خبراء يوضحون لـ"سبوتنيك" ضوابط لضمان الوظيفة الاستثمارية للصندوق السيادي المقترح في لبنان

اتهم عضو المنتدي الاقتصادي والاجتماعي في لبنان الخبير والمحلل، عماد جبري، جمعية المصارف بالرغبة في وضع يدها على أملاك الدولة التي تعود بالأساس للشعب اللبناني.
Sputnik
القاهرة - سبوتنيك. ولفت جبري إلى أنه على الحكومة الجديدة، إن أبصرت النور، وضع خطة تعاف جديدة، وذلك في أعقاب إعلان جمعية المصارف اللبنانية، الثلاثاء الماضي، رفضها لخطة التعافي التي أقرتها الحكومة اللبنانية في جلستها الأخيرة قبل تحويلها إلى حكومة تصريف الأعمال.
وقال جبري، في حديث لوكالة "سبوتنيك"، إن "جمعية المصارف تريد وضع يدها على أملاك الدولة التي هي ملك للشعب وأجياله، سواء عبر الخصخصة المباشرة أو بواسطة صندوق سيادي يديرونه ويقبضون عليه"، متابعا أنه لا بد من إعادة هيكلة للقطاع المصرفي بحيث يقتصر عددهم من 10 إلى 15 مصرفا على الأكثر بدلا من 62 مصرفا حاليا، فضلا عن تحديد المسؤوليات تجاه الوضع الاقتصادي بلبنان، ومن ثم توزيع الخسائر.

واستفهم مستنكرا "صندوق يستثمر ولا يتملك... ولكن من يديره ولصالح من؟".

وحول إقامة صندوق سيادي، فسر الخبير اللبناني، أن هناك بعض الضوابط لضمان فعالية هذا الصندوق، وعددها في "ضرورة احتفاظ أصحاب الودائع بالحق في الاعتراض أولا، وأن تكون الملكية لرأس المال، فلا يكون هناك احتكارات تسيطر عليه".
هل ينجح البرلمان في استحقاق الحكومة ورئاسة الجمهورية أم يدخل لبنان مرحلة الفراغ

وشدد على ضرورة أن يكون الصندوق لفترة محددة وليست مفتوحة، من 15 إلى 20 عاما مع الحرص على إبعاد جمعية المصارف عن إدارته، وفتحه أمام المغتربين اللبنانيين (الانتشار اللبناني)، فضلا عن عدم وجود تكتل احتكاري يتولى الهيمنة عليه، ولا تزيد أي حصة به عن 3 في المئة مع وجود ما يعرف بالسهم الذهبي للدولة وحق الاعتراض.

وأشار إلى أن من ضمن الخطة السير على طريقين متوازيين، الأول هو استعادة الأموال المنهوبة في الخارج، قائلا "الغرب يعرف أين حولت الأموال وإلى أي مصارف"، وذلك ليس بمعزل عن مشروع اتفاقية صندوق النقد الدولي، المرتبط بشروط سياسية وتوقيت سياسي وتشكيل حكومة.

وتدفع خطة الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة نجيب ميقاتي، والتي أصبحت حكومة تصريف أعمال بعد إجراء الانتخابات النيابية، باتجاه تحميل المودعين معظم قيمة الخسائر التي قُدرت بنحو 72 مليار دولار مما يعكس "تنصل الدولة من مسؤوليتها"، ووضع المودعين بمواجهة المصارف، والهروب من تقديم ضمانات لإعادة كامل الودائع الصغيرة لأصحابها، والتي تقل عن مليون دولار، على حد تعبيره.

وشدد الخبير الاقتصادي على أن من واجبات الدولة بالمقام الأول، إجبار المصارف على الوفاء بالتزاماتها الائتمانية، ومن ثم ضمان الودائع خاصة لصغار المودعين.

ورأي جبري، أنه من الضروري قبل تقسيم الخسائر، تحديد المسؤوليات، من خلال تدقيق جنائي شامل وشفاف عن الفساد الذي "أفقر الشعب اللبناني"، والذي تتحمل مسؤوليته الدولة متمثلة في الحكومات المتعاقبة، والتي أنفقت أضعاف هذه المبالغ بموافقة من المجالس النيابية المتعاقبة، متابعا "أي بين أطراف الطبقة السياسية المصرفية الفاسدة".

ورجح الخبير الاقتصادي أن الحل في تغيير وظيفة القطاع المصرفي من وظيفة هدفها الأساسي هو جني الأرباح من الريع، إلى وظيفة استثمارية في القطاعات الإنتاجية تكون في خدمة المجتمع، ومصارف متخصصة لدعم الصناعة والزراعة والتكنولوجيا، تساعد الدولة فيها بشكل رئيسي.

وفي الإطار ذاته، اتفق الباحث في "هندسة أمن المجتمعات"، محمد ياسر الصبان، على أن "الحكومة تتنصل من مسؤوليتها، وأن المودعين هم من سيتحملون ثمن الأزمة".

وفسر أن البنك المركزي عمل عدة مرات على إعادة جدولة لديونه، يحفظ من خلالها قيمة الليرة، ولكن بعد تفاقم الأزمة لم تستطع السلطة اللبنانية تسديد ديوانها بالعملات الأجنبية، لافتا إلى أن البنك المركزي لو ذهب لتسديد الديون بالليرة سيصير هناك "تضخم لولبي".

ويعتقد الصبان، أنه "لا يوجد حكومة بالمدى المنظور... وأن الأحزاب بالسلطة اللبنانية أفلست فكريا، والمتضرر هو الحلقة الأضعف متمثلة في المواطن".

وأوضح أن المصارف اللبنانية هي المشكلة الأساسية، لافتا إلى أن القطاع المصرفي العام يُعتبر سبب النمو الاقتصادي، وهو المُولد للكتلة النقدية الوهمية الائتمانية (مضاعف الائتمان)، موضحا أنه يولد كتلة تعمل على ازدهار النمو ولكن ثمراته تعود له.
رياض سلامة يدعو مصارف لبنان لإبقاء فروعها وصناديقها مفتوحة لمدة 3 أيام


ورجح الصبان أن مستقبل لبنان خارج النظام المصرفي سيكون أفضل، متابعا "سيساعد هذا على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، ومن ثم حل أزمة لبنان الاقتصادية، وجعله نموذجا للمجتمعات الأخرى"، مستدلا بالمجتمع الياباني بعد الحرب العالمية الثانية كان المصرف المركزي الياباني هو الممول لقطاع الإنتاج ما خلف عنه انتفاضة كبيرة جدا في قطاع الإنتاج.

ويذكر أن الجمعية اعتبرت أن الخطة الحكومية تعكس تنصل الدولة ومصرف لبنان من موجباتهما بتسديد الديون المترتبة بذمتهما.

وقال إن الحكومة أبت إلا أن تودّع اللبنانيين بشكل عام والمودعين بشكل خاص عبر إقرار خطة نائب رئيس الحكومة القاضية بتنصّل الدولة ومصرف لبنان من موجباتهما بتشديد الديون المترتبة بذمتهما، وتحميل كامل الخسارة الناتجة عن هدر الأموال التي تتجاوز السبعين مليار دولار أميركي إلى المودعين بعد أن قضت الخطة على الأموال الخاصة بالمصارف.
مناقشة