هذا المستوى بعيد كل البعد عن السعر المسجل عند 139 روبل مقابل الدولار الواحد في أوائل مارس/ آذار، عندما بدأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو ردا على عمليتها العسكرية لحماية سكان دونباس، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".
في تعليقه على نتائج العقوبات الغربية، قال الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي السنوي:
"كانت الفكرة واضحة؛ سحق الاقتصاد الروسي بعنف، لكن لم ينجحوا، من الواضح أن هذا لم يحدث".
في أواخر فبراير/ شباط، بعد الانخفاض الحاد للروبل وبعد أربعة أيام من بدء العملية العسكرية، ضاعف البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي في البلاد بأكثر من الضعف إلى 20% من 9.5%، ومنذ ذلك الحين، تحسنت قيمة العملة لدرجة أنه خفض الفائدة مرات عدة لتصل إلى 9.5% مجددا في يونيو/ حزيران.
ويضيف التقرير: "في الواقع، أصبح الروبل قويا لدرجة أن البنك المركزي الروسي يتخذ إجراءات فعالة حاليا لمحاولة إضعافه، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى جعل صادرات البلاد أقل قدرة على المنافسة". لكن ما هو السبب الحقيقي وراء ارتفاع العملة؟
عائدات قياسية من النفط والغاز
الأسباب ببساطة هي، ارتفاع أسعار الطاقة بشكل لافت للنظر، إلى جانب ضوابط رأس المال التي أقرتها موسكو، وحتى العقوبات الغربية نفسها.
روسيا هي أكبر مصدر للغاز في العالم وثاني أكبر مصدر للنفط، وعميلها الأساسي هو الاتحاد الأوروبي، الذي يشتري ما قيمته مليارات الدولارات من الطاقة الروسية أسبوعيا فيما يحاول في الوقت نفسه معاقبة روسيا بفرض عقوبات.
وضع هذا الاتحاد الأوروبي في موقف حرج - فقد أرسل الآن أموالا إلى روسيا في صورة مشتريات النفط والغاز والفحم بشكل مضاعف أكثر مما أرسل إلى أوكرانيا كمساعدة، الأمر الذي ساعد في ملء الخزانة في موسكو، على حد وصف التقرير.
ومع ارتفاع أسعار خام "برنت" بنسبة 60% عما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي، على الرغم من أن العديد من الدول الغربية قد حدت من مشترياتها من النفط الروسي، لا تزال موسكو تحقق أرباحا قياسية.
في أول 100 يوم من العملية العسكرية، جنت روسيا الاتحادية 98 مليار دولار من عائدات صادرات الوقود الأحفوري، وفقا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، وهو منظمة بحثية مقرها فنلندا. وجاء أكثر من نصف هذه المكاسب من الاتحاد الأوروبي، بنحو 60 مليار دولار.
في حين أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي عازمة على خفض اعتمادها على واردات الطاقة الروسية، فقد تستغرق هذه العملية سنوات. في عام 2020، اعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في 41% من وارداته من الغاز و36% من وارداته النفطية، وفقا ليوروستات.
نعم، أقر الاتحاد الأوروبي حزمة عقوبات تاريخية في مايو لحظر واردات النفط الروسي جزئيا بحلول نهاية هذا العام، لكن لديه إعفاءات كبيرة للنفط الذي يتم تسليمه عبر خطوط الأنابيب، نظرا لأن الدول غير الساحلية مثل المجر وسلوفينيا لم تتمكن من الوصول إلى مصادر النفط البديلة التي يتم شحنها عن طريق البحر.
وقال ماكس هيس، الزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية: "سعر الصرف الذي تراه للروبل يرجع لأن روسيا تحقق فوائض قياسية في الحساب الجاري من العملات الأجنبية". هذه الإيرادات في الغالب بالدولار واليورو عبر آلية مبادلة الروبل المعقدة.
وأضاف: "رغم أن روسيا قد تبيع كميات أقل قليلا للغرب في الوقت الحالي، فيما يتحرك الغرب للتخلص من الاعتماد على روسيا، فإنهم ما زالوا يبيعون بأسعار مرتفعة قياسيا للنفط والغاز، وهذا يجلب فائضا كبيرا في الحساب الجاري".
كان فائض الحساب الجاري الروسي في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار من هذا العام يزيد قليلا على 110 مليارات دولار، وفقا للبنك المركزي الروسي، أي أكثر من 3.5 أضعاف المستوى المسجل خلال تلك الفترة من العام الماضي.
ضوابط صارمة على رأس المال
لعبت أيضا ضوابط رأس المال، أو تقييد الحكومة الروسية للقدرة على إخراج العملات الأجنبية من البلاد، دورا كبيرا في قوة الروبل، بالإضافة إلى حقيقة أن روسيا خفضت وارداتها بفضل "العقوبات"، ما يعني أنها تنفق القليل من أموالها على شراء أشياء من الخارج.
قال نيك ستادميلر، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في "ميدلي غلوبال أدفيزورز" للاستشارات في نيويورك: "نفذت السلطات ضوابط صارمة للغاية على رأس المال بمجرد ظهور العقوبات، والنتيجة، هي تدفق الأموال من الصادرات في حين أن التدفقات الرأسمالية إلى الخارج قليلة نسبيا، والنتيجة النهائية لكل هذا هو روبل أقوى".