تقرير وكالة "فيتش"... هل تدخل الكويت في حالة تقشف رغم زيادة أسعار النفط؟

على عكس ما جاء في تقرير وكالة "فيتش" الدولية، أكد مراقبون أن الكويت لديها فوائض مالية كبيرة بعد فترة الحوكمة ومحاربة الفساد، وارتفاع أسعار النفط، مستبعدين لجوء الحكومة المقبلة للتقشف، أو تعطيل قوانين تتعلق بالاستثمارات.
Sputnik
وتوقعت وكالة "فيتش سوليوشنز" للدراسات الاقتصادية إقبال الحكومة الكويتية على تخفيضات صارمة في الإنفاق، وأن تبقى مخاطر صنع السياسات مرتفعة في الأشهر المقبلة.
وأوضحت الوكالة أن هذه المخاطر ستبقى مستمرة حتى بعد إجراء الانتخابات المرتقبة لمجلس الأمة، ما يعني أن تمرير القرارات السياسية والاقتصادية سيبقى معلقاً إلى ما بعد الاستحقاق البرلماني، بحسب صحيفة "القبس" الكويتية.
ويقول الخبراء إن مجلس الأمة الأخير قبل حله، صادق على ميزانية الكويت الجديدة، والتي تتضمن فوائض كبيرة في الأموال، ما يعني انتهاء أزمات عجز الميزانية ونقص السيولة السابقة.
التشغيل الكامل للوقود البيئي.. ما أهمية تلك الخطوة وانعكاسها على الاقتصاد الكويتي؟

حوكمة الصرف

اعتبر الدكتور محمد خليفة الجيماز، الخبير الاقتصادي الكويتي، أن تقرير "فيتش" الذي تحدث عن دخول الكويت فترة تقشف كبيرة، مبالغ فيه، حيث أكد أن الكويت الآن تملك فائضًا كبيرًا، غير أن مجلس الأمة الأخير وقبل حله، قام بالموافقة على جميع الميزانيات المعروضة عليه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الكويت تعيش حاليًا في مرحلة لا يمكن إطلاق عليها "تقشف"، فهي حوكمة للإنفاق الحكومي، من أجل محاولة التعرف على مواقع الهدر والفساد المالي في بعض الإدارات والمؤسسات ووزارات الدولة، من أجل تقييد الإنفاق، واستثمار هذه الأموال فيما بعد في مواقع أخرى تحتاج إليها، وبأسلوب صحيح وبشكل أفضل.
وفيما يتعلق بإمكانية وقف بعض القوانين الاقتصادية بما في ذلك قانون الاستثمار، بحسب توقعات "فيتش"، استبعد الجيماز ذلك، وقال إن في كل الحالات هناك قوانين استثمارية في الكويت موجودة منذ فترات طويلة وهي بحاجة فقط للتفعيل، لا سيما بعد القضاء على الهدر والعجز، وبعد أن أصبح هناك فائضًا كبيرًا في الأموال.
وعن عجز الميزانيات السابقة في الكويت، وأزمات السيولة، قال إنها أصبحت من الماضي، حيث تم إقرار الميزانية في الجلسات السابقة لمجلس الأمة، لأعوام 2022 وعام 2033، وأوضحت الموازنة أن هناك فائضًا كبيرًا، مؤكدًا أن الدولة الكويتية تستغل حاليًا ارتفاع سعر برميل النفط، ما زاد العائدات المالية على الدولة.
لماذا خفضت وكالة فيتش تصنيف الكويت الائتماني وما تأثيره على الاقتصاد؟

