قال منسق السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن "إمكانية إبرام صفقة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران تتضاءل"، مشيرًا إلى أنه "تحدث مرة أخرى مع وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان، وأن الإمكانية لا تزال قائمة لبذل جهد إضافي لإحياء الاتفاق النووي".
واعتبر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، اليوم الاثنين، أن "حصول إيران على القدرات اللازمة لصنع قنبلة نووية هو مسألة وقت"، مشددا على "ضرورة مواصلة العمل مع طهران سعيا للتوصل إلى حل نهائي لأزمة البرنامج النووي".
وقال غروسي، إن "ما قدمته إيران للوكالة من معلومات حول برنامجها النووي ليس كافيا"، مضيفا: "إذا تم تجميع كل اليورانيوم المخصب الموجود لدى إيران، فسوف يصل إلى كمية كبيرة".
رد إيراني
قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، اليوم الاثنين، إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تبدي إرادة للاقتناع بأجوبة طهران على تقرير الوكالة الأخير".
وأوضح إسلامي، في تصريحات لشبكة "الجزيرة" القطرية: "ما قدمناه حتى الآن من أجوبة بشأن أسئلة الوكالة الدولية كان دقيقا، لكن لا توجد إرادة جدية لدى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لوصف أجوبتنا بالمقنعة".
وشدد على أن "قرار تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% منوط بالمسؤولين المعنيين"، مضيفا أن طهران "لا تتخذ قرارات تخصيب اليورانيوم بهدف الاستفزاز".
وتابع: "الوكالة الدولية تستند لتقارير استخباراتية من أعدائنا وأولهم إسرائيل"، مردفا: "القرار الذي يسعى إليه البعض في مجلس الوكالة لن يفرض أوضاعا جديدة وعليه وقف النفوذ السياسي داخله والالتزام بدستوره".
"لا مكان للسلاح النووي في استراتيجية إيران وما يقال مجرد اتهامات مغرضة"، مضيفا أن "حصة إيران من الطاقة العالمية 3% و25% من عمل مفتشي الوكالة بأراضيها".
أوراق إيرانية
واعتبر محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني، أن "الموقف الإيراني لا يزال نفسه منذ بداية المفاوضات وحتى الآن، والولايات المتحدة الأمريكية هي التي تتلاعب وتراوغ وتزيد من تصريحاتها والضغوط على الطرف الإيراني، وهذه المرة الضغوط تأتي من مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
نحن أمام مشهد أن الوكالة الدولية كأنها هي التي أمسكت بزمام المبادرة للضغط على إيران بادعاءات من هنا وهناك، وبعد يومين هناك جلسة لمجلس حكام الوكالة يقال إنها سينتج عنها تقرير يدين تصرفات إيران وعدم تعاونها مع هذه الوكالة، وهو ما سيترتب عليه موقفًا إيرانيًا.
وتابع غروي: "إيران اليوم تحذر من أن يكون التقرير سلبيا مما يجعل الإيراني يتصرف بطريقة مغايرة عن كل الطرق الإيجابية التي كان يتصرف بها منذ مفاوضات فيينا وحتى عند خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي، والآن إيران لم يعد لديها ما تخسره سواء بتقرير الوكالة أو حتى لو ذهب الموضوع أبعد من ذلك إلى مجلس الأمن الدولي، وتصاعدت الأمور لذلك المستوى".
ونوه إلى أن "طهران الآن تخصب اليورانيوم لمستويات مرتفعة تصل إلى 60%، وبات لديها مخزونًا كافيًا من اليورانيوم المخصب للاستعمالات السلمية في الداخل، وباتت تصدر النفط لمستويات عالية تصل إلى مليوني برميل يوميًا بالطرق الالتفافية".
المشكلة الآن لدى الطرف الأمريكي والإسرائيلي والسعودي حيث لا تطيق هذه الدول أن تكون إيران دولة نووية تستطيع أن تخصب اليورانيوم بمستويات 60% فما فوق، ناهيك عن الأزمة الدولية للغاز والنفط والتي ستدفع ثمنها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة لهذه العقوبات.
