والتقى أمس الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله، الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، لإجراء مباحثات حول آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وقال الرئيس أبو مازن، إن السلطة الفلسطينية بصدد اتخاذ إجراءات لمواجهة التصعيد الإسرائيلي في ظل عجز المجتمع الدولي عن إرغام إسرائيل على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية.
وأضاف عباس أن "الوضع الحالي لا يمكن القبول باستمراره ولا يمكن تحمله في ظل غياب الأفق السياسي، والحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وتنصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي من التزاماتها وفق الاتفاقات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية".
وانتقد الرئيس الفلسطيني "مواصلة (إسرائيل) الأعمال أحادية الجانب وبخاصة في القدس، والاعتداء اليومي على المسجد الاقصى، وطرد الفلسطينيين من أحياء القدس وهدم منازلهم وقتل الأطفال وأبناء شعبنا العزل، وجرائم الاستيطان وإرهاب المستوطنين".
وأكد أن القيادة الفلسطينية بصدد اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا التصعيد الإسرائيلي، في ظل عجز المجتمع الدولي عن إرغام إسرائيل على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، ووقف ممارساتها الإجرامية والاحتلالية وما تقوم به من إجراءات تطهير عرقي وتمييز عنصري، في ظل الصمت الأمريكي على هذه الاستفزازات والممارسات التي تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي".
بدوره، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دعم الأردن الثابت للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني، وتعليمات الملك بمواصلة التنسيق والمشاورات لحشد دولي لمواجهة الممارسات الإسرائيلية التي تنتهك الوضع التاريخي في الحرم الشريف والتوسع الاستيطاني وجرائم المستوطنين.
وأكد الصفدي أن "الجانبين الفلسطيني والأردني سيواصلان الاتصالات والمشاورات مع المجتمع الدولي وبخاصة الدول المعنية بهذا الخصوص".
مساندة دائمة
اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن زيارة وزير الخارجية الأردني للرئيس عباس هي تأكيد على الدعم والإسناد السياسي الكامل من الأردن الشقيق وعلى رأسه الملك عبد الله الثاني للقيادة والشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هناك تنسيقا دائما ومستمرا بين الأردن وفلسطين على كافة المستويات القيادية للبلدين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الأردن شريك أساسي للشعب وللقضية الوطنية الفلسطينية، وسند في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بحكم التاريخ والدم المشترك والجغرافيا الواحدة التي تؤكد على وحدة الهدف والمصير.
وأضاف شعث أن حديث وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي انعكاس للدور السياسي والدبلوماسي الذي تلعبه الأردن لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وبخاصة في فلسطين.
وأكد أن الطريق إلى السلام واضح وهو إزاحة الاحتلال عن الأرض الفلسطينية العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مؤكدًا أن المجتمع الدولي يعرف هذا الطريق جيدا وأصدروا القرارات الدولية واحدة تلو الأخرى ولو أرادوا إجبار الاحتلال على سحب قواته وتنفيذ قراراتهم لفعلوا.
وتابع: "العار سيلاحق المجتمع الدولي لطالما ظل الاحتلال في فلسطين يقتل ويحاصر ويعربد وينتهك كل حقوق الإنسان، والشعب الفلسطيني سينتصر بصموده وإرادته وتحديه للاحتلال، ومن الواجب على الأشقاء العرب الحذو لمساندة شعب فلسطين جنبًا إلى جنب مع جهود الأردن، الذي لا يألوا جهدا بالتحرك في كافة الميادين الدولية دعمًا وإسنادًا لفلسطين".
رسائل مهمة
بدوره، اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي الأردني، وعضو مجلس النواب السابق، أن زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي للرئيس عباس، جاءت للتأكيد على وقوف الأردن بجانب فلسطين والسلطة الوطنية، ومع إقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على ترابها الوطني وعلى حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، ومع الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية والمسيحية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الزيارة تذكير لدول العالم بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي تمارس بحقه كل أنواع التعذيب والاضطهاد العنصري، حيث يسعى الأردن إلى إخراج الأزمة القائمة من النفق باتجاه الحل السياسي، وإعادة الجلوس على طاولة المفاوضات وإعادة العملية السياسية المتجمدة.
وأكد الطعاني أن الصفدي يحمل رؤية العاهل الأردني الخاصة بفلسطين، باعتبار أنها مفتاح الحل السلمي لكل أزمات المنطقة، مع ضرورة مجابهة العنصرية الإسرائيلية التي تقف حائلا ضد تحقيق عملية السلام، لا سيما في ظل استمرار سرطان الضم الاستيطاني، وعمليات التهويد للقدس، والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.
واعتبر أن الزيارة سيكون لها ردة فعل كبيرة، في ظل تشاور الأردن مع الولايات المتحدة والدول الحليفة من أجل الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد في فلسطين، لا سيما في ظل استمرار الهدنة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، مشيرًا إلى أن الأردن يسعى لتأسيس مرحلة سلام جديدة تتوافق مع طبيعة المرحلة الحالية ووضع الإقليم، وإيجاد حل للقضية الفلسطينية.
وبدأت محاولة إطلاق العملية السياسية بتنسيق مصري أردني فلسطيني، قبل وصول إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، إلى سدة الحكم في واشنطن، لكن لم تفتح الإدارة الأمريكية أي آفاق لإطلاق عملية سياسية، في حين اكتفت بدعم مبادرات اقتصادية لكسر الجمود وبناء الثقة، وهو المسار المرفوض من قبل الفلسطينيين، والذين لا يعتبرونه بديلا للعملية السياسية.
ومع استمرار حالة "اللاحرب" و"اللاسلم" الحالية، قرر الرئيس الفلسطيني إعطاء الضوء الأخضر لدراسة تطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، خلال جلسته الأخيرة المنعقدة في شباط/فبراير الماضي، الخاصة بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن بين القرارات الأخرى، إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بجميع الاتفاقيات مع السلطة الإسرائيلية، ووقف التنسيق الأمني مع تل أبيب بأشكاله المختلفة، مع تحديد ركائز عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة ذات السيادة.