ماذا بعد فشل الآلية الثلاثية لاستكمال الحوار الوطني في السودان؟

رغم التصريحات الإعلامية والجولات المكوكية التي قامت بها الآلية الثلاثية من أجل عقد حوار وطني شامل لحل الأزمة السياسية في البلاد، إلا أن تعليق الجولة الثانية من الحوار لأجل غير مسمى، أكد على هشاشة دورها وأنها لا تمتلك رؤية واقعية يمكن البناء عليها مستقبلا.
Sputnik

هل تعلن الآلية الثلاثية فشلها وانسحابها من المشهد قريبا؟

بداية، يقول المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني، إن إعلان الآلية الثلاثية عن تأجيل الجلسة الثانية من الحوار الوطني لا يعني فشلها كاملا.

مقاطعة الحوار

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن سبب تأجيل الجلسة الثانية من الحوار الذي بدأ الأسبوع الماضي، جاء نتيجة تغيب القوى الثورية الرئيسية التي كانت موجودة في الحكومة قبل الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومن حضر الجولة الأولى هي القوى التي تدعم الانقلاب العسكري ولها علاقات جيدة معه، وهو الأمر الذي جعل الحوار بلا جدوى وفق ما ذكره البروفيسور محمد حسن ولد لبات، ممثل الاتحاد الأفريقي للسودان في كلمته الافتتاحية.
انطلاق الحوار الوطني المباشر في السودان لحل الأزمة السياسية تحت رعاية الآلية الثلاثية
وأكد ولد لبات أن الحوار سوف يكون بلا جدوى، لأن الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة في مساعدة وزير الخارجية الأمريكي والسفير السعودي لدى السودان، حاولوا دعم الآلية والضغط بالطرق الدبلوماسية على الأطراف السودانية للمشاركة في الحوار.

لقاء مباشر

وأشار ميرغني إلى أن، الخميس الماضي، ونتيجة لضغط واشنطن والرياض، تم عقد أول لقاء مباشر بين قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" والمكوّن العسكري تحت رعاية سعودية وأمريكية، وتوصلت الأطراف إلى أنه لا بد من حل تلك المشكلة بالحوار، وهو ما دعا إلى تشكيل لجنة مصغرة من الطرفين من أجل بلورة رؤية لكيفية الخروج من الأزمة الراهنة، وبناء على هذا الأمر أصدرت الآلية الثلاثية قرارا بتجميد عملها في المسار الذي بدأته من قبل نظرا للمتغيرات الجديدة على الأرض.

المشاركون في الحوار

وأشار المحلل السياسي إلى أن الآلية الثلاثية على ما يبدو قد رأت أن السير في طريق الحوار لن يحدث أي تغيير على أرض الواقع، لأن الأعضاء أو المشاركين في الحوار سوف يخرجون في النهاية بالإعلان عن توافقهم على ما هم متفقون عليه أصلا.
قوى الحرية والتغيير في السودان تكشف سبب رفضها المشاركة في الحوار الذي تسيره "الآلية الثلاثية"
وأوضح ميرغني: "حتى المسار الثاني الذي ترعاه واشنطن والرياض تحت مظلة الآلية الثلاثية مشكوك أيضا في نجاحه والخروج بنتائج فاعلة لحل الأزمة السياسية، وفي النهاية سوف ينسحب الاتحاد الأفريقي من الآلية، وسوف تقوم الأمم المتحدة بتقليص مهام البعثة الأممية في السودان، وقصرها على قضايا السلام في دارفور وقضايا تدريب وتأهيل الشباب والمرأة وحقوق الإنسان وترك العملية السياسية التي كانت تحاول لعب دور الوساطة فيها بين الأطراف السودانية.

