مقدار الزيادة كان طفيفا، حيث قالت مجموعة "أوبك +" إنها ستزيد الإنتاج بما يقرب من 650 ألف برميل يوميا في كلا الشهرين، لكنها كانت تخطط في الأساس لزيادة بمقدار 400 ألف برميل.
ويعني هذا أن التغيير الحقيقي في خطتها هو إضافة 250 ألف برميل يوميا من الخام فقط، فيما يأمل الغرب في خفض بمقدار 2-3 مليون برميل يوميا من صادرات النفط الروسي وفقا لتقديرات "رويترز".
جاءت هذه الخطوة بعد أيام فقط من موافقة الاتحاد الأوروبي على فرض حظر على واردات النفط الروسية، مما أدى إلى تعميق المخاوف من نقص الطاقة العالمي مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا واهتزاز الأسواق. فيما تقود روسيا تحالف "أوبك +" جنبا إلى جنب مع السعودية.
وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز"، فمن المرجح أن تكون السعودية والإمارات، وهما منتجان بارزان في منظمة "أوبك"، مسؤولتين عن معظم الزيادات الإضافية في الإمدادات، حيث أشارت الرياض في وقت سابق إلى استعدادها لزيادة الإنتاج حال نقص الإمدادات الروسية.
يعد إقرار الإمدادات الإضافية اليوم، المرة الأولى التي تنحرف فيها مجموعة "أوبك +" عن سياسة الإمداد المحددة المتفق عليها في أعماق انهيار سوق النفط قبل عامين، وتأتي بعد شهور من الدبلوماسية الأمريكية رفيعة المستوى لإصلاح العلاقات بين الرياض وواشنطن.
رحب البيت الأبيض بالقرار الذي وصفه بـ"المهم" ونسب الفضل إلى السعودية في "تحقيق هذا التوافق بين أعضاء المجموعة"، كما أقر "بالمساهمات الإيجابية للإمارات والكويت والعراق". ومع ذلك، فإن قرار الزيادة المتواضعة اليوم لن يشكل تغيرا جوهريا في أوضاع سوق النفط، وبطبيعة الحال لن يعوض الإمدادات الروسية.
صرح نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، اليوم الخميس، أن قرار "أوبك+" بزيادة إنتاج النفط بمقدار 648 ألف برميل في اليوم سيوازن سوق النفط. على الجانب الآخر يرغب الغرب في زيادة الإمدادات لدرجة تحقيق فائض في الإنتاج لدفع الأسعار إلى الانخفاض الحاد.
وأضاف نوفاك: "أخذت أوبك+ بالاعتبار أنه من الضروري زيادة إنتاج النفط بمقدار 648 ألف برميل في اليوم في يوليو وأغسطس لتلبية الطلب المتزايد".
وتابع: "زاد إنتاج النفط في روسيا في مايو بعد انخفاض في أبريل، في يونيو هناك مزيد من النمو والوصول إلى نقطة التوازن التي تتناسب مع الظروف الحالية". وعن وضع الطلب العالمي قال نوفاك: "نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2022 سيصل إلى 3.5-4 مليون برميل يوميا".
فيما قال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في بنك "إس إي بي": "لا يوجد الكثير من النفط الفائض في السوق لتعويض الإمدادات المحتمل فقدانها من روسيا". وأضاف أن حظر الاتحاد الأوروبي سيؤدي على الأرجح إلى قيام روسيا ببيع "نفط أقل ولكن بسعر أعلى وربما كسب نفس القدر إن لم يكن أكثر".
يأتي قرار المجموعة قبل أسابيع فقط من زيارة مقررة إلى الشرق الأوسط من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي قد تشمل التوقف في الرياض، على الرغم من العلاقة المتوترة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
من جانبها قالت أمريتا سين من شركة "إنرجي أسبكتس" الاستشارية: "السعودية لا تزال تعمل في حدود إطار أوبك + لإضافة بعض البراميل الإضافية تحت ضغط سياسي".
أدى الارتفاع الصاروخي في أسعار البنزين لنمو التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في 40 عاما، مما أدى إلى ضعف شعبية بايدن مع اقترابه من انتخابات التجديد النصفي. يفسر ذلك الاهتمام الأمريكي الكبير بخفض أسعار النفط، طبعا إلى جانب الضغط على أحد أهم مصادر الدخل لروسيا.
وقال مصدر مطلع على الأمر لوكالة "رويترز" إن واشنطن تريد توضيح خطط إنتاج النفط خلال الزيارة المحتملة لبايدن لعقد قمة مع زعماء دول الخليج العربية، بمن فيهم محمد بن سلمان، في الرياض.
فيما قال مصدر ثان مطلع على المناقشات بشأن زيارة بايدن إن القضية ليست مرتبطة فقط بإنتاج النفط، ولكن أيضا بقضايا أمن الخليج وحقوق الإنسان، مضيفا أن الرياض وواشنطن أبدتا استعدادا أكبر للاستماع إلى مخاوف الطرف الآخر.
تراجعت أسعار النفط بشكل حاد في التعاملات المبكرة يوم الخميس بعد أن أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" لأول مرة عن اتفاق محتمل لإضافة المزيد من الإمدادات، حيث انخفض خام "برنت" إلى قرب 112 دولارا للبرميل من 116 دولارا سجلها يوم الأربعاء.
ومع ذلك، محا الخام خسائره وارتفع بشكل طفيف بعد اجتماع الخميس، مع تداول "برنت" فوق 116 دولارا للبرميل، حيث قال محللون إن إضافات العرض "المتواضعة نسبيا" لن تكون كافية لتهدئة أسواق النفط، التي شهدت أعلى مستويات سعرية في عقد خلال الأشهر الماضية.
ستؤدي اتفاقية "أوبك +" الجديدة إلى تسريع زيادة الإمدادات المخطط لها بالفعل بما ينهي فعليا نظام الحصص المستمر منذ عامين والذي ساعد على ارتفاع أسعار النفط بنحو 500 في المائة من أعمق انهيار بسبب الوباء.
لا تزال المملكة العربية السعودية وأعضاء "أوبك" الآخرين قلقين بشأن مستوى الطاقة الإنتاجية الفائضة المتاحة لديهم، والتي يعتقد محللون أنها محدودة للغاية، لذلك لا يزالون مترددين في زيادة الإنتاج بسرعة كبيرة، خوفا من أن يصبح الضيق الحالي في سوق النفط نقصا مباشرا في وقت لاحق في عام 2022، أو بمعنى أدق تتحول المشكلة الحالية لأزمة أعمق وطويلة الأمد.
ألمحت "أوبك +" إلى استمرار الطلب العالمي القوي على النفط في بيانها بعد الاجتماع، قائلة إنها "لاحظت إعادة الفتح الأخيرة للمجتمعات من عمليات الإغلاق (الوبائي) ومن المتوقع أن يزداد طلب المصافي العالمية ". وسلطت في حديثها الضوء على "أهمية الأسواق المستقرة والمتوازنة".