جبهة سياسية ثانية تتشكل لإبطال الاستفتاء على دستور تونس... هل تكون بديلا عن جبهة الخلاص

تقود أحزاب سياسية في تونس مشاورات متقدمة لتشكيل جبهة سياسية جديدة هدفها الأساسي هو إبطال الاستفتاء على الدستور الذي ينوي الرئيس قيس سعيد تنظيمه في 25 يوليو/تموز المقبل.
Sputnik
فهل تنجح هذه الجبهة في إقناع رئيس الجمهورية بتعديل برنامجه السياسي والدستوري؟ وهل يمكن أن تقود الطريق إلى انصهار المعارضة بمختلف أطيافها الحزبية؟
وضمت المشاورات إلى حد اليوم كل من أحزاب التيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والحزب الجمهوري التي سبق وأن انصهرت في تنسيقية واحدة، إلى جانب أحزاب ذات توجه يساري على غرار حزب العمال وحزب القطب.
تصعيد في الأفق لإبطال الاستفتاء
وفي تصريح لـ "سبوتنيك" أكد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي أنه "سيتم في بحر الأسبوع الحالي الإعلان عن ميلاد جبهة سياسية جديدة تجمع الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية".
وأشار إلى أن الجبهة تتألف من أحزاب يسارية واجتماعية وديمقراطية مؤكدا أنها ستكون مفتوحة أمام جميع القوى المدنية والحزبية الديمقراطية.

وأضاف الشواشي: "الغاية الأساسية لهذه الجبهة هي التصدي للاستفتاء الذي يسعى رئيس الدولة إلى فرضه بالقوة في إطار لا دستوري لا يضمن التشاركية أو الحد الأدنى من احترام المعايير الدولية المتعلقة بالمصادقة على الدساتير".

وقال الشواشي إن هذا التقييم اتفقت عليه جل الجمعيات والمنظمات الحقوقية واللجان الدولية، وآخرها لجنة البندقية التي اعتبرت في تقرير حديث لها أن المراسيم الرئاسية المتعلقة بالاستفتاء على الدستور وبهيئة الانتخابات لا تتطابق مع الدستور التونسي ولا مع المعايير الدولية ولا يحترم إرادة الشعب ومكونات المجتمع التونسي من سياسيين ومدنيين واقتصاديين، على حد تعبيره.
وتابع: "حان الوقت لأن يتجمع التونسيون ويعبروا عن رأيهم بكل قوة لإفشال هذا المسار العبثي الذي يقوده رئيس الدولة والذي كرس من خلالها لديمقراطية مشوهة غير قادرة على جلب التنمية والثروة وتحقيق انتضارات التونسيين" .
وأكد الشواشي أن الجبهة الجديدة ستقود تحركات تصعيدية على جميع الميادين في إطار ما يسمح به القانون من أجل إيقاف ما وصفه بالعبث والعودة إلى المسار الدستوري التشاركي وإنقاذ التجربة الديمقراطية التونسية.
الاتحاد التونسي للشغل: لا نريد الزج بنا في المجهول عبر المشاركة في لجنة استشارية للحوار
وفي إجابة حول فرضية التحام هذه الجبهة بجبهة الخلاص الوطني التي تقودها أساسا حركة النهضة ومواطنون ضد الانقلاب، قال الشواشي "نحن في مشاورات مع أطراف ديمقراطية ولا علاقة لنا بجبهة الخلاص وإن كان هدفنا واحد، فهذه الجبهة تظم حركة النهضة التي لنا مآخذات عديدة حول ممارستها للسلطة قبل 25 يوليو".
قوة معارضة متعددة
بدوره، قال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي لـ "سبوتنيك"، إن المشاورات بين الأحزاب الديمقراطية انتهت إلى تقارب واتفاق على مهمة وطنية ذات أولوية وهي إسقاط الاستفتاء على الدستور والتصدي له.
وأشار الشابي إلى أن المشاورات ستبقى مفتوحة لانضمام القوى والمنظمات الديمقراطية والمدنية من أجل الدفاع عن آخر مربع للديمقراطية في تونس.
وقال المتحدث إن هذه الجبهة ستكون بمثابة قوة معارضة متعددة قادرة على تعبئة التونسيين لمقاومة الاستفتاء وإسقاطه، مؤكدا أن التنسيقية الجديدة ستخوض تحركات احتجاجية ميدانية في العاصمة والجهات.

