من يقف وراء رفع أسعار المشتقات النفطية في اليمن وهل تمثل تهديدا للمجلس الرئاسي؟

شهدت المناطق اليمنية التي يسيطر عليها المجلس الرئاسي حالة من التفاؤل الحذر بعد قيام الحكومة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية مرتين متتاليتين في شهر أبريل/ نيسان الماضي، إلا أن الأمر لم يدم طويلا، حيث قررت الحكومة رفع الأسعار مجددا.
Sputnik

لماذا أقدم المجلس الرئاسي على رفع أسعار الوقود وما الذي طرأ على سوق النفط منذ أبريل حتى يونيو/ حزيران الجاري؟

بداية يقول شلال العفيف، الباحث اليمني في المجالات المالية والمصرفية، إن الارتفاع الجديد لأسعار الوقود، والذي أعلنت عنه شركة النفط اليمنية في عدن قبل يومين، برفع سعر لتر البنزين من 930 ريال إلى 990 ريال يعود إلى سببين أولهما، ارتفاع أسعار النفط عالميا، أما السبب الثاني فيتمثل في عدم استقرار أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، واستمرار تدهور قيمة الريال اليمني، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى ألف وستة وأربعون ريال يمني.

تدهور الريال

وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "مع استمرار تدهور قيمة العملة الوطنية خلال اليومين الماضية بشكل متسارع، فإن هذا التدهور يؤثر بشكل مباشر على الأسعار في السوق المحلية، حيث ترتفع الأسعار في السوق، ومنها أسعار المشتقات النفطية، كما أن ارتفاع أسعار النفط عالميا يؤدي إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية في السوق لتغطية مدفوعات مشتريات النفط من الخارج، وبالتالي يؤدي إلى زيادة ارتفاع قيمة العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية، ومن ثم ارتفاع أسعار المواد في السوق وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية.

أداة سياسية

من جانبه يقول، عضو مفوضية مكافحة الفساد باليمن، أنيس السنمي: "أصبحت المشتقات النفطية في اليمن أداة من الأدوات السياسية التي تستخدمها السلطات المتعاقبة منذ مطلع العام 2015 إلى هذه اللحظة، لمعاقبة معارضيها أو الضغط عليهم لقبول بعض الملفات السياسية التي تخدم أجندات هذه السلطات عبر افتعال أزمات برفع أسعار المشتقات النفطية، مبررة ذلك أحيانا بسبب ارتفاع أسعار المشتقات على المستوى العالمي أو بسبب ارتفاع سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية أحيانا أخرى.
مجموعة السبع تدعو "أوبك" إلى زيادة إنتاج النفط للحد من تضخم الأسعار
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "هناك قرار صدر من الحكومة الشرعية قبل أشهر، أي قبل مشاورات الرياض وتشكيل المجلس الرئاسي، بحصر بيع وتوزيع المشتقات النفطية على شركة نفط عدن، وذلك عبر شرائه من التجار المستوردين للمشتقات النفطية، ومن ثم بيعه وتوزيعه على جميع المحافظات، وخلال الفترة السابقة أي بعد إصدار القرار الحكومي، لم تحدث أي أزمات في المشتقات النفطية، واستقر سعرها وتوفرت المواد النفطية في كل المحافظات المحررة".

أزمة مفتعلة

وتابع السنمي: "هناك تجار مستوردين للمشتقات النفطية لهم ارتباط برئاسة الدولة اليمنية السابقة، التي تم نقل السلطة منها إلى المجلس الرئاسي الجديد بموجب مشاورات الرياض، ولا استبعد أن يكون هؤلاء التجار المرتبطين بالرئاسة اليمنية السابقة قد تعمدوا أحداث الأزمة الحالية، لأسباب سياسية قد تكون عدم قناعتهم بمشاورات الرياض ومخرجاتها.
مدير النفط اليمنية لـ"سبوتنيك": أهداف سياسية وراء عمليات القرصنة على سفن الوقود
واستطرد: "تحدثت بعض المصادر عن أنه في شهر يناير/ كانون ثاني من العام الحالي، رفض تجار المشتقات النفطية إدخال البواخر المحملة بمادتي الديزل والبنزين إلى ميناء الزيت بعدن بحجة رفضهم قرار الحكومة الشرعية بحصر بيع وتوزيع المشتقات على شركة النفط، وهو قرار قد أصدرته الحكومة قبل أشهر أي قبل مشاورات الرياض وتشكيل المجلس الرئاسي، وحدث في تلك الفترة أن انخفضت أسعار المشتقات مرتين متتاليتين، لكنها عاودت الارتفاع مع بداية شهر يونيو الحالي.

براءة الريال

وأشار عضو مفوضية مكافحة الفساد إلى أن بعض المصادر تتحدث أن السبب في رفع الأسعار في اليمن هو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا، والبعض الآخر يقول بسبب ارتفاع سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، كما أن هناك ارتفاع طفيف في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في اليومين الماضية، لكن هذا الارتفاع لا يؤثر على أسعار المشتقات النفطية.
وأعلنت شركة النفط اليمنية الحكومية في عدن عن رفع أسعار وقود السيارات مجددا في محافظات جنوب اليمن وشرقه بنحو 6 في المئة تماشيا مع الارتفاع الحاد في أسعار الوقود العالمية.
وفي الثاني من أبريل الماضي، أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، بدء سريان هدنة في اليمن لمدة شهرين قابلة للتجديد، تتضمن إيقاف العمليات العسكرية الهجومية برا وبحرا وجوا داخل اليمن وعبر حدوده، وتيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة غرب اليمن.
كما تتضمن الهدنة الأممية السماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء الدولي أسبوعيا، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن.
ويشهد اليمن منذ أكثر من 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي، تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40 في المئة منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
حركة أسعار النفط والغاز
مناقشة