البلقان.. واحدة من المناطق التي يتعامل معها الأوروبيون بمنطق المثل المصري "عين في الجنة وعين في النار".. ففي الوقت الذي يخافون فيه من تقارب روسي مع دول المنطقة يؤثر في قابل الأيام على ملفات كثيرة، يأتي الأمن على أولوياتها حسب تصوراتهم، إذا بهم لا يستطيعون إلى الآن البت في ملف انضمام دوله إلى التكتل الأوروبي، بعد ما يقارب العقدين من الزمان.
وتأتي قمة البلقان مع زعماء الاتحاد الأوروبي هذا العام، لتخرج ملف الانضمام مرة أخرى إلى الواجهة، خاصة مع تصريحات أوروبية تحاول "تطييب خواطر" البلقانيين، دون جدوى.. لأن الإحباط قد صار عنوانا لدى زعاء البلقان حول انضمامهم للاتحاد الأوروبي.
التصريحات الأوروبية تأتي من عينة ما قاله المستشار الألماني أولاف شولتز: "دول ومواطني غرب البلقان ينتظرون منذ ما يقرب من 20 عامًا إمكانية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، من وجهة نظري، من الأهمية بمكان أن يصبح هذا الوعد ذا مصداقية".
وأيضا من عينة ما قاله رئيس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل: "هناك إرادة لإعادة تنشيط عملية انضمام دول البلقان إلى الاتحاد".
وفي المقابل... لا شيء يتم على الأرض.. وهذا ما أكده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، حين قال صراحة: "لا أتوقع أي شيء من اجتماع الخميس مع زعماء الاتحاد الأوروبي الـ 27".
ومع هذا اللاقرار الخاص بعملية انضمام البلقان إلى الاتحاد، يخرج مسؤولون في بروكسل ليؤكدوا وجود "قلق من أن عدم إحراز تقدم في البلقان قد يدفع المنطقة إلى التقارب بين روسيا والصين".
ويؤكد حالة الإحباط لدى دول البلقان، الطريقة التي تعامل بها رئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما مع خبر إعطاء أوكرانيا صفة مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أكد للأوكرانيين أن موضوع انضمامهم إلى التكتل "مجرد أوهام"، حسب تعبيره.
وقال لدى وصوله لحضور قمة الاتحاد الأوروبي مع دول غرب البلقان: "مقدونيا الشمالية مرشحة منذ 17 عامًا إذا لم أخطئ، ألبانيا منذ 8، لذا مرحبًا بك في أوكرانيا، إنه لأمر جيد أن تمنح وضع المرشح، لكنني آمل ألا يخدع الشعب الأوكراني كثيرًا بشأن ذلك".
وعن الأسباب الظاهرة لتاخر البت في ملف البلقان داخل الاتحاد تأتي بلغاريا، وموفها الرافض لهذا القرار، خاصة ألبانيا ومقدونيا الشمالية بشأن النزاع مع سكوبي.
وقال راما عن هذا السبب: "إنه لأمر مخز أن تقوم بلغاريا، إحدى دول الناتو، باختطاف دولتين أخريين في الناتو، وهما ألبانيا ومقدونيا الشمالية، في خضم حرب ساخنة في الفناء الخلفي لأوروبا مع وجود 26 دولة أخرى جالسة في عرض مخيف للعجز".
وكان راما، إلى جانب زعماء مقدونيا الشمالية وصربيا، قد هددوا بمقاطعة اجتماع الاتحاد الأوروبي احتجاجًا على عدم إحراز تقدم، لكن في النهاية قرروا إظهار ذلك.
وقد تعرضت بلغاريا لضغوط من بعض دول الاتحاد لقبول اتفاق تسوية في نزاعها التاريخي والثقافي طويل الأمد مع مقدونيا الشمالية من أجل تمهيد الطريق، لكن انهيار الحكومة البلغارية في أعقاب التصويت على سحب الثقة يوم الأربعاء ألقى بمزيد من الشك.
ويبقى بعد كل هذا عدم قدرة الأوروبيين على ضم هذه المنطقة، وفي الوقت نفسه خوفهم الشديد من التمدد الروسي، والذي أصبح مرضيا لدى الاتحاد ودوله.