وأضاف: "رئيس الجمهورية لم يتحرك خطوة واحدة إلى الخلف وهو ماضٍ في تعميق الأزمة وفي دفع البلاد إلى السقوط في الهاوية من خلال إقصاء التونسيين من المساهمة في الشأن الوطني وإدارة ظهره للمشاكل الاقتصادية، وهو ما يتطلب المزيد من الضغط".

ولفت الشابي إلى أن التحرك أصبح مطلوبا خاصة وأن الرئيس تجاهل الجميع ودخل في معارك عبثية كانت آخر حلقاتها طرد ممثلي لجنة البندقية التي تتكون من أبرز رجالات القانون الدستوري في أوروبا.
واعتبر الشابي أن التحركات السابقة للمعارضة كانت ضرورية ولكنها لم تكن كافية لإنقاذ البلاد من المسار الذي يهدد الدولة، مشيرا إلى أن البديل الذي ستطرحه الجبهة الجديدة هو الاتفاق على اصلاحات مؤكدة وعلى حكومة إنقاذ وطني تحل محل الحكومة الحالية التي لا يكاد يكون لها أثر في الواقع.
بديل عن جبهة الخلاص
ويرى المحلل السياسي بالحسن اليحياوي في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن قدرة هذه الجبهة يمكن تفسيرها بحجم الأحزاب المكونة لها في الانتخابات خلال العشرية الأخيرة.
وأضاف: "هذه الأحزاب لم تكن تحظى بثقل شعبي، ولم تكن لها تلك القدرة على أن تكون أحزابا وازنة سواء في انتخابات 2014 أو 2019، أضف إلى ذلك انعدام الثقة في جل الأحزاب التي كانت شريكة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في صنع القرار السياسي بعد الثورة".
منظمة تونسية تحث المواطنين على عدم المشاركة في "مهزلة استفتاء الدستور"
وقال اليحياوي" "إن المنتظر من هذه الأحزاب هو أن تكون بديلا عن جبهة الخلاص الوطني على اعتبار أن هذه الأخيرة هي ترجمة للحزام البرلماني لحكومة هشام المشيشي الذي تحرك ضده الشارع التونسي في العديد من المناسبات وآخرها يوم 25 يوليو"
ولفت اليحياوي إلى كسب الجبهة الجديدة للثقل الشعبي لن يكون بالأمر الهين، خاصة وأنها ستكون في مواجهة ثقل رئيس الجمهورية وأيضا الحزب الدستوري الحر الذي يحظى بشعبية محترمة وبثقة جمهور من التونسيين.
وتابع: "ما يجمع هذه الأحزاب هو التوجه اليساري، وبالتالي فهي ستنافس رئيس الجمهورية في اللأطروحات التي تميل إلى اليسار، وإذا لعبت على هذا الوتر فهي تلعب بذلك في ميدان الرئيس قيس سعيد".
وذكر اليحياوي أن هذه الجبهة تخوض معركة في اتجاهين، فهي تدين من ناحية حركة النهضة ومن معها وفي نفس الوقت تدين رئيس الجمهورية قيس سعيد وهو ما سيكسبها عداوة الطرفين.
وأشار إلى أن جبهة الخلاص هي من سيستفيد من وجود جبهة الأحزاب اليسارية التقدمية الاجتماعية، ولكن الأخيرة لا يمكن أن تستفيد من البقية.
مناقشة