بوساطة عراقية... هل اقتربت قمة السعودية وإيران على المستوى الدبلوماسي

مؤشرات إيجابية بدت في التحركات الأخيرة، لاسيما زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى السعودية وإيران.
Sputnik
يربط الخبراء بين التحركات الإقليمية الأخيرة بأنها تهدف لتهدئة الأوضاع في المنطقة، والعمل على حل العديد من الخلافات، وعلى رأسها الملف الإيراني مع منطقة الخليج.
رغم تباين الآراء واختلاف نظرة كل طرف لمسببات للأزمة بين الرياض وطهران، إلا أن الخبراء يتفقون حول إيجابية المؤشرات في الوقت الراهن بشأن إمكانية التقارب بمستويات أكبر مما سبق بين البلدين.
تحركات عراقية
من المرجح أن تستضيف بغداد محادثات بين الطرفين على مستوى أعلى خلال الفترة المقبلة، لكن هذه المعلومات لم تؤكد بشكل رسمي حتى الآن.
ويربط الخبراء بين زيارة أمير قطر تميم بن حمد إلى القاهرة والجزائر، وكذلك زيارة الكاظمي لإيران، إذ يفسرون التحركات بأنها تهدف لوضع بعض الأسس التي يمكن على أساسها التفاهم.
واستضاف العراق خمس جولات من المحادثات بين البلدين، حيث عقدت الجلسة الأخيرة في أبريل/ نيسان. وكان الكاظمي قد أشار حينها إلى أنه يعتقد أن "المصالحة قريبة" بين الرياض وطهران، وهو انعكاس آخر لتحول التحالفات السياسية في جميع أنحاء المنطقة.
فرص التعاون بين البلدين
في الإطار قال فتوح هيكل مدير الأبحاث والمستشار السياسي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن الحوار بين السعودية وإيران وموقف الرياض تحديداً يتعين معه الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية ليس لديها أي مانع أو اعتراض من حيث المبدأ على الحوار، والتعاون مع طهران.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المملكة ودول الخليج العربي تدرك أن إيران جزءا من المنطقة، وأن التعاون الإقليمي يخدم أهداف الجميع.
ويرى هيكل أن "المملكة ترفض السلوكيات والممارسات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة برمتها، وترفض توظيف طهران للجماعات الطائفية والإرهابية التي تهدد أمن واستقرار دول الخليج العربية، وكذلك عدم وضوح نوايا طهران فيما يتعلق بالملف النووي".
موقف دول الخليج
يشير الباحث إلى أن التجارب التاريخية تؤكد حرص دول الخليج وعلى رأسها السعودية على مد يد الحوار كلما كانت الفرصة متاحة، إذ حدث ذلك في عهد رفسنجاني وفي عهد خاتمي وحتى في عهد أحمدي نجاد، لكن في كل مرة تصطدم الرغبة السعودية والخليجية بسلوكيات إيرانية يصفها بـ"عدوانية" ومواقف متشددة تدحض فرص الحوار والتعاون، حسب رأيه.
مؤخرا بدت المواقف مغايرة وإيجابية، إذ تشير معلومات (لم ترد على لسان مصادر معلنة) إلى تحضيرات لعقد لقاء قريب بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في بغداد أو إحدى العواصم العربية الخليجية.
الكاظمي يتوجه إلى إيران بعد السعودية في إطار جهود بغداد للتوسط بين الرياض وطهران
الكرة في ملعب طهران
حول اللقاء المرتقب يقول هيكل إن الكرة تظل في الملعب الإيراني، حيث يحتاج الأمر إلى ثقة بوجود رغبة إيرانية حقيقية في الحوار البناء، وليس استغلال الحوار كمحاولة لتخفيف الضغط على طهران دون تقديم تنازلات حقيقية.
بذلت سلطنة عمان خلال السنوات الماضية الكثير من الجهود في إطار الوساطة بين طهران والرياض، في محاولة لتقريب وجهات النظر والتفاوض حول الملفات الخلافية، كما لعب العراق الدور نفسه مؤخرا.
