هل ينجح البرلمان في استحقاق الحكومة ورئاسة الجمهورية أم يدخل لبنان مرحلة الفراغ

في خضم ما أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في لبنان، وظهور كتلة القوى التغييرية، وخسارة كل الكتل الوازنة للأكثرية النيابية، يواجه المجلس الجديد استحقاقات مهمة، أبرزها اختيار الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية.
Sputnik
أعرب مراقبون عن مخاوفهم من الدخول في مرحلة الفراغ الدستوري، بعد الفشل المتوقع في التوافق على اختيار الحكومة وكذلك انتخاب رئيس الجمهورية، مؤكدين أن لبنان في هذه الحالة قد يواجه شبح الانهيار الكامل، واللجوء إلى مؤتمر تأسيسي أو الذهاب للفوضى.
والأسبوع الماضي، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أن رئيس الجمهورية ميشال عون طلب من الحكومة الاستمرار في عملها إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وخسر "حزب الله" أغلبيته الائتلافية البرلمانية في انتخابات أسفرت عن مكاسب كبيرة لخصومه، حسبما أظهرت النتائج النهائية.

تشكيل الحكومة واختيار الرئيس

قالت الكاتبة والمحللة السياسية اللبنانية، ميساء عبد الخالق، إنه مع بدء ولاية مجلس نيابي جديد، دخلت الحكومة اللبنانية مرحلة تصريف الأعمال، إلى أن يدعو الرئيس اللبناني بعد انتخاب رئيس مجلس النواب، لاستشارات نيابية ملزمة، بعدها يدخل رئيس الحكومة المكلف في استشارات نيابية غير ملزمة لتشكيل الحكومة، ومن المقرر بعد ذلك التوجه إلى استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
مساعد ​وزير الخارجية الأمريكي​: الشلل السياسي في لبنان سيستمر لسنين طويلة
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، تنص المادة 69 من الدستور اللبناني على أن الحكومة تعتبر مستقيلة إذا استقال رئيسها، وإذا فقدت أكثر من ثلث عدد أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها بوفاة رئيسها، وعند بدء ولاية رئيس الجمهورية، وعند بدء ولاية مجلس النواب وعند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه أو بناء على طرحها الثقة، وبحسب المادة ذاتها عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكما في دورة انعقاد استثنائية، حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة.
وتابعت: "يتخوف مراقبون من صعوبات قد تواجه مسار تشكيل حكومة جديدة في لبنان خاصة أن تجارب لبنان تؤكد أن تشكيل الحكومات ليس بالأمر السهل، حيث تم تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة السيد نجيب ميقاتي في سبتمبر/ أيلول 2021، بعد 13 شهرا على استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس/ آب 2020، وبعد أن فشل السيد سعد الحريري في تشكيل حكومته الذي استمر في مهمة التكليف 9 أشهر واعتذر في يوليو/ تموز 2021، وقبله أيضا مصطفى أديب الذي اعتذر عن مهام التكليف أيضا في سبتمبر 2020".
وترى أن هناك عقبات قد تواجه البرلمان الجديد في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك انطلاقا من التجارب اللبنانية على هذا الصعيد، حيث انتخب الرئيس اللبناني الحالي العماد ميشال عون رئيسا للبنان عام 2016 بعد فراغ رئاسي استمر 29 شهرا وبعد تسوية بين الفرقاء اللبنانيين.
وشددت على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية الرئيس اللبناني في أكتوبر القادم، لأنه في حال انتهاء صلاحية الرئيس اللبناني دون الإعلان عن حكومة جديدة تقع البلاد في مأزق دستوري، لأنه وفي حال خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء وفقا للمادة 62 من الدستور.

فراغات تعطيلية

بدوره اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن التشكيل الجديد للبرلمان بعد انتهاء الانتخابات التي عقدت رغم الانهيارات التي تعيشها البلاد، يؤكد أن البرلمان دخل في مرحلة الفراغات التعطيلية وسيكون عاجزًا عن تأمين توازنات وتوافقات لتشكيل حكومة، كما سيكون عاجزًا عن تأمين انتخابات رئيس الجمهورية.
تظاهرة للقطاع الطبي والاستشفائي أمام مصرف لبنان "ندق ناقوس الخطر"
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، النتيجة التي تمخضت عن الانتخابات لجهة غياب التكتلات الكبرى المعبرة عن القوى والطوائف كون النظام السياسي والدستوري في لبنان نظام محاصصة طائفية تجعل من إمكانية التوافقات أمرا مستبعدا، مؤكدًا أن وجود كتلة سائلة من النواب ليس لها أي مركز أو قائد أو توجهات وبرامج واضحة يزيد من حالة الفوضى النيابية التي دخل فيها المجلس النيابي وربما تطول لفترة، إلا إذا سبق موعد انتخابات رئاسة الجمهورية انهيار الدولة.
وتابع: "هذا الانهيار يقود لبنان إلى الفوضى ويحصر المخارج في طريقين؛ الأول مؤتمر تأسيسي لإعادة إنتاج النظام اللبناني وتطويره، أو الفوضى التي سيكون لها نتائج أخرى مختلفة، كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن لبنان مهدد بالزوال في أزمة عميقة متعددة الأسباب والدوافع، وكلها هيكلية وذات طبيعة نوعية، ومن المتوقع أن يعجز البرلمان عن القيام بمهامه ووظائفه".
وتنافست في الانتخابات التشريعية 103 قوائم انتخابية تضم 718 مرشحا موزعين على 15 دائرة انتخابية، لاختيار 128 نائبا في البرلمان.
وينتظر أن ينتخب المجلس الجديد رئيسا جديدا للبلاد، خلفا لميشال عون، الذي يشغل هذا المنصب، منذ عام 2016، والذي تنتهي ولايته، في نهاية أكتوبر المقبل.
مناقشة