اللقايا الشيطانية
أفاد ألكسندر يغورتسيف، مراسل قناة "سباس" في التلفزيون الروسي، أن عناصر إحدى وحدات الاستطلاع والاستخبار في قوات جمهورية دونيتسك الشعبية اكتشفوا وكرا لعبدة الشيطان في قرية فيرخنيتوريتسكويه المحررة من القوات التابعة لنظام كييف.
ووصل مراسلو "سبوتنيك" وقناة "سباس" إلى هذه القرية ليجدوا في فناء أحد البيوت ما عثر عليه محررو القرية من أشياء وصفوها بالشيطانية ومنها القناع الذي يمثل العفريت والسجادة الصغيرة التي تحمل صورة رأس الماعز.
وأكد أحد الجنود أنهم عثروا على هذه الأشياء حينما طردوا القوات الأوكرانية من القرية، وبضمنها "الكتيبة 58" التي تضم عناصر أحد تنظيمات اليمين المتطرف الأوكراني (برافي سيكتور).
وتساءل قائد وحدة الاستطلاع: ماذا نفعل بهذه الأشياء الشيطانية؟ قبل أن يعلن قراره بإتلافها وإعدامها حرقا.
صنم مثبت على معبد وثني في قاعدة كتيبة "آزوف" بالقرب من المدرسة رقم 61 في ماريوبول.
© Photo / Andrey Kazakov
المزيد من الشيطانيين
وتم ذلك لتصبح الأشياء الشيطانية التي عثر عليها في وكر عبدة الشيطان بقرية فيرخنيتوريتسكويه أثرا بعد عين.
ولكن قصة الشيطانيين كان لها امتداد، إذ تم العثور على وكر آخر لعبدة الشيطان قرب مدينة ماريوبول، ثم عُثر على وكر آخر للشيطانيين في مكان آخر يبعد عن قرية فيرخنيتوريتسكويه بحوالي مائة كيلومتر.
والأكثر إثارة أن المسلحين الذين استسلموا أمام محرري مدينة ماريوبول كشفوا لدى إعلان الاستسلام عن شعائر شيطانية تزين أجسادهم.
الشيطانية الحقيقية
وقد تكون تلك الشعائر الشيطانية مكّنت عناصر "كتيبة آزوف" الذين أسندت إليهم مهمة "الدفاع" عن مدينة ماريوبول، من كبت ما يمكن أن يكون لديهم من مشاعر إنسانية لتطغى عليها الكراهية الحاقدة. ولهذا السبب لم يتوانوا عن إطلاق النار على مواطنين آمنين سعوا إلى مغادرة المدينة.
ولفت الكسندر خوداكوفسكي، أحد قادة القوات التي حررت مدينة ماريوبول من سيطرة "عبدة الشيطان"، اهتمام مندوبي وكالة "سبوتنيك" للأنباء وقناة "سباس" إلى أن نفس الشعائر الشيطانية تزين أجساد بعض جنود الجيش الأوكراني الذين وقعوا في أسر محرري دونباس.
سيطرة الشيطان
يطرح هذا السؤال نفسه على مَن يزور البلدات والمدن المحررة في جنوب شرق أوكرانيا: مَن هم هؤلاء الذين سعوا إلى تكريس سيطرتهم على هذه الأراضي؟ إنهم عبدة الشيطان.
وعُثر على الشعائر الخاصة بعبدة الشيطان في مدن أخرى تابعة لجهوريتي دونيتسك ولوغانسك تم تحريرها أخيرا من سيطرة المسلحين، منها مدينة فولنوفاخا. ولقد وجد "المدافعون" عنها وقتا ليرسموا الشعائر الشيطانية على جدران البيوت التي قبعوا فيها.
ورسموا الشعائر الشيطانية حتى على جدران ثكناتهم التي يجب أن تكون خالية تماما وفقا لنظام الخدمة العسكرية.
وعُثر في قاعدة "كتيبة آزوف" بمدينة ماريوبول على صورة لـ"الجندي رقم 97" الذي لا يخجل من إبراز ما لديه من شعائر شيطانية.
صورة من الملف الشخصي لرجل من كتيبة "آزوف" وجد في قاعدة "آزوف" في ماريوبول
© Photo / Andrey Kazakov
الطقوس النظامية
ويوجد في قاعدة "كتيبة آزوف" بمدينة ماريوبول كتاب "فلسفة القوة" وهو كتاب صدر في عام 2016 كمرجع لطلبة الكليات العسكرية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية والحرس الوطني والشرطة الأوكرانية. ويحتوي هذا الكتاب على تعليمات لا تصدر إلا لمعتنقي الآيديولوجيات الشيطانية.