تعليقا على وساطة العراق وسلطنة عمان، أشار هيكل إلى أن العراق وسلطنة عمان يمكنهما المساهمة في تحقيق التفاهم. لافتا إلى أن الأمر الأهم يتمثل في جدية إيران في الحوار، وأن تكون مقتنعة أن سلوكياتها المزعزعة للاستقرار يجب أن تتوقف فوراً بما يخدم مصالح جميع الأطراف، حسب قوله.
ضرورة إقليمية
قال الخبير اللبناني وسام إسماعيل، إن التوافق بين الطرفين أصبح ضرورة إقليمية، خاصة أن التوتر في المنطقة قائم على الخلاف بين الجانبين. وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن الطرفين بحاجة إلى التفاوض وتهدئة الأمور، خاصة في ظل الخسائر التي لحقت بالجانبين إثر التوتر خلال الفترة الماضية.
ويرى إمكانية وصول المفاوضات الحالية إلى محطة إيجابية، خاصة بعد تخطي إيران الحصار الذي فرضته واشنطن وبعض دول الخليج على طهران خلال الفترة الماضية. حسب قوله.
من يمكنه التنازل؟
ولفت إلى أن الأمر لا يمكن تقييمه بأن إيران تحتاج لتقديم تنازلات، خاصة أنها لديها علاقات جيدة مع العديد من الدول وخاصة قطر، وأن الممكن في الوقت الراهن هو الاتفاق حول آلية لتحسين العلاقات السعودية - الإيرانية.
ويستبعد استجابة إيران للمطالب السعودية، التي يراها تهدف لقطع علاقة إيران بالدول العربية (بينما تصفها الرياض بعدم التدخل في الشؤون العربية)، إذ يرى أن المطلوب هو تبادل الثقة بأن كل منهما لا يهدد الآخر.
واستطرد بقوله: "التغيرات الحالية وما فرضته المرحلة يمكن أن تدفع السعودية لخفض سقف مطالبها بعد التعثر الذي واجهته في اليمن، في حين أن إيران تبدي حسن النية واستعدادها للحوار، كما أن تنازل المملكة يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية".
إيران: الكاظمي نقل مجموعة نقاط من السعودية بشأن المحادثات الثنائية
استعداد سعودي
على الجانب الآخر قال أستاذ القانون السعودي أصيل الجعيد لـ "سبوتنيك" إنه "متى ما توقفت إيران عن حربها بالوكالة في المنطقة وأعمالها التخريبية وأوقفت طموحاتها النووية غير السلمية، يمكن للسعودية أن تثمن أي علاقة دبلوماسية قريبة منها أو بعيدة، ما دامت تصب في المصالح المشتركة للطرفين".
ولفت إلى أن زيارة الرئيس الأمريكي لن تسفر عن أي شيء ما دام أن المصالح المشتركة للسعودية وحلفائها غير متحققة، متابعا: "السعودية دولة عظمى متزنة ولا تتخذ مواقف عدائية بل تحرص على السلام والوئام الدولي".
ويرى أنه على إيران النظر لخارطة المصالح المشتركة التي تهمها بعين جديدة، خصوصا ما بعد مرحلة كورونا والأزمة العالمية الحالية.
أبعاد زيارة الكاظمي
وقال مصدر في مجلس الوزراء العراقي، السبت، إن زيارة الكاظمي للسعودية ومن بعدها إيران "تأتي في سياق المحادثات التي أجرتها الرياض وطهران مؤخرا في بغداد".
يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران مقطوعة منذ ست سنوات، جاء ذلك بعد أن هاجم متظاهرون إيرانيون مقر البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، وذلك على خلفية إعدام المملكة لرجل الدين الشيعي نمر النمر، لترد الرياض بقطع العلاقات مع طهران.
وفي أوائل مارس/ آذار، قال الأمير محمد إن بلاده وإيران "جارتان إلى الأبد"، وأنه "من الأفضل لكلينا العمل على حل المشكلة والبحث عن طرق يمكننا من خلالها التعايش".
مناقشة