وقاد القطاع الصناعي النمو الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الحالي 2022، بعد أن أسهم بنحو 0.71 نقطة مئوية من إجمالي النمو الاقتصادي الحقيقي بالمملكة، والبالغ 2.5 بالمئة أي ما يزيد عن ثلث النمو المتحقق، وجاء بالمرتبة الأولى بين القطاعات الاقتصادية من حيث المساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، ما يدلل على أهمية الصناعة الأردنية كقطاع استراتيجي قادر على مواجهة الظروف ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد، بحسب صحيفة الغد.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الأرقام التي حققها القطاع الصناعي في النمو الاقتصادي، ومدى كفايتها لتحسين الوضع الاقتصادي والقضاء على الفقر والبطالة.
ارتفاع كلف الإنتاج
اعتبرت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، أن نسبة مساعمة القطاع الصناعي بالاقتصاد الوطني ضئيلة جدًا، ولا يمكن القول بإن هناك صناعة بالمعنى الحقيقي في الأردن، في ظل ارتفاع تكلفة الصناعة في الأردن بشكل غير مسبوق، حيث ترتفع تكاليف الإنتاج والمدخلات والتكاليف الأخرى، وكذلك ارتفاع أسعار الجمارك والطاقة والمياه، ما ينعكس على السعر النهائي للمنتج.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، الدعم المقدم من قبل الحكومة غير مجدي، في ظل ارتفاع السلع من مصادرها الأصلية، بحيث لا يؤثر أي خفض في هذه الأسعار، والتي تظل مرتفعة، لا يوجد دعم حقيقي للقطاع الصناعي، والمنتج الأردني للتصدير لا ينافس على المستوى العربي أو الدولي.
وتابعت: "المدن الصناعية الأخرى التي تعتمد على الأيدي العاملة من الخارج تكاليفها أقل، وهي أكثر جاذبية للمستثمرين، حيث لا تنطبق على هؤلاء العمال قانون العمل والحد الأدنى للأجور، حيث يمكن لتلك العمالة القبول برواتب متدنية على عكس الأردنيين، والذي لا تقل رواتبهم عن 260 دينارًا أردنيًا، غير أن صاحب العمل ملزم بتأمين صحي وضمان اجتماعي، ما يزيد من تكاليف الإنتاج".
وأكدت أن القطاع الصناعي لا يمكن له النهوض بهذه الطريقة، بل يحتاج لرؤية كاملة تصاحبها إجراءات لخفض كلف الإنتاج والخدمات، ما ينعكس على السلع الأردنية وتصبح منافسة، ويمكن للقطاع الصناعي حينها دعم الاقتصاد الوطني بشكل أكبر".
وشددت على أهمية القطاع الصناعي، والذي يمكن له حال توافرت الظروف المناسبة المساهمة في حل أزمة البطالة بين الأردنيين، ومن بعدها تقليل معدلات الفقر، وهو ما يحتاج إلى بيئة تشريعية واستثمارية جديدة تزيل كل تلك العقبات.
دعم مطلوب
في السياق، يتفق النائب عبد السلام الذيابات، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار بمجلس النواب الأردني، مع حديث العبسة، حيث يؤكد أن القطاع الصناعي رغم الدعم الحكومي والإعفاءات الضريبية يحتاج لدعم أكبر وتدخل أكثر من الحكومة من أجل النهوض به.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ارتفاع تكاليف الكهرباء والغاز والطاقة والمياه تزيد من كلف الإنتاج، ما يجعل السلع الأردنية مرتفعة التكلفة، ولا يمكن لها بهذه الطريقة منافسة السلع العربية أو الأجنبية في الأسواق المحلية والخارجية.
لكن الذيابات أكد أن نسبة مساهمة القطاع الصناعي الحالية في الناتج القومي والاقتصاد الوطني للأردن مقبولة، لا سيما في ظل وجود إعفاءات ضريبية للمستثمرين المحليين والأجانب تصل لـ 5 سنوات.
إصلاح اقتصادي
من جانبه يرى نضال الطعاني، المحلل الأردني، وعضو مجلس النواب السابق، أن هناك تطور كبير في المنظومة الاقتصادية والإصلاح الاقتصادي، والاعتماد على أغلب الشخصيات الاقتصادية والصناعية ذات الطابع الخاص، بالتوافق مع خطة الديوان الملكي للخروج بمنظومة إصلاح اقتصادي حقيقي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك":
"الإصلاح الاقتصادي ذو القدرة على التكيف والنمو تجعل من القطاع الصناعي أهم القطاعات الاقتصادية ذات المساهمات الاستراتيجية والنوعية، حيث يزيد القطاع الصناعي من ميزان المدفوعات ويعد ركيزة أساسية في تلبية حاجات السوق، والمحرك الأساسي للتنمية المستدامة القادرة على خلق فرص عمل واستقطاب الاستثمارات الخارجية.
وتابع: "تسعى الدولة الأردنية إلى خلق فرص عمل شاملة وواسعة النطاق لتعزيز التعافي الاقتصادي ومحاربة ثنائية الفقر والبطالة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي الذي يلعب دورًا رئيسًا في ترسيخ وزيادة أرقام التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدفع عجلة التنمية المستدامة للوصول إلى الأسواق العالمية بالإضافة لتلبية حاجات السوق المحلي".
وقال رئيس غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير، في بيان له، إن قيادة القطاع الصناعي للنمو الاقتصادي جاءت بفعل ما حققه قطاع الصناعات التحويلية من نمو قارب 3.3 بالمئة ليسهم بما يقارب 0.55 نقطة مئوية من إجمالي النمو الاقتصادي”.
وأشار إلى نمو كل من قطاعات الصناعات الاستخراجية بمعدل 5.1 بالمئة والكهرباء والمياه 2.7 بالمئة ليسهما بما يقارب 0.12 و 0.04 نقطة مئوية من إجمالي النمو الاقتصادي على التوالي.
وأوضح أن القطاع الصناعي يسهم بشكل مباشر وغير مباشر بما يصل إلى ما نسبته 43.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، جراء ارتباطاته النوعية، ودعمه لأداء مختلف القطاعات الاقتصادية.
وأشار إلى أن كل دينار ينفق في القطاع الصناعي يسهم بشكل مباشر وغير مباشر بمقدار 2.16 دينار في الاقتصاد الوطني بحسب دراسة معدة من قبل البنك المركزي الأردني.
وأطلق الأردن رؤية التحديث الاقتصادي، والتي تهدف إلى اجتذاب 41 مليار دولار في شكل تمويلات ستساعد في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 58.1 مليار دينار (82 مليار دولار) بحلول العام 2033 من 30.2 مليار دينار حاليا.
وترمي الرؤية لتحقيق 3 أهداف استراتيجية اقتصادية متكاملة، هي: إتاحة مزيد من فرص الدخل للمواطنين، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين مكانة الأردن في مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.