واستطرد غروي: "رغم العقوبات والصعوبات، فالوضع الحالي غير مزعج لإيران، حيث تأقلمت عليه، والمأزق لدى الطرف الأمريكي الذي يحتاج إلى تقديم تنازلات وأوراق إيجابية للطرف الإيراني كي تصل الأمور إلى ما يحمد عقباه، لكن لو أصرت الولايات المتحدة الأمريكية بالذهاب بعيدًا في معاداة إيران لن تكون المنطقة بخير، ولن يكون هناك حوار إيراني سعودي، أو حوار إقليمي يهدئ الجو في هذه المنطقة".
وعن الأوراق التي تملكها إيران في هذا الإطار، قال غروي: "إيران تملك الكثير من الأوراق، مثل الخروج من المعاهدة الدولية لانتشار الأسلحة، أو غيرها من الخطوات التي صوت عليها مجلس النواب الإيراني في خطوات تصعيدية، في حال فشلت مباحثات فيينا".
مخاوف أمريكية وإسرائيلية
بدوره اعتبر صادق الموسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني الآن من أزمات كبيرة، وعلى رأسها تورطها في الحرب الأوكرانية، ووقوعوها في أزمة خانقة في الطاقة وارتفاع أسعار النفط والغاز بصورة جنونية، وظهور بوادر أزمة غذائية كبرى، ما دفع واشنطن إلى التخلي عن كثير من ثوابتها، وتجاوز الكثير من قراراتها والتنازل عن كبريائها، بعد توسلها لفنزويلا من أجل النفط.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فالتهديدات التي تطلقها أمريكا أو أوروبا لا تخيف إيران، فدائما ما تلوح واشنطن بفرض المزيد من العقوبات، لكنها تخشى ومن خلفها من فشل المفاوضات وخروج إيران من الاتفاق النووي، وهو ما يعني تحرر طهران من قيودها.
"الجميع يعرف أن إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم بمستويات تتخطى الـ 90%، لذلك لا خيار أمام واشنطن وأوروبا إلا التشبث بالمفاوضات القائمة والاتفاق النووي".
أسباب أمريكية
من جانبه قال الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني، إنه "رغم التصريحات الأوروبية بتضاءل فرص التوصل لاتفاق نووي، إلا أن كل الجهود الآن منصبة في اتجاه فك العقد وحل الأزمات وإزالة العراقيل".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فلا أحد يريد فشل مفاوضات فيينا الخاصة بالاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية، وأمريكا، ولكن إيران "تحضر نفسها دائمًا لأسوأ السيناريوهات والأحوال".
"السيناريو الأسو هو عدم وصول المفاوضات إلى نتيجة، وذلك سيكون بسبب الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تريد تنفيذ تعهداتها، ليس فقط تجاه إيران بل تجاه كل الدول الأخرى".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، قال إن طهران ستنتظر اجتماع مجلس المحافظين لدى وكالة الطاقة الذرية لإبداء موقفها، واعتبر أن تقريرها أخيرا سينعكس سلبا على العلاقات مع إيران.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها خطيب زاده، للتلفزيون الرسمي تعليقا على اجتماع محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال: "لن نصدر أحكاما مسبقة وسننتظر نتائج جلسة المحافظين لنعلن موقفنا بما يتناسب والقرار الذي سيتخذ من قبلهم".
وشدد على أنه لا يعتبر "القرار غير بناءً فحسب، بل سيكون له تأثير سلبي على كل من تعاوننا العام مع الوكالة وعلى مفاوضاتنا"، معتبرا أن "تقرير المدير العام للوكالة، بالإضافة إلى كونه غير دقيق ويتجاهل تصرفات إيران، يحاول إلقاء روايات شاذة عن برنامجنا النووي وخططنا، ومعظمه مبني على مزاعم تدخلية من قبل الكيان الصهيوني المزيف".