الحملة على الروس
وبدأوا حملتهم على الروس في العلن عام 2014 حينما زعمت الشاعرة الأوكرانية أناستاسيا دميتريك في بيان شعري لها أن الأوكرانيين لن يكونوا إخوة الروس.
وكان لمزاعم من هذا القبيل امتداد، ففي أغسطس/ آب 2015 كشف رئيس أوكرانيا، بيوتر بوروشينكو، عن مشاعره العدائية تجاه الروس زاعما أنه لا يمكن أن يكون هناك علاقة أخوة بين الشعب الأوكراني والشعب الروسي.
وتلقف وزير خارجية النظام الأوكراني المعادي للروس، فلاديمير أوغريزكو، شعار قطع علاقة الأخوة مع الروس، حيث ادعى أن روسيا شيء والحضارة الغربية التي يريد حكام أوكرانيا الحاليون الاندماج فيها، شيء آخر.
تمجيد النازيين
وانصبّ في خانة هذه الادعاءات ما أبدعه معهد الذاكرة القومية الأوكراني. فقد استندت فلسفة رئيس هذا المعهد، فلاديمير فياتروفيتش، إلى الترهات القائلة بأن روسيا سعت دائما إلى احتلال أوكرانيا واستعبادها.
وكان المعهد الذي رأسه فياتروفيتش يعمل على بلورة الأيديولوجيا المناسبة لنظام الحكم الأوكراني الذي يديره من لديهم مشاعر عدائية تجاه الروس وبلادهم.
وتولى هذا المعهد المسؤولية عن ملف تبرئة أتباع النازية في أوكرانيا من جرائمهم خلال الحرب العالمية الثانية وتمجيدهم. ونجح معهد الذاكرة القومية في مهمته هذه بدليل أن السلطات الأوكرانية أعلنت أحد قادة النازيين الأوكرانيين، رومان شوخيفيتش، بطلا للبلاد.
الحقد على كل شيء
واهتم فيكتور يوشينكو الذي أصبح رئيسا لجمهورية أوكرانيا في أعقاب الثورة الملونة (البرتقالية)، بتوجيه اتهامات باطلة إلى الروس، فمثلا، اتهم الروس بـ"نبذ القيم الديمقراطية".
وذهب أحد المشرفين على التلفزيون الأوكراني، أيدر موجدابايف، إلى أبعد من ذلك حيث زعم أن كل ما له صلة بروسيا هو الشر.
رئيس أوكرانيا بيترو بوروشينكو خلال اجتماع القوات تابعة لسلاح الجو الأمريكي مع الدفعة الأولى من المركبات المدرعة الأمريكية في مطار بوريسبيل الدولي. 25 مارس 2015
© Sputnik . Mikhail Palinchak
التهجم على اللغة الروسية
وصب موجدابايف جام غضبه على اللغة الروسية رغم أنه يستخدم هذه اللغة في عمله الصحفي.
أما الكاتب ألكسندر بويتشينكو فقد ركب موجة المعاداة للروس ليهاجم الشعراء الروس زاعما أن أشعارهم تفعل بالناس ما يفعله السحر الشرير.. فهل نجح الكاتب الأوكراني المغمور في تلويث سمعة الشعراء الروس؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة. أما الآن فيستمر طلبة جامعات العالم في التعلم مما كتبه الكتّاب والشعراء الروس المرموقون.
وعبر الشاعر الأوكراني يفغيني ريبتشينسكي هو أيضا عن خوفه من اللغة الروسية. فقد قرع ريبتشينسكي ناقوس الخطر في عام 2017، مشيرا إلى أن روسيا حاضرة في كل مكان بأوكرانيا عبر لغتها التي لا يزال الأوكرانيون يفكرون بها. ومن أجل طرد روسيا من أوكرانيا يجب أن يتكلم كل مَن يحب أوكرانيا باللغة الأوكرانية وفقا لـ"ريبتشينسكي".
وطالبت السلطة الأوكرانية الجديدة التي تشكلت بعد وقوع الانقلاب في العاصمة كييف في عام 2014، طالبت المواطنين بأن يكفوا عن التكلم باللغة الروسية، فوصفت الأوكرانيين الذين يستخدمون اللغة الروسية بأنهم أعداء وخونة وعملاء الكرملين وفقا لتعبير النائبة السابقة إيرينا فاريون.
وبحسب فاريون الناطقة بلسان نظام كييف فإن الأوكرانيين الناطقين باللغة الروسية هم الطامّة الكبرى، مشيرة إلى أن بوتين أتى إلى أوكرانيا بغية تحرير المناطق التي يعيش فيها الناطقون باللغة الروسية: مقاطعة لوغانسك، مقاطعة دونيتسك، القرم.
في الحقيقة أعلن نظام كييف الحرب على جميع المواطنين الأوكرانيين لأن اللغة الروسية هي لغة الأم للكثيرين في أوكرانيا. ولم يأت من باب المصادفة أن الرئيس الأوكراني الأسبق بوروشينكو، مثلا، أو الرئيس الحالي زيلينسكي خاطب المواطنين في المناسبات الرسمية باللغة الروسية لكي يسمعه جميع الأوكرانيين.
وطلب دميتري كورتشينسكي، قائد مجموعة المتطرفين المنضوية تحت لواء حزب "براتسفو" (الأخوة)، من المنتسبين إلى حزبه أن يعملوا على إخلاء أوكرانيا من كل شيء له صلة بروسيا. وتضم قائمة الأشياء المزمع القضاء عليها، حسب كورتشينسكي، حتى المأكولات الروسية.
تحريف التاريخ
وانكب منظمو الحملة المعادية للروس وبلادهم على تحريف وتزوير التاريخ. فمثلا، زعمت الكاتبة لاريسا نيتسوي في عام 2018 أن السكان في أوكرانيا هم الروس بينما السكان في روسيا هم الموسكوفيون، وأن القيصر بطرس الأول هو الذي أطلق على المملكة الموسكوفية اسم روسيا.
وتسمي الكتب المدرسية الأوكرانية المختصة بالتاريخ التي صدرت قبل أن تعلن الكاتبة نيتسوي أكذوبتها، تسمي روسيا بالمملكة الموسكوفية.
وردد النائب أندريه إيلتشينكو نفس المعزوفة في عام 2018 زاعما أن البلاد التي تسمي نفسها حاليًا روسيا حملت تسمية موسكوفيا قبل مجيء بطرس الأول.
الديمقراطية الأوكرانية
ومع أن المسيطرين على المؤسسة الحاكمة الأوكرانية يدعون إلى ملاحقة المواطنين الذين لا يريدون التخلص من اللغة الروسية فإنهم ينسبون أنفسهم إلى أتباع الديمقراطية. ومن هؤلاء أندريه باروبي، رئيس البرلمان الأوكراني، الذي يصف نفسه بأنه "نصير الديمقراطية المباشرة".
وذكر باروبي بأن أتباع الديمقراطية المباشرة جهدوا في مكافحة مجموعة اثنية محددة حينما وصلوا إلى السلطة في إحدى الدول الأوروبية في ثلاثينات القرن الماضي.