رسائل للتودد… هل تراجع ماكرون عن دعم حل قضية "الأرشيف الجزائري"

عاد ملف الأرشيف الجزائري إلى الأدراج مرة أخرى بعد انتخاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولاية جديدة، في أبريل/ نيسان الماضي.
Sputnik
الملف الذي يمثل أهمية قصوى بالنسبة للجزائر تحوّل إلى أوراق سياسية بيد الرئيس الفرنسي لمغازلة الجزائر دون تحقيق أي خطوة فعلية على الأرض، بحسب خبراء.
خطوة معاكسة
وكان ماكرون أبلغ فيه أحفاد حرب الاستقلال 1954-1962 أن الجزائر يحكمها "نظام سياسي عسكري أعاد كتابة تاريخها بالكامل"، بحسب وكالة "فرانس برس"، قبل انتخابه لولاية جديدة.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلنت فرنسا فتح أرشيفها المتعلق بحرب الجزائر، والذي يتضمن القضايا القانونية وتحقيقات الشرطة في الجزائر خلال حربها ضد الاستعمار.
الجزائر وفرنسا تناقشان سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجال النقل
الإجراء الذي اتخذ حينها يعتمد على مرسوم وزارة الثقافة الذي يسمح بالاطلاع على كل المحفوظات العامة التي تم إنشاؤها في إطار القضايا المتعلقة بالأحداث التي وقعت خلال الحرب الجزائرية بين الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954، و31 ديسمبر 1966
إجراء لم يكتمل
ووفقا لمرسوم الوزارة حينها، يمكن الاطلاع على كل من "الوثائق المتعلقة بالقضايا المرفوعة أمام المحاكم وتنفيذ قرارات المحاكم"، إضافة إلى "الوثائق المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها دوائر الضابطة العدلية.
منذ انتخاب الرئيس لولاية جديدة، غاب الحديث عن القضية برمتها، الأمر الذي يكشف عن عدم رغبة الدولة العميقة في فتح الملف، حسب الخبراء.
ملف عالق
من ناحيته قال الخبير الاستراتيجي الجزائري، أحمد ميزاب، إن ملف الذاكرة والأرشيف يظل من الملفات العالقة بين الجزائر وفرنسا، وأنه حتى الآن لا توجد نية للجانب الفرنسي على الأقل لفتح الملف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الملف يحرج ويدين الجانب الفرنسي، ويضعهم أمام مسؤولية تاريخية تكشف الحقائق.
ويرى ميزاب أنه رغم التصريحات السياسية الموجهة للتسويق، لكن الرئيس الفرنسي غير قادر على تحمل المسؤوليات أمام لوبيات داخلية تدفع إلى تجميد الملف.
رسائل للتودد
وأشار إلى أن القضية أصبحت عبارة عن رسائل للتودد للجزائر فقط، دون خطوات ملموسة نحو الإفراج عنه.
بشأن مدى تأثر المسار بالتحولات العالمية الحالية، لفت الخبير الجزائري إلى ضرورة الفصل بين التحولات العالمية والالتزامات التاريخية، موضحا أنه إذا كانت فرنسا تريد بناء علاقات قوية والاستثمار في التحولات العالمية فإن التوقيت الحالي هو المناسب.
وشدد ميزاب على أن قوى داخلية تحول دون خطوة إيجابية فرنسية تجاه الملف، خوفا من الإدانة والمطالبة بالحقوق، فيما أصبح التجاهل هو النهج المتبع.
تتباين قوة العلاقات بين البلدين من حين لآخر، وفي هذه النقطة يشير الخبير الجزائري إلى العلاقات الثنائية مرهونة بمدى الجدية من الجانب الفرنسي، باعتبار أن الجزائر اليوم لن تقبل معادلة مختلة، وأن الشروط الموضوعة على الطاولة تستوجب بناء علاقات على قاعدة "رابح رابح" والاحترام المتبادل وتصفية الملفات العالقة.
تفاؤل حذر
في المقابل، قال الخبير الأمني الجزائري، أكرم خريف، إن الأمور تبدو في تحسن، في الوقت الراهن.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معزول في بلاده، ويعتبر العلاقات الدولية مهمة.
وزير الخارجية الفرنسي: بين الجزائر وفرنسا علاقات تاريخية عميقة وإنسانية متعددة
ويرى إن إمكانية تطوير العلاقة وتحرير ملف الأرشيف قائمة، خاصة في ظل الدور الذي تلعبه الجزائر، في منطقة الساحل وليبيا.
وفي مارس/ آذار الماضي، اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن "جرائم الاستعمار" الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعيا إلى "معالجة منصفة" لملف الذاكرة.
جاء ذلك في رسالة نشرتها الرئاسة الجزائرية بمناسبة الذكرى الستين لتوقيع اتفاقيات إيفيان التي مهدت لاستقلال الجزائر.
وقال تبون في الرسالة التي نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام الحكومية، إن "جرائم الاستعمار البشعة لن تسقط بالتقادم.
مناقشة