لماذا حذرت الأمم المتحدة من "انفجار شعبي" قادم في العراق

كشف حديث المبعوثة الأممية للعراق جينيس هيبسن بلاسخارت، أمام مجلس الأمن الكثير عن الكوارث التي تعيشها البلاد في ظل انسداد الأفق السياسي وتدهور الأوضاع السياسية، الأمر الذي دفعها للتحذير من غضب شعبي قادم إن لم يتم الخروج من المأزق.
Sputnik
هل اقترب العراق من نقطة الانفجار الشعبي بعد أن أوصل العناد السياسي والولاءات الخارجية البلاد إلى نفق شديد الظلمة قد يعصف بالدولة؟
بداية يقول المحلل السياسي العراقي، إياد العناز: "تحدثت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جينيس هيبسن بلاسخارت الثلاثاء الماضي أمام مجلس الأمن الدولي وأعطت صورة واقعية عن المشهد السياسي وعدم وجود طبقة سياسية تسعى لإحراز تقدم في تحقيق القائمة الطويلة الأولويات المحلية، بدلا من الاكتفاء بمعارك السلطة التي عفا عليها الزمن".
الإرث الأمريكي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هنا تبرز أهمية الحدث السياسي الذي لا يزال يعاني منه أبناء الشعب العراقي طيلة عقدين من الزمن بسبب بنود الدستور الذي وضعته أدوات المحتل الأمريكي وآفاق العملية السياسية التي أتى بها الأمريكان وساهم بدعمها وإسنادها النظام الإيراني وتشكيلاته الأمنية والعسكرية، وبعد سبع حكومات تلت الاحتلال لم تتمكن جميعها من تحقيق التقدم والازدهار والبناء والأعمار داخل المجتمع العراقي، بل شهدت هذه السنوات الكثير من الخلافات والصراعات الحزبية التي أثرت على روح الدفاع عن المواطنين، وشكلت عبئا استراتيجيا لحالة التخلف والتراجع في عملية التغيير والإصلاح والنمو والأعمار، وساهمت في تكوين الأزمات وافتعال المشاكل بسبب المصالح والمنافع السياسية الحزبية، بعيدا عن طموحات وآمال المواطنين العراقيين".
الانسداد السياسي
وتابع المحلل السياسي، ممثلة الأمين العام أشارت إلى ظاهرة سياسية انبثقت بعد الانتخابات الأخيرة وأطلق عليها مصطلح "الانسداد السياسي"، بالقول: "إنها الذريعة التي تبرر الجمود السياسي بينما يتعرض عامة الناس للمعاناة، ويمكن للغضب الشعبي أن يندلع في أي لحظة"، وهي بذلك تشير إلى الحراك الشعبي الذي قام به أبناء ثورة أكتوبر/تشرين الأول، المباركة نهاية عام 2019 والتضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشعب العراقي وما آلت إليه أهداف الثورة ومحاصرتها والتأثير عليها من بعض الجماعات والمليشيات المسلحة ومحاولات التهديد بالاغتيال والاعتقال والمطاردة الأمنية ولكن جميع هذه المحاولات لم تتمكن من إخماد وهج الثورة وبقيت عامرة في صدور الثوار تحميها قلوب الأحرار".
غضب مكتوم
وأوضح العناز، أن صدق الأحداث جعلت بلاسخارت تتحدث بوقائع ميدانية واضحة و بكلام دقيق عن ما يشعر به المواطن بقولها "إذا قمتم بزيارة لأي من الأسواق سيخبركم العراقيون أن المصلحة الوطنية هذه المرة أيضا تتراجع لصالح الاعتبارات القصيرة النظر والرامية للسيطرة على الموارد ولعبة السلطة"، وهذا توصيف حي للصراع السياسي بين الأحزاب واستمرار الفساد الاقتصادي وسعي المسؤولين للاستحواذ على مقاليد الحكم والتحكم بموارد وثروات البلاد، تحقيقا لمنافعها الفئوية وتعزيز لمكانتها وهيمنتها على السلطة بعيدا عن المعاناة التي يعيشها المواطن، دون العمل على إيجاد الحلول الجذرية للخروج به من الأزمات التي يعانيها وتعطيه بارقة أمل و تبشره بغد أفضل وحياة كريمة.
تراكمات سياسية

وأشار المحلل السياسي إلى أن التراكمات السياسية والصراعات والاختلافات بين الأحزاب، جعلت الأزمات أكثر عمقا وتجذر خلال نتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2021، ورسمت ملامح خطيرة لتطورات قد تحدث في الميدان العراقي وتؤثر على مسار الحياة العامة لأبناء الشعب، وابتعاد البعض عن حقيقة المعاناة التي يعيشها المواطن الذي ينتظر الحلول لمشاكله وأزماته المجتمعية، لهذا سنكون أمام أيام وسيناريوهات قادمة ستحسم الأمور.

