بغداد - سبوتنيك. أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، اليوم الخميس، بشكل رسمي استقالته من رئاسة حزب المحافظين، مؤكدا أنه سيواصل أداء مهامه في رئاسة الحكومة "حتى يتم اختيار قائد جديد".
وقال جونسون في تصريح من أمام مقر إقامته: "كافحت بشدة في الأيام القليلة الماضية للاستمرار، لأنني شعرت أن وظيفتي وواجبي الاستمرار في رئاسة الوزراء"، معلنا أنه عين حكومة جديدة "مع استمراري في تولي مهام رئاسة الوزراء حتى يتم اختيار قائد جديد".
في هذا الشأن يقول الخبير العراقي في الشؤون السياسية والدولية علي البيدر في حديث لـ"سبوتنيك"، حول أسباب الأزمة الحكومية في بريطانيا حاليا، إن "الأزمة الحكومية في بريطانيا تتعلق وبنسبة عالية بالبرنامج الحكومي الذي وضعه رئيس الوزراء ولم يستطع تنفيذه ما جعل الوزراء يشعرون بالحرج أمام هذا الواقع، وأيضا بالتأكيد هناك تأثير للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا على المشهد الأوروبي".
وأضاف "ربما هذا التأثير سيطيح بحكومات بطرق غير مباشرة مثل ارتفاع أسعار الوقود قد يؤدي إلى تظاهرات وغلاء الأسعار في الكثير من القضايا قد يؤدي إلى حالة من السخط الشعبي والاحتجاجات "، وأكد أن "طريقة تعامل الدول الأوروبية مع العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، كانت غير منصفة حيث وقفت بشكل مطلق إلى جانب أوكرانيا وتمثل دائما لشعوبها أن روسيا هي الشيطان الذي يحاول التهام الأوكرانيين، ولكن الشعوب عندما تكتشف الحقيقة سوف لن تثق بحكوماتها مجددا وهذه الأمور بدأت تتضح شيئا فشيئا مع مرور الوقت ".
وحول احتمال تغير موقف بريطانيا في دعم أوكرانيا بعد الأزمة الحكومية التي تتعرض لها ، أكد البيدر، أن "أي خلل داخلي في أي دولة سيدفع بها إلى إعادة حساباتها الخارجية فيما يتعلق بالتمويل أو المساعدة أيضا ".
أوروبا مقبلة على تغيير في القيادات
من جهته، أرجع الباحث العراقي في الشأن الدولي حيدر سلمان، الأزمة الحكومية في بريطانيا لأسباب عدة أبرزها الدعم اللامتناهي لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لقرارات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، متوقعا تعرض دول أخرى في أوروبا إلى أزمات حكومية مماثلة قد تؤدي إلى تغيير في قيادات ورؤساء تلك الدول.
وقال سلمان في حديث لـ"سبوتنيك" إن "بوريس جونسون كرئيس وزراء لفترة وصوله يعتبر جدلي وكان مدعوم من حكومة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وحكومة ترامب على مستوى الرأي العام ينظر لها على إنها إدارة حمقاء، تخبط في القرارات وتسرع في اتخاذها والانسحاب من الكثير من الاتفاقيات الدولية كالمناخ والاتفاق النووي الإيراني والتجارة الحرة وغيرها، والوحيد الذي أيد على مستوى العالم هو جونسون".
وأضاف "بوريس جونسون يعتبر أرث لإدارة ترامب، وكذلك ما زاد على الأمر هو موضوع بريكست، والمعروف أن هناك شعوب عدة في بريطانيا وكانت هناك مشاكل بين الشركاء هناك حيث اعترض البعض على مسألة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وتبين لاحقا انهم على حق وبالتالي هذا الأمر جعل بريطانيا في عزلة وكان هذا الأمر ذات تأثير مباشر على حياة البريطانيين".
وتابع: "إمدادات الوقود والغذاء إلى بريطانيا يجب أن تمر عبر فرنسا، وفرنسا تمارس الضغط في هذا الجانب وكذلك موضوع اللاجئين وكثير من الأمور إضافة إلى عدم تمكن جونسون من تنفيذ وعوده وخاصة في موضوع الاقتصاد ما دفع بحزب العمال إلى تحين الفرصة ضده وحتى من داخل حزب المحافظين".
وبين سلمان أن "الأمر تفاقم بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وهناك موضوع مبطن وغير معلن بالنسبة للاتحاد الأوروبي وبريطانيا وهي خلافات تعمقت كثيرا، الاتحاد الأوروبي يرى أنه كان من الممكن التفاوض بينما بريطانيا هي من أوصلت الأمور إلى حالة الانهيار، بريطانيا دفعت بكل شركائها خاصة وأن لها امتدادات أوروبية وامتدادات أمريكية فكانت هذه السياسة السبب في الانهيار على مستوى الحرب على الرغم من محاولة ألمانيا وفرنسا التملص وبالتالي تراكمت الأمور وأصبحت مشكلة داخلية في بريطانيا مثل كرة الثلج وأصبحت هناك تظاهرات واحتجاجات وحالة غلاء بينما هناك العكس في روسيا التي تحسنت عملتها بمقابل انعزال أكثر لبريطانيا".
وقال سلمان إنه "إضافة لذلك، بدأت بريطانيا تضغط على دول في الشرق الأوسط بما يخص موضوع الطاقة كالوقود والغاز وهو ما حدث مع إقليم كردستان العراق حيث قام رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني بزيارة بريطانيا لإبرام عقود في مجال الطاقة الأمر الذي قوبل بتظاهرات كبيرة من قبل الأكراد في بريطانيا، وكذلك ضغطت على السعودية وقام جونسون بزيارتها في محاولة لإقناع المملكة بزيادة إنتاج النفط وكانت الرسالة السعودية واضحة بعدم وجود زيادة في الإنتاج".
وحول إمكانية تعرض دول أخرى في أوروبا لأزمات حكومية مماثلة، قال الباحث العراقي: "نعم بالتأكيد قد تشهد دول أوروبية أزمات حكومية مثل بريطانيا، وإذا نلاحظ أحزاب اليمين التي تولت السلطة تقريبا في حالة انحسار، وحتى في فرنسا أن ماكرون فاز كرئيس ولكن بنسبة قليلة واليمينيين حصلوا على الأغلبية وقد يقيلون الرئيس الفرنسي، وكذلك في ألمانيا بدأت احتجاجات وهناك مشاكل داخلية وبشكل عام أوروبا تتجه إلى تغيير في القيادات باستثناء دول شرق أوروبا المستقرة أكثر كالسويد وفنلندا ودول البلطيق ".