أدخلت القوات التركية ناقلات جند ومدافع ثقيلة ودبابات إلى شمالي سوريا عبر معبر باب السلامة، إضافة لمعدات لوجستية عسكرية إلى مناطق حدودية مع سوريا، ونصبت أنظمة تشويش على إشارات الطائرات المسيرة، استعداداً للعملية المرتقبة، التي من المتوقع أن تبدأ في عيد الأضحى.
ووسط تساؤلات حول ما يمكن لإيران تقديمه لمنع العملية العسكرية في سوريا، استبعد المراقبون إمكانية التوصل لتهدئة في هذا الإطار، مؤكدين أن مساع إيران مجرد محاولات لتهدئة الأجواء بين دمشق وأنقرة.
فشل متوقع
اعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، أن محاولة إيران لعب دور الوسيط بين تركيا وسوريا، تأتي وسط إصرار تركي على المضي قدمًا في العملية العسكرية على الأراضي السورية، بعد أن نجحت في أخذ موافقة حلف الناتو، حيث تمت مقايضة بين أردوغان وحلف الناتو، توافق أنقرة من خلالها دخول فنلندا والسويد للحلف، وأن تقوم الولايات المتحدة بإعطاء الضوء الأخضر للدخول للأراضي السورية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، التصريحات الإيرانية الأخيرة تقول إنها تتفهم مخاوف تركيا الأمنية، وما تقوم به إيران محاولة لتبريد الأجواء بين سوريا وتركيا، لكنه لن يفلح في وقف العملية العسكرية التركية، لا سيما أن إيران لا تدعم "قسد" ولا تتمنى إقامة دولة انفصالية لهم، وكذلك تقف ضد "حزب العمال الكردستاني" الذي يهددها هي أيضا بجانب تركيا والعراق.
وأوضح أن إيران تريد القول لسوريا إن الخطر من إقامة دولة كردية واحد للجميع، لكن هذا لن يؤثر على الرفض السوري للعملية العسكرية، باعتبار أنها تنظر إلى أي تدخل تركي في سوريا عدوانا، ومن جهة أخرى من الصعب أن تترمم العلاقات التركية السورية، أو أن تعود لما كانت عليه، إلا أن يكون هناك عودة لاتفاقية أضنة، وهو الأمر الذي ترفضه أنقرة.
ويرى أن محاولات إيران لن تنجح في هذا الصدد، لعدة أسباب، أهمها أن تركيا عازمة على القيام بعمليتها العسكرية وأقنعت المجتمع الدولي بذلك، ولأن طهران لا تمتلك هذا الوزن الذي يمكنها من منع تركيا القيام بعمليتها العسكرية، وكذلك الاصطدام بالمصالح الاقتصادية ما بين تركيا وروسيا وإيران.
وأوضح إيران تحاول فقط عدم اصطدام الجيش السوري والتركي، وهو جوهر الوساطة، ولكن أردوغان استطاع أن يكتسب من علاقاته الاقتصادية مع إيران ومع روسيا، وكذلك استفاد من الوضع الدولي المتوتر بين روسيا وأمريكا وحلف الناتو، وبين الغرب والصين.
وأنهى حديثه قائلًا: "تركيا لها أهداف استعمارية في سوريا، في تحقيق ما يسمى بالميثاق الملي، والذي يعتقد أن شمال اللاذقية وإدلب وحلب والرقة والحسكة، أراضي تركية وتسعى لاستعادتها، بحسب تصريحات سابقة للمسؤولين التركيين على رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان".
تهدئة الأوضاع
من جانبه استبعد عماد أبشناس، المحلل السياسي الإيراني، تنازل تركيا عن مشروعها لشن هجمات عسكرية على الشمال السوري، كما هددت أكثر من مرة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تقوم تركيا كل فترة بمحاولة جس النبض، لترى إن كانت الظروف السياسية مواتية أم لا لتنفيذ هذا المشروع، فهو حلم عثماني تاريخي للأتراك، غير مرتبط بالحرب في سوريا، لكنها مجرد وسيلة لتحقيق هذا الحلم.
وفيما يخص المحاولات الإيرانية للوساطة بين تركيا وسوريا، يرى ابشناس، أنها تأتي في إطار محاولة تريد من خلالها طهران تهدئة الأوضاع بين الجانبين التركي والسوري لفترة ما.
وتابع: "لكن للأسف تركيا أعلنت رسميًا أنها تريد احتلال أراضي سوريا، وهي دولة عربية، والدول العربية يقفون موقف المتفرج، والجامعة العربية لم تحرك ساكنًا، والمبادرة تأتي من إيران".
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قد أكد أن إحلال السلام بين تركيا سوريا ضمن أهداف زيارته لدمشق، التي تمت السبت الماضي.
وأضاف الوزير الإيراني "استكمالاً لزيارتي إلى تركيا التي استمرت 4 أيام، لا بد من إجراء مشاورات مع المسؤولين السوريين، فهناك تغييرات تحدث في المنطقة، ويجب أن نحاول أن نجعل دور إيران دائما دورا بناء، ومنع حدوث أزمة جديدة في المنطقة".
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس الماضي، بأن "تركيا ستجري عملية عسكرية في شمال سوريا ضد حزب العمال الكردستاني (المحظور في تركيا)".