ووافقت وزارة الخزانة الأمريكية في قرار لها على أنشطة في 12 قطاعا بما في ذلك الزراعة والبناء والتمويل، لكنها أوضحت أنها لم تسمح بأي معاملات مع حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، أو أولئك الذين تم إدراجهم في إطار العقوبات الأمريكية خلال 11 عاما من الحرب السورية.
وتركز إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى حد كبير سياستها في سوريا على ضمان عدم ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي مرة أخرى، وإيصال المساعدات إلى المدنيين السوريين المحتاجين.
مؤامرة أمريكية
ويمثّل الترخيص العام توسيعا للسياسة، من خلال ما أشار إليه المسؤولون الأمريكيون إنه يروج لفرص اقتصادية أفضل للأشخاص الذين لا تستهدفهم العقوبات، ويعيشون في مناطق معرضة لعودة تنظيم داعش الإرهابي.
ويسمح الترخيص أيضا بشراء المنتجات النفطية مثل البنزين في المنطقة، باستثناء المعاملات التي تشمل الحكومة السورية، أو تلك المصنفة بموجب العقوبات الأمريكية، ولم يسمح باستيراد النفط السوري المنشأ أو المنتجات البترولية إلى أمريكا.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان لها، إن "سوريا لم تفاجأ بالبيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول منح ترخيص بالقيام بأنشطة اقتصادية في شمال شرق وشمال غرب سوريا".
وأشارت إلى أن "الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت خلف الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سوريا منذ 10 سنوات وحتى الآن".
وشددت أن "تقديم مساعدات للتنظيمات الإرهابية المسلحة في شمال شرق وشمال غرب سوريا من قبل أمريكا وأدواتها الغربية هو الذي أدى إلى تدمير الإمكانيات الاقتصادية السورية ونهب ثرواتها من قطن ونفط وقمح وآثار، كما أن نهج هؤلاء في فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب هي المسؤولة عن تدمير البنى التحتية في سوريا، واستشهاد الكثير من المواطنين الأبرياء، لأنهم رفضوا المشاركة في هذه المخططات الأمريكية والغربية".
وختمت الخارجية السورية بيانها بالقول إن "سوريا مصممة على هزيمة هذه المؤامرة الجديدة وكل القوى التي تقف خلفها، وتهيب بكل أبناء شعبنا المخلصين في الشمال الشرقي والشمال الغربي من سوريا أن يقفوا في وجه هذه المؤامرة الجديدة وإسقاطها".
حرب اقتصادية
اعتبر الدكتور أسامة دنورة، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، أن هذا الإعفاء هو تعبير عن الطبقة الثالثة من الإجراءات الأمريكية الهادفة إلى إضعاف الدولة السورية، والسعي لتفكيك بنيتها الاقتصادية ووحدتها الوطنية والجغرافية، ففي الطبقة الأولى يعمل قانون قيصر وسائر الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب على محاربة الشعب السوري في لقمة عيشه، وفي مساعيه لإعادة البناء، واستعادة دورته الاقتصادية، وذلك عبر التضييق على كل أشكال المعاملات الاقتصادية والمالية السورية مع الخارج.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أما في الطبقة الثانية من الحرب الاقتصادية الأمريكية، تعمل قوات الاحتلال الأمريكي بالتعاون مع مرتزقتها من مجموعة "قسد" على سرقة النفط وسائر الموارد الواقعة في المناطق المحتلة، ويأتي هذا الإعفاء الأخير كطبقة ثالثة من الإجراءات التي تهدف منها واشنطن إلى إيجاد تباينات اقتصادية ومعيشية وإدارية وإجرائية ما بين المناطق المحتلة من قبلها من جهة، وتلك المحررة من جهة أخرى.
وتابع: "كما تهدف إلى تدعيم مرتزقتها ماليًا بهياكلهم العسكرية والدارية، عبر السعي إلى شرعنة معاملاتهم الاقتصادية الخارجية دون المرور عبر الدولة السورية صاحبة السيادة، وعبر تجاهل إجراءاتها الحكومية، وهو ما يهدف به الأمريكان إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي الاقتصادي لدى المجموعات الانعزالية، والإسهام في تمويل الأجهزة العسكرية الميليشياوية والاستخبارية اللا شرعية التي تعمل بشكل مستمر على اضطهاد المواطنين السوريين وقمع احتجاجاتهم بالحديد والنار، وخطف أبنائهم لأجبارهم على الخدمة في صفوف مقاتليها".
وأوضح أن هذا الأمر يصنف جريمة حرب تُسأل عنه وتتحمل مسؤوليته قوة الاحتلال المهيمنة على المنطقة إضافةً لعملائها من عمال الميليشيات المحليين.
رسائل أمريكية
من جانبه اعتبر المحلل السياسي السوري، غسان يوسف أن إعفاء الولايات المتحدة الأمريكية بعض المناطق التي تسيطر عليها قوات قسد وهي في الأصل ميلشيات تابعة لأمريكا، يأتي في ظل رغبة أمريكية بالقول إن المناطق الخارجة عن الدولة والتي تسيطر عليها هذه الميلشيات في حالة اجتماعة ومعيشية أفضل من المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، قانون قيصر لم يكن موجهًا في الأساس ضد هذه المناطق ولا مناطق الاحتلال التركي، بل كان موجها ضد مناطق سيطرة الدولة السورية، للقول بإن المناطق التي تسيطر عليها الدولة هي مناطق يجتاحها الفقر، ويبحث فيها المواطنون عن لقمة العيش، وهذه الاستثناءات تأسيس لنوع من أنواع الانفصال لهذه المناطقة عن الدولة السورية، وإقامة كردون كردي كما في مناطق الشمال العرقي.
ويرى أن قيام واشنطن فرض عقوبات على مناطق ورفعها في مناطق أخرى، يصورها وكأنها أصحاب الأرض، وكأن لها الحق في فرض العقوبات وتستبيح دولة مثل سوريا، فيما يعد وجود الولايات المتحدة في سوريا احتلالا ووجودًا غير شرعي، وما يسمى بالإدارة الذاتية هي مجموعة انفصالية، سيكون هناك ردة فعل ضدها يوما ما من المواطنين السوريين.
وأكد أن المكون العربي في سوريا يزيد عن 90%، بينما لا يتجاوز نسبة الأكراد الـ 10%، وهذا يؤكد أن الوضع لن يستمر كما تريد الولايات المتحدة الأمريكية، وكما تخطط له.