فوائض مالية كبيرة

بدوره اعتبر المحلل الاقتصادي الكويتي عبدالواحد خلفان، أن الكويت دخلت الفترة السابقة في حالة تقشف شديد، لا سيما في ظل أزمة تفشي وباء كورونا، حيث أوقفت الكثير من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية، لكن الآن تملك فوائض مالية كبيرة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الموازنة المالية الجديدة للكويت حددت سعر برميل النفط بـ 80 دولارًا، في حين تبيع الحكومة برميل النفط بسعر يتجاوز الـ 100 دولار للبرميل، إضافة إلى ارتفاع أصول الصناديق الاستثمارة السيادية بأرقام فلكية، وهناك إيرادات ومداخيل مالية كبيرة في الدولة، حيث رفعت الرسوم الحكومية بشكل كبير، وصلت في بعض الخدمات إلى 400%.
ويرى خلفان أن الحكومة الكويتية كانت في قمة التقشف خلال السنوات الماضية، بجانب اتخاذها لإجراءات متشددة لمنع الفساد في قضايا الصرف المالي، وإيقاف المناقصات الوهمية والتلاعبات المالية، ما أدى إلى توافر إيرادات قوية وكبيرة في خزينة دولة الكويت.
ويستبعد المحلل الكويتي لجوء الكويت للتقشف خلال الفترة القادمة، كما توقع تقرير وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، مؤكدًا أنه على عكس ذلك هي بحاجة ماسة لمزيد من الضخ الحكومي للأموال في مشاريع البنية التحتية، ومشروعات اقتصادية أخرى عملاقة، من أجل زيادة الإيرادات غير النفطية وتقليل الاعتماد على النفط في ظل التغير الدائم في أسعار النفط، مع الوضع في الاعتبار التقارير التي توقعت زيادة أسعارها لمعدلات قياسية في الشتاء المقبل.
وفيما يتعلق بعجز موازنة الكويت، قال إن الدولة عانت في فترة ماضية عجزًا كبيرًا بسبب الفساد المالي والمناقصات والتلاعبات الوهمية، حيث كان هذا الفساد السبب الأول في هذا العجز، أما الآن وبعد تقنين الصرف ووضع حد للتلاعبات المالية، لن تعاني الكويت من أي عجز قادم.
زيادة الاستثمارات ونمو الناتج المحلي… ما هي الفوائد الاقتصادية من إنشاء 4 مناطق اقتصادية في الكويت؟
وأكد أن الأوضاع تتحسن بقوة، لا سيما في ظل تغيير الحكومة ومجلس الأمة، ما يمهد لمشهد سياسي واقتصادي جديد كليًا في الكويت، لا سيما مع تغير لاعبين أساسيين في المشهد، مثل مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة.
واستندت وكالة "فيتش" في ترجيحها بشأن إقرار الحكومة المقبلة تخفيضات صارمة في الإنفاق، إلى توقعات سابقة بتسجيل البلاد عجزا ماليا متتاليا على المدى المتوسط. وأشارت إلى أن "الانتخابات المقبلة لمجلس الأمة في الكويت ستؤدي إلى تحسينات محدودة للتحديات السياسية والاقتصادية، حيث نرجح استمرار مواجهة أي حكومة كويتية جديدة لمعارضة قوية من المجلس، وذلك نظرا لبقاء الاختلافات الجوهرية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية دون معالجة".
وأضافت: "الخلافات بين الحكومة والمجلس استمرت وتعمقت منذ الانتخابات الماضية في ديسمبر 2020، لذلك نعتقد أن الانتخابات المقبلة لن تعالج على الأرجح الخلافات العميقة بين الطرفين، وهذا يجعلنا نعتقد أن التشريعات الأساسية ستستمر في التأخير على المدى القصير حتى بعد إجراء الانتخابات".
ولفتت إلى أن "قانون إصدار سندات الديون لن يتم إقراره في الكويت إلا في أواخر 2023. ونظرا لتوقعاتنا السابقة بأن تشهد الكويت عجزا ماليا متتاليا على المدى المتوسط، وعدم إقرار قانون إصدار سندات الديون، فإن الحكومة الكويتية المقبلة ستقر تخفيضات إنفاق صارمة".
وتوقعت المؤسسة تأجيل قانون الاستثمار الأجنبي، الذي من شأنه أن يخفف شروط ومتطلبات التأشيرات للأجانب ويعطيهم حقوقاً أكبر بالتملك في البلاد.
وأكدت الوكالة أن "المأزق السياسي في الكويت سيؤدي إلى مزيد من التأخير في تحقيق إصلاحات ملائمة للأعمال التجارية المخطط لها ضمن استراتيجية "كويت 2035".
وتابعت أن "ذلك يؤكد وجهة نظرها بأن نمو الاقتصاد غير النفطي للكويت سيبقى ضعيفا على المدى المتوسط، وسيظل معتمدا على الإنفاق الحكومي، وبالتالي سيبقى نمو الناتج المحلي الإجمالي في الكويت مرتبطا ارتباطا كبيرا بإنتاج النفط، الذي من المتوقع أن يتباطأ بشكل مطرد في السنوات القليلة المقبلة".
مناقشة