الذكرى الثالثة وتوافق الرؤى

ولفت إلى أنه من الواضح أن الأطراف السودانية وعلى رأسها الحرية والتغيير ليس لديها القدرة أو الإرادة السياسية على بلورة موقف واحد أو السير في خيار واحد حتى النهاية، دائما أجندتهم متغيرة حسب الظروف، لذا أتوقع تغيير كبير في 30 يونيو/ حزيران نهاية هذا الشهر، الذي يصادف الذكرى الثالثة للمواكب الشهيرة في العام 2019، وقد يستغل الحزب الشيوعي تلك الذكرى لتخوين قوى الحرية والتغيير.
قوى الحرية والتغيير في السودان ترفض المشاركة في الحوار السياسي الذي تتوسط فيه الآلية الثلاثية
من جانبه يقول أمين عام مؤتمر الكنابي في السودان، جعفر محمدين، إن الحوار الذي تبنته الآلية الثلاثية لحل الأزمة السياسية، كان يتطلب توافق القوى السياسية السودانية على الرؤى قبل الذهاب للحوار، فالآلية الثلاثية ممثلة في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد كانوا يعملون على تقريب وجهات النظر بين القوى السودانية.
تأجيل الجولة الثانية من الحوار السياسي بالسودان لأجل غير مسمى
وتابع: "تلك الآلية تفتقد إلى آلية ضغط على القوى السياسية للتحاور بكل صراحة بين القوى السياسية الراغبة في التغيير والأخرى الرافضة لهذا التغيير، والأمر الغريب أنك تجد من أفسدوا الحياة السياسية طوال العقود الثلاث الماضية يأتون اليوم للجلوس في حوار يخص الفترة الانتقالية، مخالفين ما نصت عليه الوثيقة الدستورية من إبعاد حزب المؤتمر الوطني عن ممارسة نشاطه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن من الأخطاء التي ارتكبتها الآلية الثلاثية، أنه استوعب فئات سياسية من النظام البائد وهذا مرفوض بكل صراحة، علاوة على أن الحرية والتغيير المجلس المركزي يدعي بأنه صاحب الحق ومن له اليد الطولى، فإذا أردنا دولة ديمقراطية فلا بد أن نستوعب المكون العسكري لأن كل الدول على مستوى العالم تستوعب جيوشها لأنها الضامن والمؤمن الوحيد للتحول الديمقراطي المدني.

مواقف متغيرة

وأشار محمدين إلى أن قوى الحرية والتغيير لها مواقف متغيرة، تارة تجدهم مع العسكر في الإجراءات التي تمت في 25 أكتوبر الماضي وأخرى مع قوى الشارع، وفي كل الأحوال نجد أن لجان المقاومة حاليا في موقع متقدم على قوى الحرية والتغيير سواء في المجلس المركزي أو مجموعة الميثاق الوطني، أما بالنسبة للشارع فيعج بالقوى الشبابية الحية متمثلة في لجان المقاومة وفي القوى الثورية الخارجة عن نطاق الحرية والتغيير، لذا أرى أن هذا الحوار لا يؤدي إلى أي نتائج إن لم تكن هناك آلية ضغط من المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي ودول الإيقاد.
وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، أمس السبت، إرجاء الجولة الثانية من الحوار لإنهاء المأزق السياسي في السودان إلى أجل غير مسمى بسبب رفض تحالف قوى الحرية والتغيير المشاركة.
ويوم الأربعاء الماضي، أطلقت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيقاد) حوارا في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية التي تفاقمت في السودان على خلفية أحداث أكتوبر 2021.

وكان من المقرر عقد الجولة الثانية من المحادثات، اليوم الأحد.

ونقلت "فرانس برس" عن المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في السودان فادي القاضي، أن المنظمات الدولية الثلاث قررت تأجيل جلسة الحوار على ضوء التطورات الأخيرة".
وأضاف المتحدث باسم البعثة: "ليس لدي موعد محدد لاستئناف جلسات الحوار".
وأعلن تحالف قوى الحرية والتغيير في السودان رفضه "المشاركة في الحوار الذي تسيره الآلية الثلاثية بسبب أنه لا يتضمن إسقاط الانقلاب".
وقال عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير وجدي صالح، إن "النهج الذي اتخذته الآلية أشرك القوى المؤيدة للانقلاب في الحوار وهو ما يرفضه التحالف"، مضيفا أن "مشهد اليوم مثير للسخرية وأظهر الانقلابيين وهم يحاورون بعضهم"، حسب موقع "الانتباهة".
وتتمحور مبادرة الآلية الثلاثية حول تهيئة الأوضاع من أجل الحوار لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد عبر ترتيبات دستورية وتحديد معايير لاختيار رئيس الحكومة والوزراء ووضع خارطة طريق لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
اتفاق السلام السوداني
مناقشة