قمع التضخم
تسارع التضخم السنوي في ألمانيا ليصل إلى 8%، وهو أعلى مستوى منذ نصف قرن، وتكاليف الطاقة لا تزال باهظة. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الاحتياجات اليومية أكثر تكلفة.
في الولايات المتحدة أيضا تجاوز التضخم 8.5% وتضاعف سعر البنزين في البلاد بسبب القيود المفروضة على إمدادات النفط الروسية، بحسب ما اعترفت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين.
الآن الغرب يبحث عن بديل للنفط الروسي، لكن الأمر ليس سهلا، حيث حذر الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو من أن الدول المصدرة ليس لديها طاقة إنتاجية احتياطية لتعويض النفط الروسي. نحن نتحدث عن سبعة ملايين برميل يوميا وذلك رقم من المستحيل تعويضه.
وأفصحت بعض التسريبات أن الشركات الغربية المغامرة تقوم بمزج خليط من الأورال (النفط الروسي) وأصناف أخرى من النفط لبيعها بالسوق دون التعرض للعقوبات.
الولايات المتحدة تحتال على عقوباتها
وفقا للتسريبات، كانت الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أوائل التي اشترت مشتقات نفطية روسية. حيث أجبر القلق تجارها على شراء الديزل المحتوي على الهيدروكربونات الروسية. بعد أن تم إعداد المنتج الملقب بـ"خليط لاتفيا" في السوق السوداء، في ميناء فنتسبيلز.
كما لاحظت تقارير إعلامية زيادة كبيرة في شحنات النفط من الهند إلى أوروبا والولايات المتحدة، ووفقا للتقارير، فإن المواد الخام الهندية في الواقع هي روسية ويقوم الغرب بشرائها بعد إغماض عينيه.
التستر على السبب الأساسي للتضخم
بينما تتحايل الشركات الغربية على العقوبات القديمة، يبحث البيت الأبيض عن عقوبات من نوع آخر.
وقال جو بايدن إن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا هي المسؤولة عن 70% من التضخم، ولكن لا شك أن الرئيس الأمريكي يوجه هذه الخطابات للشعب الأمريكي البسيط، لأن علامات فشله الاقتصادي كانت بارزة منذ دخوله البيت الأبيض.
العالم كله يذكر كيف أطلقت السلطات المالية الأمريكية مطبعة الدولارات للتغلب على عواقب أزمة كورونا، حيث أنها غمرت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتريليونات الدولارات، وحافظت على معدل أساسي منخفض قريب من الصفر، ولكن تلك الخدعة لم تستمر لوقت طويل حيث بدأت معالم التضخم تظهر على السوق الأمريكي منذ بداية العام.
علاوة على ذلك، اعتبر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لفترة طويلة بعد بداية جائحة كورونا أن زيادة الأسعار لها تأثير قصير المدى وكل شيء سيكون تحت السيطرة في أقرب وقت ممكن، وردد البنك المركزي الأوروبي بشكل ببغائي كلمات الاحتياطي الفيدرالي، والذي لم يكن في عجلة من أمره لتشديد ومراجعة السياسة النقدية معتمدا على قوة الدولار السياسية، لكن تباطؤ المنظمين الماليين الغربيين أدى إلى تسارع التضخم تزامنا مع العملية العسكرية.
مصدر الحبوب والسماد الرئيسي
بلا شك ستؤثر مشاكل إمدادات الحبوب من روسيا وأوكرانيا على التضخم في اقتصادات الدول الغربية. لن يكون الغرب قادرا على تعويض كميات الحبوب الضخمة من أي مكان في العالم، بالإضافة إلى ذلك، لا يملك المزارعون الأجانب ما يكفي من الأسمدة، بعد أن تخلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن الأسمدة الروسية في نهاية فبراير. ومع ذلك، بعد شهر أدركوا أنهم بالغوا في جنون العظمة.
مع العقوبات الغربية أو بدونها، روسيا هي مورد أساسي في العالم للأسمدة. في العام الماضي، ارتفع إنتاجها بنسبة 5.6%، إلى 24.9 مليون طن، وفقا لبيانات روستات. يتم تصدير حوالي 65% إلى جميع بلدان العالم.
في غضون ذلك، تكافح البلدان مع التضخم من تلقاء نفسها. على سبيل المثال، في ألمانيا، ودعوا إلى إنقاذ "كل قطرة من البنزين". وقال راينر هوفمان، رئيس رابطة نقابات العمال الألمانية: "يمكننا مؤقتا إدخال حد يصل إلى 100 كم/ساعة على الطرق السريعة و30 كم/ساعة في المدن لتقليل استهلاك الطاقة".
العالم يغرق بالفعل في الركود التضخمي (تراجع الاقتصاد مع تسارع متزامن للتضخم والبطالة)، إن المرحلة الأولى من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الجديدة ستنتج عواقب أخطر بكثير من الكساد الكبير عام 1929.