ويأتي القرار بعد أيام قليلة من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية حذف التصنيف الإرهابي عن حركة "كاهانا تشاي" الإسرائيلية، وهي جماعة يهودية متطرفة مرتبطة بالحاخام الراحل مئير كهانا.
وطرح البعض تساؤلات عن دوافع القرار، ودلالات التوقيت، لا سيما في ظل التهديدات المتصاعدة من قبل المقاومة الفلسطينية على رأسها حماس للتصدي لأي انتهاك إسرائيلي في القدس، قبل أيام من انطلاق مسيرات الأعلام التي ينظمها اليهود.
قائمة العقوبات الأمريكية
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها فرضت عقوبات على مسؤول مالي في حركة حماس وشبكة من الوسطاء الماليين والشركات تدر عائدات للجماعة الفلسطينية.
وأكدت في بيان أن العقوبات تستهدف مكتب الاستثمار التابع لحماس، والذي يملك أصولاً تقدر قيمتها بأكثر من 500 مليون دولار، بينها شركات تعمل في عدة دول عربية، وفقا للعربية.
وقالت إليزابيث روزنبرغ، مساعدة وزير الخزانة لشؤون تمويل الإرهاب والجرائم المالية "جنت حماس عائدات ضخمة من خلال محفظتها الاستثمارية السرية في الوقت الذي تزعزع فيه استقرار غزة، التي تواجه ظروفا معيشية واقتصادية قاسية".
وقالت وزارة الخزانة إن المسؤول في حماس الذي أُدرج على قائمة العقوبات هو عبد الله يوسف فيصل صبري، وهو محاسب عمل في وزارة المالية التابعة لحماس عدة سنوات.
تعزيز صمود إسرائيل
اعتبر مصطفى الصواف، المحلل السياسي المقيم في قطاع غزة، أن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على كيانات وأشخاص تابعين لحركة حماس، أمر غير مستغرب في ظل الأوضاع غير الصحيحة القائمة.
وقال في حديثه لـ "سبوتنيك": "لا جديد حول هذا الأمر، إذا كانت حماس كحركة مقاومة للمحتل والقانون الدولي يسمح لها بمقاومة المحتل تصنف لدى أمريكا حركة إرهابية، فخضوع بعض كياناتها لنفس ما خضعت له حماس، وتفرض عليها عقوبات وتوضع في قوائم الإرهاب غير مستغرب من دولة ترى من يقاوم الاحتلال إرهابيًا".
وعن دلالات توقيت إعلان الإدارة الأمريكية لهذه العقوبات، قال المحلل السياسي الفلسطيني إنها محاولة جديدة للوقوف في وجه المقاومة وتعزيز صمود إسرائيل، في ظل حالة التراجع والفوضى التي تعيش فيها.
في السياق، اعتبر مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن سياسة الضغط الأمريكي من خلال إصدار مثل هذه القرارات الظالمة بحق قوى وفصائل الشعب الفلسطيني وقيادات فيها ليست جديدة، حيث سبق لها تاريخيا استخدام مثل هذه الأوراق الضاغطة على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح بهدف النيل من مواقفنا الفلسطينية الوطنية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن نجاح حركة حماس الكبير في مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي داخل فلسطين وتطورها اللافت في هذا المجال يجعلنا نتوقع استمرار الضغط الأمريكي على هذه الحركة الثابتة وطنيا التي نجحت في إدارة دورها الوطني الكبير بشكل مشترك مع الكل الوطني الفلسطيني.
ويرى أبوكرش أن دلالات توقيت إصدار مثل هذه القرارات الجائرة، تعبر عن دور أمريكي مباشر في مواصلة احتلال فلسطين هي عجز إسرائيل عن إيجاد حلول عسكرية لوقف المد البشري الفلسطيني الثائر داخل فلسطين وهو المد الذي أصبح يستمد قوته من خلال مواقف فصائل المقاومة الفلسطينية وأعمالها وعلى رأس ذلك حركة حماس.
وتابع: "على حركة حماس أن تستفيد من تجارب من سبقوها في مواجهة هذا النوع من الضغط على الفلسطينيين وذلك بالتركيز على أن تكون أوراق عملها الوطني الأبرز داخل فلسطين وخارجها لأنها تواجه عالم منافق وظالم".
وقالت قناة عبرية، إن إسرائيل بعثت برسالة إلى حركة "حماس" الفلسطينية، عبر قطر ومصر قالت فيها إنها غير معنية بالتصعيد، وسط تهديدات بإطلاق صواريخ من غزة إذا مرت "مسيرة الأعلام" عبر منطقة باب العامود بالقدس الشرقية.
ومن المقرر أن تنطلق المسيرة التي ينظمها متطرفون إسرائيليون ويحملون خلالها الأعلام الإسرائيلية يوم 29 مايو/آيار المقبل من القدس الغربية عبر منطقة باب العامود والحي الإسلامي وصولا إلى حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى.
وأوضحت القناة "13": "على خلفية تهديدات حماس والجهاد الإسلامي بالتصعيد الأمني إذا مرت مسيرة الأعلام في يوم القدس عبر باب العامود، أرسلت إسرائيل مؤخرا رسالة إلى حماس عبر الوسيط القطري والمخابرات المصرية وقالت إنها غير معنية بالتصعيد".
وأضافت: "الرسالة التي تم نقلها هي أن المسار الخاص بالمسيرة لا يختلف عن السنوات الأخيرة، وإذا أطلقت حماس الصواريخ على إسرائيل أو سمحت بإطلاق النار من منظمات أصغر في قطاع غزة فإن إسرائيل مستعدة لضرب غزة".
وكانت حركة "حماس" في قطاع غزة قد حذرت إسرائيل من تنظيم المسيرة التي تنتهي عند حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى وتمر عبر أحياء فلسطينية بالقدس.
وقال رئيس الحركة إسماعيل هنية يوم الأحد الماضي "هناك دعوات استيطانية لاقتحام المسجد الأقصى وتنظيم مسيرة الأعلام، أحذر العدو من الإقدام على مثل هذه الجرائم".
وأكد هنية أن "المقاومة لا ولن تسمح ولن تقبل بتمرير هذه الخزعبلات اليهودية في المسجد الأقصى" مضيفا "سنواجه بكل الإمكانات ولن نسمح مطلقاً باستباحة المسجد الأقصى".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، قررت الشرطة الإسرائيلية نشر الآلاف من جنودها في مدينة القدس الشرقية والمدن المختلطة وذلك قبل أيام على انطلاق "مسيرة الأعلام" المثيرة للجدل.