جاء ذلك بعد أن مرت العملية السياسية بمنعطفات خطيرة خلال الأعوام الثلاث الماضية كادت أن تعيد البلاد إلى الاحتراب الداخلي مجددا، لكن من هو الرئيس الجديد حسن شيخ محمود وسر حالة التفاؤل والترحيب من جانب الشارع الصومالي.
بداية يقول رئيس مركز مقديشو للدراسات بالصومال، عبد الرحمن إبراهيم عبدي: "مارس الصوماليون أمس الأحد ما يمكن وصفه بالعرس الانتخابي الذي كانوا ينتظرونه منذ أكثر من عامين، انتهى بانتخاب الرئيس الأسبق حسن شيخ محمود رئيسا جديدا للبلاد ورحيل الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو".
اختلاف الرؤى
ويضيف عبدي في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن جلسة البرلمان التي عقدت بالأمس شهدت تنافسا بين رأيين، الأول الذي يتبناه الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، وهذا الرأي "يتسم بالتشدد ويسعى إلى جعل الصومال في قبضة فئة محددة تتصرف كما تشاء".
أما الرأي الثاني والذي كان يتبناه أغلب المعارضين والمرشحين، يدعو إلى صومال موحد يدعم الشراكة السياسية التي تشارك فيها جميع التيارات والتوجهات السياسية في البلاد، بحسب المحلل.
وتابع عبدي: "رغم ما حدث من مشاكل وخلافات خلال السنوات الماضية، تمكن نواب برلمان الشعب في تلك الجلسة من ممارسة حقهم في الانتخابات واختاروا رئيسا جديدا للبلاد هو الرئيس الأسبق حسن شيخ محمود".
آفاق مستقبلية
وأوضح رئيس مركز مقديشو أن حسن شيخ محمود، هو شخصية معروفة وحكم البلاد ما بين 2012- 2016، ويرى الكثير من الصوماليين أن انتخابه يفتح أمام البلاد آفاق مستقبلية واسعة للشعب الصومالي، حيث سيتمكن خلال السنوات المقبلة من تنفيذ بعض الإجراءات الضرورية لاستكمال الدستور وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات شعبية "حرة ونزيهة"، على حد وصفه.
وتابع عبدي: "في رأيي؛ إن انتخاب حسن شيخ محمود، سوف يدخل البلاد في مرحلة انفتاح على التيارات السياسية الداخلية وعلى الدول الخارجية، وأتوقع أنه في ظل الرئيس الجديد ستتحسن العلاقات الخارجية مع دول الجوار والبلدان العربية، خاصة الخليجية، التي شهدت علاقاتها مع الصومال توترا شديدا في عهد فرماجو".
تصحيح الأخطاء
بدوره يقول المحلل السياسي الصومالي، عمر محمد، إن معظم الأطراف الصومالية ترى أن مجيء حسن شيخ محمود، ورحيل فرماجو، فرصة ثمينة لإعادة تصحيح أخطاء المرحلة السابقة، وهو سر الترحيب الواسع الذي حظي بإعادة انتخاب حسن شيخ محمود.
وأضاف في حديثه لوكالة "سبوتنيك": "عقب إعلان النتيجة في ساعات متأخرة من مساء أمس الأحد، خرجت مظاهرات عفوية حاشدة في شوارع العاصمة مقديشو، وشهدت إطلاق نار كثيف احتفالا بانتصار حسن شيخ محمود، على الرغم من الحظر المفروض على العاصمة".
وبرر ذلك بأن الرئيس المنتخب له سابقة إيجابية في مجال إدارة حكم البلاد استطاع من خلالها مراعاة التوازن السياسي، حيث كانت الخلافات بين حكومته وبين الولايات الإقليمية أقل حدة من فترة حكم فرماجو.
السياسية الخارجية
وأشار المحلل السياسي إلى أن المتفائلين يطمحون إلى تصحيح السياسة الخارجية الصومالية التي تدهورت في السنوات الأربع الماضية بسبب انحسارها في محور إقليمي وعربي ضيق.
وأضاف: "لعل ذلك هو ما يدعو بعض المواطنين إلى الاعتقاد بأن الرئيس الجديد قادر على تحقيق شعار حملته الانتخابية، بتكوين دولة صومالية متصالحة مع نفسها ومع العالم انطلاقا من خبراته السياسية السابقة في هذا المجال".
صوت البرلمان الصومالي المكون من 329 نائبا بغرفتيه الشيوخ والشعب أمس الأحد على الرئيس الصومالي العاشر من بين 34 مرشحا، أعلنوا بشكل رسمي ترشحهم لهذا المنصب.
وتعد هذه الانتخابات الأقوى من نوعها منذ العقود الأخيرة، ليس فقط لأنه يشارك فيها 3 رؤساء سابقين، وإنما لكونها أيضا تأتي بعد فترة من النقاشات والخلافات السياسية الحادة.
وصلت هذه الخلافات إلى درجة انقسام الجيش الصومالي وحدوث اصطدام مسلح بين فرقه داخل العاصمة مقديشو، بعد محاولة التمديد التي قام بها الرئيس المنتهية ولايته فرماجو عن طريق قرار برلماني غير دستوري، بحسب موقع "المستقبل" الصومالي.
وخاضت الصومال خلال العقدين الماضيين من مسيرة إعادة بناء دولتها 5 انتخابات رئاسية، وبذلك تكون انتخابات الأمس الانتخابات الرئاسية السادسة التي تشهدها الصومال منذ 2000.
يانتخب الرئيس الصومالي وفق الآليات الدستورية، والتي تنص على أن أعضاء البرلمان بمجلسيه الشيوخ والشعب، البالغ عددهم 329 نائبا، هم من يصوتون للرئيس الصومالي نيابة عن الشعب.