكهرباء والغاز، قائلا "الحل الوحيد الذي ستلجأ إليه الحكومة التونسية لمجابهة ارتفاع أسعار الغاز المستورد هو الزيادة في معلوم استهلاك المواد الطاقية من كهرباء وغاز".
ومنذ يومين أقرت وزارة الطاقة زيادة جديدة في أسعار الكهرباء بنسبة 12 بالمائة لمن يصل استهلاكهم إلى 200 كيلوواط في الساعة شهريا.
وأوضح المستشار الدولي في الطاقة عز الدين خلف الله في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن هذه الزيادة لن تشمل جميع الحرفاء، وإنما تهم 15 بالمائة من مستهلكي الكهرباء، مشيرا إلى أن الطبقات الهشة والمتوسطة لن تتضرر منها.
ويشدد خلف الله على ضرورة أن تتخلى تونس عن التعويل المفرط على الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة الكهربائية وأن تتجه إلى الطاقات البديلة التي تجنبها مخاطر التغيرات العالمية في مجال الطاقة.
وأكد المستشار الدولي أن الدولة التونسية تسعى في غضون سنة 2030 إلى أن تسهم الطاقات المتجددة في تأمين 30 بالمائة من حاجيات البلاد من الكهرباء، على أن يؤمن الغاز إنتاج الـ 70 بالمائة المتبقية.