ما دلالات تقرير واشنطن عن اغتيال شرين أبو عاقلة؟
"طمس أمريكي للحقيقة وتغطية على جرائم إسرائيل"، هكذا وصف المراقبون التقرير الأمريكي الصادر عن نتائج التحقيقات في مقتل الصحفية شرين أبو عاقلة.
Sputnikالمراقبون أكدوا أن التحقيقات الفلسطينية أثبتت ضلوع إسرائيل في
ارتكاب هذه الجريمة، ضمن مسلسل جرائمها بحق الصحفيين.
وأصدرت وزارة الخارجية بيانا حول التحقيق الذي أشرف عليه أمريكيون، يشير إلى أن المحققين لم يتمكنوا "من التوصل لنتيجة فيما يتعلق بأصل الرصاصة التي قتلت
الصحفية الفلسطينية الأميريكية شيرين أبو عاقلة"، مضيفة "قرر خبراء المقذوفات أن الرصاصة أصيبت بأضرار بالغة مما حال دون التوصل إلى نتيجة واضحة".
كما خلص المحققون إلى أن "إطلاق النار من مواقع الجيش الإسرائيلي كان مسؤولا على الأرجح عن مقتل شيرين أبو عاقلة، ولم يتم التوصل لأي سبب للاعتقاد بأن هذا كان متعمدا، ولكنه نتيجة لظروف مأساوية خلال عملية عسكرية بقيادة الجيش الإسرائيلي ضد فصائل الجهاد الإسلامي الفلسطينية".
وقال الجيش الإسرائيلي إن تحقيقاته أكدت بشكل قاطع وبصورة جازمة بأنه "لم يتم توجيه إطلاق النار من قبل قواتنا تجاه أبو عاقلة بشكل متعمد"، مضيفا "على الرغم من الجهود المبذولة، فقد تبين أنه في ضوء حالة الرصاصة ونوعية العلامات الموجودة عليها، لا يمكن تحديد ما إذا كانت الرصاصة قد أطلقت من السلاح الذي تم اختباره أم لا".
واتهمت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الاثنين، "الحكومة الإسرائيلية بمحاولة التخلي عن مسؤوليتها تجاه مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة"
وقالت في بيان لها، إن "الحكومة الإسرائيلية تتنصل من تحمل مسؤولياتها تجاه اغتيال أبو عاقلة"، داعية الإدارة الأمريكية إلى "ضرورة الحفاظ على مصداقيتها على خلفية مشاركتها في التحقيقات حول الحادث".
ازدواجية المعايير الأمريكية
اعتبر فادي أبو بكر، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن
السلطة الوطنية سلمت الرصاصة التي قتلت شرين أبو عاقلة بعد طلب رسمي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، كون الصحفية تحمل الجنيسة الأمريكية بجانب الفلسطينية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من تدخلها في هذه القضية إلى تجميل صورتها، لا سيما وأنها حققت أصداء عالمية غير مسبوقة، وتصدرت كل وسائل التواصل الاجتماعي.
وفيما يخص التقرير الأمريكي عن نتائج التحقيق، قال إنه من الجيد تسليم الرصاصة لأمريكا، لتكون القضية دليلًا جديدًا على الانتقائية والمعايير المزدوجة الأمريكية وتعاملها مع القانون الدولي، خاصة أن أعلى هيئة أممية أصدرت تقريرها وكشفت بأن شيرين أبو عاقلة قتلت بنيران إسرائيلية.
وتابع: "هذا التقرير يعري أمريكا أكثر أمام المجتمع الدولي وللعالم، ويكشف مدى انفصام الشخصية السياسة الأمريكية ومعاييرها المزدوجة والانتقائية التي تتبعها في التعامل مع القانون الدولي".
من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن المراوغة الأمريكية واضحة جدا بشأن إعلان حقيقة اغتيال الصحفية شرين أبو عاقلة، مؤكدًا أن السلطة استجابت للمطالب الأمريكية المتكررة بتسليم الرصاصة من أجل إثبات تورط إسرائيل بقتل الصحفية الفلسطينية، وتأكيدا على حسن نيتها وتجاوبها مع الإدارة الأمريكية الحالية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست بحاجة إلى كل هذا الضجيج لمعرفة الحقيقة، وكان بإمكانها الاستماع إلى كافة الإحداثيات للآليات العسكرية الإسرائيلية التي هاجمت جنين تلك الليلة، وإن لم توجد تلك التسجيلات تحت أي ذريعة، فكان بالإمكان مراجعة شفرة البنادق الإسرائيلية التي كانت مع الجنود أثناء عملية اقتحمام المخيم.
