وعبر نشطاء عن غضبهم من تردي الأوضاع المعيشية في البلاد بعد تفاقم الوضع الاقتصادي والسياسي وعدم الوصول لاتفاق حقيقي يضمن انتخابات برلمانية ورئاسية في البلاد.
ساعات طويلة يقضيها الليبيون في الظلام بعد انقطاع الكهرباء، ونقص حاد في السيولة النقدية وارتفاع في الأسعار وغيرها من المشاكل التي يعاني منها الشعب الليبي، وسط صمت دولي كبير وسيناريوهات جديدة ينتظرها الليبيون يأملون من خلالها في إزاحة الأجسام الحالية والتعجيل بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وفي هذا الإطار وصف السياسي والأكاديمي الليبي فتحي البعجة، المظاهرات التي انطلقت في بعض المدن الليبية، بأنها خرجت من أجل تحقيق تطلعات الشعب في العيش بعزة وحرية وعدالة ورفاه من خلال ترسيخ قيم المواطنة وثقافة حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة عبر إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في أقرب وقت ممكن، ورفض الرجوع إلى الدكتاتورية والتسلط تحت أي ذريعة.
تقرير المصير
وأضاف البعجة في تصريح خاص لـ "سبوتنيك": "للشعب الليبي الحق في تقرير مصيره، واختيار من يمثله في السلطة دون أي وصاية أو إكراه، ومن حقه الابداء برأيه بكل حرية، والتعبير عن أفكاره السياسية بالطرق السلمية والقانونية"، مضيفا: "نستنكر جميع الأعمال التخريبية والفوضوية من حرق وإتلاف للممتلكات العامة والخاصة، وندين كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، ولا يوجد مبرر لأي عمل خارج عن القانون يهدد الأمن والسلم المجتمعي".
إجراء الانتخابات
وفي هذا الإطار، حمّل البعجة جميع الأطراف التي أسهمت في وصول الأحداث إلى هذا المستوى من التوتر، عندما حرمت الشعب الليبي من الاستحقاق الانتخابي والإدلاء بصوته يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، ورفضت المسار الديمقراطي الذي يمثل الطريق الوحيد للوصول إلى السلام والاستقرار والمصالحة الوطنية الشاملة.
التدخلات الخارجية وتأثيرها على البلاد
وأدان البعجة "التدخلات الخارجية التي ساهمت بشكل مباشر في الصراعات والخلافات والنزاعات بين أبناء الشعب الواحد، وحمل المسؤولية الكاملة لجميع الأطراف لا سيما حكومة تصريف الأعمال منتهية الولاية التي رفضت التوافق (الليبي الليبي)، والتعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري، وأرجعت البلاد إلى مربع الانقسام السياسي والمؤسساتي الذي عانت منه لسنوات عديدة، وخلقت المشاكل والأزمات المفتعلة بغية الاستمرار في السلطة بأي ثمن وإن كان على حساب الوطن والمواطن".
ودعا الأكاديمي الليبي جميع الأجسام الحالية في السلطات الليبية للاستماع إلى صوت العقل والاستماع لمطالب الشعب المشروعة في إقامة الانتخابات النيابية والرئاسية المباشرة والمتزامنة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المكانية في جميع قرى ومدن الأقاليم التاريخية الثلاثة، والقضاء على المركزية والفساد والمحسوبية والرشوة، والعمل على بناء دولة القانون والمؤسسات، من خلال الرجوع إلى دستور الاستقلال غير المعدل.
مقر مجلس النواب في مدينة طبرق
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
ومن جهته قال المحلل السياسي محمود الرملي إن المظاهرات التي خرجت في أغلب المدن الليبية، والتي طالبت بالإصلاح السياسي والاقتصادي ورحيل الاجسام الحالية، جاءت لمساعدة المواطنين في الخروج من المشاكل اليومية وأبرزها انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة جدا، وعدم قدرة الأجسام الحالية على الإيفاء بالالتزامات التي تعهدوا بها.
وأضاف أن هذه المظاهرات هي رسائل للمجتمع الدولي والمحلي بضرورة مساعدة الليبيين على التخلص من الأجسام الحالية بطريقة واضحة وشفافة، ولو تطلب ذلك إنشاء مجلس تأسيسي جديد، لأن الاجسام الحالية فقدت شرعيتها باعتبار أن شرعيتها مستمدة من الشعب وهذه المظاهرات دلالة واضحة على رحيل هذه الأجسام.
وتابع أن عمليات التخريب والحرق التي لحقت بمقر البرلمان أمر غير مقبول، ولكن في المقابل يجب عليهم الاستماع لمطالب هذا الشعب، لأن مثل هذه المظاهرات أطاحت بنظام القذافي ولا يجب الاستهانة بهم.
فشل لقاء جنيف
ولفت الرملي أن الحوار الأخير في جنيف خيب آمال الليبيين، بعد أن تطلع الليبيون والعالم لهذا الحدث على أنه فرصة لملمة الوضع الحالي والخروج باتفاق حقيقي، ولكن للأسف لم يتم التوافق.
انتهاء الأجسام الحالية
وشدد على ضرورة انتهاء جميع الاجسام الحالية، مؤكدا على أن تتم بطريقة سلسة قابلة للتطبيق دون أزمات، ونهاية الأجسام لابد منها، حتى وإن تطلب ذلك إنشاء مجلس انتقالي جديد لمدة 6 أشهر يضمن من خلاله الليبيون إجراءاتهم في إطار حكومة مصغرة، لكي يتم التخلص من الأجسام الحالية على حد وصفه.
وأوضح أن "مبدأ تعدد الحكومات أمر غير مقبول، ولكن يجب علينا أن ننتبه لتصريحات الأمريكيين بإمكانية إجراء انتخابات في ظل حكومتين وهذا يعني أن ليبيا مقسمة وهذا أمر صعب، ونحن نتمنى أن تكون هناك حكومة موحدة وقادرة تستطيع أن تقود البلاد لانتخابات حرة نزيهة".