البداية من مدينة فولنوفاخا التابعة لدونيتسك، حيث تقول إحدى السيدات لـ"سبوتنيك"، إن السكان شعروا بمجيء العيد عندما رأوا علم الجمهورية المستقلة يرفرف فوق مبنى بلدية المدينة.
وتضيف أنها وأسرتها بدأت "حفل شاي" بمجرد العلم بالخبر، واحتفالا بتحرير المدينة، متابعة: "يا له من عيد، الحمد للرب؛ انتهى كل شيء وسيتوقف القصف. لم يكن لدينا القوة للبقاء هنا أكثر من ذلك".
وتكمل السيدة حديثها: "بشكل عام، توقعنا أن الأمر سيستغرق بين يومين أو 3 أيام، وينتهي كل شيء، لكنه استمر طيلة أسبوعين، لكن في النهاية غمرتنا السعادة في أقصى حدودها، الحمد للرب".
وعن معاناة السكان قبل تحرير البلدات والمدن المجاورة، يقول أحد سكان الإقليم، إن القوات الأوكرانية استولت على سيارته عندما ذهب لجلب المياه لأسرته، وألقت بهم في الطريق وهددتهم بالضرب وحتى القتل، قبل أن يعثر على السيارة مفككة بعد شهر من هذه الواقعة.
فيما قال آخر من قاطني إحدى القرى المحررة حديثا والذي تعرض للضرب المبرح لتحدثه الروسية: "تقصف أوكرانيا القرى لإخراج السكان منها قبل أن تدخلها قواتهم. حيثما تتواجد القوات الأوكرانية، تنعدم الحياة في القرى، هذا كل شيء".
وأشار إلى قرى وبلدات نفوغريغوريفكا وزاريا وأولينيفكا، كدليل على تدمير القوات الأوكرانية للمنطقة الشرقية، التي يقع فيها إقليم دونباس موطن جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك المستقلتين.
وأضاف أن كييف بعد تدمير القرى تدعي أن روسيا هي من فعل ذلك، حيث "يظنون أننا أغبياء لا نرى من أين تنطلق القذائف. السكان لا يريدون دخول العسكريين الأوكرانيين لأنهم يعرفون أن بلداتهم ستصبح خرابا".
حول استهداف الأقليات وأصحاب الأصول الروسية، قال إن قوات المتطرفين عندما تصادف أحد السكان تجبره على التحدث بالأوكرانية حتى لو كان ينطق الروسية، مضيفا: "أصولي نصفها روسية ونصفها أوكرانية، أتحدث كما يحلو لي، لكن لهذا السبب ضربوني مرتين".
في أماكن أخرى من الإقليم والتي لم تكن بين المناطق المحررة مبكرا، شكا السكان خاصة الطاعنين في السن، عدم قدرتهم على مغادرة بلداتهم، وقطع شبكات الاتصال عنهم، في الوقت الذي تعرضوا فيه للقصف المستمر من الجانب الأوكراني.
وتُظهر كاميرا "سبوتنيك" المتجولة على طول الخط الشرقي في المناطق المحررة، كيف تحولت بعض المدن إلى بلدات أشباح، من أثار الدمار الذي طال الأخضر واليابس وترك سكانها يهيمون على وجوههم بين الأطلال بحثا عن الطعام والدواء قبل وصول قوات التحرير.
البعض أيضا تحدث عن صعوبات في نقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات المدنية من جراء القصف المتواصل ونقاط التفتيش ومجموعات النهب النازية، ما أجبرهم على الاختباء طويلا (لأسابيع عدة في بعض الحالات) داخل الأقبية، مع القليل من الموارد الحيوية التي تسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة.
واحدة من سكان مدينة فولنافاخا قالت إن القوات الأوكرانية أخبرتهم عند وصولها، إنها ستسوي المدينة بالأرض إذا أجبرت على الخروج منها.
وذكر آخر أن القصف بقذائف الهاون وصواريخ غراد كان مكثفا بالفعل على المدينة، حيث كانت تسقط نحو 30 قذيفة على قريته كل يوم تقريبا من الجانب الأوكراني، إلى جانب المقذوفات الحارقة التي أشعلت المنازل.
في ماريوبول، أكد أحد السكان المحليين تعهد قوات "آزوف" النازية الإرهابية بتخريب المدينة قبل مغادرتها، قائلا إنهم أوفوا بعهدهم ودمروا كل شيء بالفعل، مثل المتاجر والمقاهي، وإنهم "أخذوا كل شيء ثم أحرقوها".
بدأت روسيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا بعد أن طلبت جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك المساعدة للدفاع عن نفسيهما من الهجمات المكثفة للقوات الأوكرانية.
وتهدف العملية، كما أوضح الرئيس فلاديمير بوتين، إلى وقف عسكرة أوكرانيا ومواجهة النازيين الجدد، وتقديم جميع المسؤولين عن الجرائم الدموية ضد المدنيين في دونباس، إلى العدالة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن العملية تستهدف البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا وأن المدنيين ليسوا في خطر، وتقول موسكو إنها لا تخطط لاحتلال أوكرانيا وإنما نزع سلاح كييف ووقف تهديداتها.
وزودت القوات الروسية المدنيين بالمساعدات الإنسانية في المناطق التي سيطرت عليها داخل أوكرانيا، وضمنت ممرات عبور آمنة لمن يرغب في المغادرة من المدنيين، وحتى الآن تمكنت قوات التحرير من فك حصار أغلب مناطق الإقليم تقريبا وألحقت خسائر فادحة بكييف وكتائبها النازية.
رد الغرب على العملية الروسية بفرض حزمة كبيرة من العقوبات بغرض تقويض إرادة موسكو وعزلها عن العالم كما يدعي، لكن روسيا أكدت أنها استعدت جيدا لمثل هذه الإجراءات التي توقعت حدوثها بغض النظر عن الموقف بشأن أوكرانيا.