وهناك كتاب آخر من نفس النوع بفارق أنه يعتبر مرجعا رسميا لضباط المجموعة المسلحة المسماة "كتيبة آزوف" ويحتوي على تعليمات "الدعم الروحي" للمنتسبين إلى "كتيبة آزوف".
يحرصون على الحياة لأنفسهم ويجلبون الموت لغيرهم
في أحد مخابئ المسلحين على أرض مجمع "آزوفستال" للحديد والصلب في ماريوبول عُثر على الكتاب المعنون بـ"محبّي الحياة متزوجون بالموت". ووفقا لمؤلف الكتاب، يفستاخي زاناتشيفسكي، فإن محبي الحياة هم عناصر فرقة "غاليتشينا" التي ضمت في زمن الاحتلال النازي لأوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية أتباع وأعوان النظام النازي. ويحكي الكتاب قصة هؤلاء "المُحبّين" الذين واظبوا على التنكيل بمناوئي النظام النازي.
وبالمناسبة، وُجد في وكر عبدة الشيطان بمدنية ماريوبول كتاب الزعيم النازي هتلر "كفاحي" أيضا.
من بين مواقف "الآزوفيين" كتاب بعنوان "عشاق في الحياة، متزوجون حتى الموت"، وهو مخصص لقسم إس إس "غاليسيا".
© Photo / Andrey Kazakov
طغيان الوثنيين
لم تكن المعتقدات الشيطانية حكرا ووقفا على المتطرفين الوثنيين بل كان لها – غالب الظن – تأثير على شباب أوكرانيا عامة.
في مايو/أيار 2017 طالب النائب أندريه بيليتسكي السلطات الأوكرانية بترخيص طائفة الوثنيين "رودوبوجيه". وكان بيليتسكي قد ترك منصبه كقائد لمجموعة "آزوف" المسلحة لينتقل إلى برلمان البلاد لكي يعمل على وضع قوانين تضفي الشرعية على تنظيمات الشيطانيين والوثنيين.
وأشار سيرغي أكسيونوف، رئيس السلطة المحلية في شبه جزيرة القرم التي تخلصت من التبعية لنظام الحكم الأوكراني واستعادت الهوية الروسية في عام 2014، إلى أن عبدة الشيطان جزء من هذا النظام.
وذكرت صحيفة "فاينانشل تايمز" نقلا عن المستشار أليكس كوفجون الذي ساعد على وضع البرنامج السياسي لحزب اليمين المتطرف الأوكراني "الفيلق القومي" الذي أسسه أندريه بيليتسكي في عام 2016 أن بعض عناصر مجموعة "آزوف" رسموا على أجسادهم شعائر "مشبوهة" مثل الشمس السوداء والفولفسانغيل التي استخدمها النازيون الألمان ويعتبرها بعض أعضاء مجموعة "آزوف" حاليًا شعائر وثنية.
معابد آلهة الوثنيين
في صيف 2017 أنشأ عناصر "آزوف" معبدا لإله الوثنيين بيرون قرب مدينة دونيتسك. وجاء في بيان لمجموعة "آزوف" إنهم سيصلّون في هذا المعبد قبل أن يباشروا كل مهمة قتالية.
وظهرت معابد آلهة الوثنيين في أماكن أخرى. وكان المتطرفون يؤدون طقوسهم "الدينية" فيها.
صنم مثبت على معبد وثني في قاعدة كتيبة "آزوف" بالقرب من المدرسة رقم 61 في ماريوبول.
© Photo / Andrey Kazakov
رفض الدين الحنيف
وقال القس ألكسندر نوفوباشين لـ"سبوتنيك"، إن مَن يعبد الشيطان فهو ينبذ الدين الحنيف، ويأمل أن يساعده الشيطان أو آلهة الوثنيين على تحقيق أهدافه.
وأشار إلى أن عبدة الشيطان يتعمدون استعمال القسوة ضد الآخرين ولا يتوانون عن إراقة دماء الآخرين، معتبرين أن حياة الآخرين لا قيمة لها.
وأضاف أن عبدة الشيطان يطمحون إلى السيطرة على الآخرين، ويسعون إلى حث الآخرين على ارتكاب الجرائم الدموية، ولا بد أن يصبحوا ضحايا غيرهم من عبدة الشيطان. ولذلك فمن المستحيل أن يستمر جيشهم أو دولتهم، فالشَرّ يلتهم نفسه في نهاية المطاف دائما.