دور تخريبي
من جانبه أمين الحزب الطليعي الناصري بالعراق، الدكتور عبد الستار الجميلي، قال: "الحقيقة أن أحد أسباب الغضب الشعبي هي الأمم المتحدة وممثلتها المرفوضة من الشعب العراقي، والتي تمارس دورا تخريبيا في العراق لصالح أمريكا، ومنحازة منذ البداية للعملية السياسية الفاشلة و محاصصتها البائسة، التي حولت العراق إلى مزرعة خاصة تتقاسمها كتل بغداد وأربيل".

وأضاف لوكالة "سبوتنيك" أن السياسات الأممية وانحيازها للعملية السياسية الفاشلة في العراق، هو ما أوصل البلاد إلى مصاف الدولة الفاشلة من جانب، وأدخلته في أزمة دستورية وسياسية مغلقة من جهة أخرى.

وأكد الجميلي، أن "تلك السياسات المنحازة جعلت الغضب الشعبي يعتمل في نفوس الغالبية الساحقة من الشعب العراقي، بعد أن تم مواجهة كل وسائل التعبير السلمية بالحديد والنار، الذي لا تفهم سواه هذا الكتل".
الشرعية الشعبية
وأشار أمين الحزب الطليعي إلى أن الخروج وحل المأزق الراهن، لم يعد متوقفا على توافق أو عدم توافق هذه الكتل، فقد خرج زمام الأمور من يديها وباتت الخيارات تتعلق بالشرعية الشعبية الثورية، التي بدأت تبحث عن طرق حاسمة لإنهاء أوضاع الاستبداد والفساد والتبعية، وبالتالي لا قيمة لتحذير الأمم المتحدة التي آن الأوان أن تترك العراق لشعبه وتسحب ممثلتها البائسة التي لم يترتب على وجودها إلا المآسي والانحياز للاحتلال الخارجي ودعم مسارات الفوضى في العراق.
طالبت جينين هينيس بلاسخارت، مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق، الثلاثاء الماضي، الطبقة السياسية العراقية "بضرورة الخروج من المأزق الذي تمر به مؤسسات البلاد منذ أكثر من سبعة أشهر، محذرة من مخاطر حصول اضطرابات شعبية"، بحسب موقع العربية.
وأضافت في تصريح للصحفيين عقب جلسة دورية لمجلس الأمن الدولي حول العراق أنها دائما ما تسعى لرؤية الجانب الإيجابي من الأمور "لكن حان الوقت لإحداث تغيير وارتقاء القادة السياسيين العراقيين إلى مستوى أعلى".
وحذرت المبعوثة الأممية من احتقان شعبي في العراق، وقالت: "لا يمكن أن نسمح بالعودة إلى الأوضاع التي شهدناها في أكتوبر 2018"، في إشارة إلى التظاهرات التي شهدتها البلاد.
وكررت مناشدتها أمام مجلس الأمن على "أهمية الخروج من المأزق السياسي" الذي يشهده العراق منذ نهاية العام الماضي، والذي تقول إنه يثير نقمة شعبية.
وأشارت المبعوثة الأممية إلى تفاقم الأوضاع في البلاد جراء "التداعيات المستمرة للجائحة والتوترات الجيوسياسية العالمية".
وشددت على ضرورة أن "تسود نية صادقة وجماعية وعاجلة لحلّ الخلافات السياسية لكي تتمكن البلاد من المضي قدما والاستجابة إلى احتياجات أبنائها."
ولا يزال العراق بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على الانتخابات التشريعية، يشهد شللا مع تعذر انتخاب رئيس للبلاد، حيث أنه ووفقا للدستور العراقي فإن رئيس الجمهورية هو الذي يكلف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة، ومع استمرار الأزمة، تم مد فترة ولاية الرئيس برهم صالح حتى يتم الخروج من المأزق، وكذا بالنسبة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
الصدر وبلاسخارت يؤكدان ضرورة المصادقة على نتائج الانتخابات "دون تأخير"
مناقشة