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تجاوبت مع المطالب الأمريكية كبادرة حسن نية، ولقطع الطريق على الادعاءات الإسرائيلية المكذوبة للتضليل والتغطية على جرائهما المتكررة والمتواصلة ضد الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين.
ويرى شعث أن التجارب السابقة للإدارة الأمريكية في كافة التحقيقات حول جرائم إسرائيل لم تكن محايدة، وشابها الغموض مرارًا في إدانة إسرائيل ومحاسبتها باعتبارها قاتلة لمواطنين أمريكيين، منها اغتيال الأمريكية راشيل كوري في رفح عام 2003، وغيرها من المواطنين الأمريكيين.
وأوضح أن السلطة الفلسطينية نجحت بكل تأكيد في فضح جريمة اغتيال شرين على يد جنود إسرائيل، لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية ساومت السلطة وقطعت التزامها بوعودها للقيادة الفلسطينية، تمهيدًا لزيارة بايدن للمنطقة، وربما محاولة إطلاق مسار سياسي جديد لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
بدوه قال زيد الأيوبي، القيادي في حركة "فتح"، إن التقرير الأمريكي الخاص بالتحقيق في مقتل الإعلامية شرين أبو عاقلة، محاولة أمريكية للتغطية على جرائم إسرائيل، ولكن الحقيقة واضحة ولا ينتظر أحد الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن أن تنصف الفلسطينيين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، وقعت السلطة الوطنية الفلسطينية تحت ضغوط أمريكية كبيرة لتسليم الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة للإسرائيليين، والسلطة الوطنية كانت قد رفضت من قبل تسليمها، وكلفت النائب العام الفلسطيني بمباشرة التحقيق الجنائي في القضية، حيث توصل لدليل قاطع بأن الجيش الإسرائيلي هو المسؤول بشكل مباشر عن إطلاق النار وقتل أبو عاقلة.
وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية أصرت على فحص الرصاصة، وتوصلوا إلى أنها أطلقت من مواقع الجيش الإسرائيلي، مؤكدًا أن هذه الجريمة هي حلقة من مسلسل الجرائم الإسرائيلية البغيض بحق الصحفيين، والتي ترتكب بشكل ممنهج من أجل عدم إظهار حقيقة الوجه البشع للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الأيوبي أن الشعب الفلسطيني وعائلة أبو عاقلة مصرون على معاقبة المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، الذين ثبت ضلوعهم في قتل الشهيدة، مشددًا على أن إجراءات الملاحقة لا تزال ماضية في طريقها.
وأعلن وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة، مساء أمس الأحد، أن الولايات المتحدة الأمريكية أعادت الرصاصة التي أدت لقتل الصحفية في قناة "الجزيرة" القطرية شيرين أبو عاقلة بعد إجراء الفحوصات المخبرية عليها.
وجاء إعادة الرصاصة بعد مرور 24 ساعة على تسليمها من السلطة الفلسطينية للجانب الأمريكي لإجراء فحص جنائي منفرد في مقر السفارة الأمريكية في القدس بعد وصول خبراء خصيصا لهذا الغرض من الولايات المتحدة.
وقال الشلالدة، إن الهدف من تسليم الرصاصة للجانب الأمريكي تسهيل مهمة إجراء التحقيق في "جريمة" مقتل أبو عاقلة"، مضيفا أن "السلطة الفلسطينية تنتظر التقرير الأمريكي بشأن مقتل أبو عاقلة لبدء إجراءات طلب المحاكمة وتقديم المسؤولين للعدالة".
وقتلت أبو عاقلة (51 عاما) التي ولدت في القدس برصاصة حية بالرأس في 11 مايو/ أيار الماضي خلال تغطيتها عملية اقتحام للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، في حادثة لاقت تنديدا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا.