"إعلان القدس"... لماذا دمج بايدن ولابيد فلسطين وإيران في وثيقة واحدة وما خطورته وتداعياته؟

في وثيقة جديدة تتعلق بالدعم المستمر لإسرائيل، والحيلولة دون امتلاك إيران للسلاح النووي، أصدرت واشنطن وتل أبيب بيانًا مشتركًا حمل اسم "إعلان القدس"، تضمن عدة بنود وتعهدات أمريكية تجاه إسرائيل.
Sputnik
وشدد البيان الذي صدر أمس الخميس، عقب لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، على التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل استنادًا على روابط غير قابلة للكسر بينهما.
وأشارت الولايات المتحدة إلى أن جزءًا لا يتجزأ من هذا التعهد هو الالتزام بعدم السماح لإيران أبدًا بامتلاك سلاح نووي، وأنها مستعدة لاستخدام جميع عناصر قوتها الوطنية لضمان هذه النتيجة، وفقا لـ"سكاي نيوز".
كما أشار "إعلان القدس" إلى "التزام الولايات المتحدة وإسرائيل بمواصلة مناقشة التحديات والفرص في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية".
وأضاف: "تدين الدول سلسلة الهجمات الإرهابية المؤسفة ضد المواطنين الإسرائيليين في الأشهر الأخيرة، وتؤكد على ضرورة مواجهة القوى المتطرفة، مثل (حركة) "حماس"، التي تسعى إلى تأجيج التوتر والتحريض على العنف والإرهاب".
إلى جانب ذلك تضمن الإعلان تأكيد بايدن على "دعمه الطويل الأمد والمتواصل لحل الدولتين، وللتقدم نحو واقع يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء التمتع فيه بإجراءات متساوية من الأمن والحرية والازدهار".
وطرح البعض تساؤلات بشأن توقيت إصدار أمريكا وإسرائيل لإعلان القدس، والهدف منه، وانعكاساته على القضية الفلسطينية، وعلى المفاوضات النووية القائمة مع إيران.
بايدن يغادر إسرائيل إلى السعودية ولابيد يوجه رسالة لقيادة المملكة
حلف أمني
اعتبر مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني، أن وثيقة القدس التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل محاولة من قبل أمريكا لتطمين إسرائيل على أمنها، حيث تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن أولوية حفظ الأمن الإسرائيلي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إسرائيل بحاجة إلى هذا الإعلان الذي لم يقدم جديدًا إلا سعي الإدارة الأمريكية لتمكين إسرائيل من المنطقة الخليجية والعمل على إقامة علاقات بين الكيان والسعودية والتي كان أولها فتح المجال الجوي السعودي للطيران الإسرائيلي.
وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد دمج إسرائيل في المنطقة والعمل على توليها الحلف الأمني والذي به يمكنها من محاصرة المقاومة الفلسطينية، التي تعتبرها تل أبيب التهديد الأول لها، ومحاولة تخويف إيران من التواجد الأمني الإسرائيلي في المنطقة للحيولة دون استكمال برنامجها النووي.
واستبعد الصواف أن يحقق هذا الاتفاق الأمن والحماية لإسرائيل، خاصة من المقاومة الفلسطينية التي تعد العدة، وتجهز أدواتها من أجل تحقيق هدفها الأساسي وهو تحرير فلسطين، مضيفًا: "لذلك تسعى أمريكا إلى زرع الأمن في نفوس الاحتلال والعمل على وقف حالة الزعزعة والقلق التي بدأت تدب في قلب إسرائيل".
ويرى أن التعاون الأمني الذي ترغب به الولايات المتحدة الأمريكية سيواجه عقبات كبيرة حتى من دول الخليج، وستكون شعوبها بعد قليل من الزمن من يتصدى لأطماع إسرائيل، ويفشل هذا الاتفاق وسيكون عامل هدم للتطبيع وبدء مرحلة جديدة.
إيران: مسرحيات البيت الأبيض في المنطقة تجعلنا أكثر إصرارا على تحقيق أهدافنا
دمج الملفات
بدوره أكد مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن إصدار إسرائيل وأمريكا لإعلان يحمل اسم القدس يؤكد أننا أمام مؤشر استعماري خطير، تتكشف خيوط مؤامرته بمجرد قراءة بنوده، والتي حاولت المزج بين القضية الفلسطينية كقضية عربية إسلامية تم فيها تجاوز أدنى الحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية، وبين الملف النووي الإيراني ومحاولة ربط الأمرين وكأنهما قضية واحدة تهدد أمن واستقرار المنطقة حسب المخطط الأمريكي الإسرائيلي المشترك.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يجب التأكيد على أن القضية الفلسطينية شيء وقضية الملف النووي الإيراني شيء آخر، رغم كل نقاط الالتقاء التي تجمع بين الفلسطينيين والإيرانيين في عدائهما المشترك لإسرائيل، وأن كل محاولات الخلط تهدف إلى تحييد العرب والمسلمين عن حقيقة الصراع بينهم وبين إسرائيل الدائر حول مقدساتهم الدينية الموجودة في فلسطين.
وأوضح أن هذا الإعلان "كشف بوضوح حقيقة الأنظمة الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط ودورها البشع في المشاركة بالتآمر على القضية الفلسطينية، هذه الأنظمة التي نجحت في إلهاء شعوبها وتحييدها عن القيام بواجباتها تجاه هذه القضية، أنظمة ساهمت وتساهم اليوم بشكل رسمي في تحقيق حلم الإسرائيليين بإنشاء دولتهم الكبرى في المنطقة".
وتابع: "لم يعد بعد اليوم أي مجال لخداع الفلسطينيين بالحديث عن أي عملية سياسية تقوم على حل الدولتين، ولذلك على الفلسطينيين كافة النزول للشارع مطالبين المنظومة الحاكمة في رام الله بالإعلان عن حالة الفراغ السياسي والأمني في كل فلسطين".
إعلام: ارتياح إسرائيلي بعد تجاهل بايدن القضية الفلسطينية ومقتل أبو عاقلة
إيران وإعلان القدس
أما فيما يخص الجانب الإيراني، اعتبر محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني، أن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ما يسمى بـ "إعلان القدس"، لا يقدم أي جديد في هذه المرحلة، سوى محاولة التغطية على إقدام بعض دول المنطقة على عمليات التطبيع مع إسرائيل، لا سيما المملكة العربية السعودية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، كل البنود والتفاصيل التي تضمنتها هذه الوثيقة كانت موجودة منذ سنوات، فالأمن الاستراتيجي لإسرائيل كان ولا يزال من ضمن الثوابت التي تتحدث عنها الولايات المتحدة الأمريكية، وتدعمها بمليارات الدولارات سنويًا.
وفيما يتعلق بمحاولات منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، يرى غروي أن هذه التعهدات الأمريكية لإسرائيل ليست الأولى من نوعها، حيث نادى كل الرؤساء الأمريكيين في سياستهم بمنع إيران من التطور النووي.
ويرى غروي أن كل بنود الوثيقة لا تقدم أي جديد تجاه سياسة الغطرسة الأمريكية على المنطقة، وسياسة العنف وعدم الحياد تجاه دول المنطقة، نحو مزيد من التعمق في دعم سياسات إسرائيل الظالمة، تجاه دول المنطقة، لا سيما تجاه إيران.
وبموجب "إعلان القدس"، أبدت الولايات المتحدة التزامها بالعمل مع الشركاء الآخرين لمواجهة ما وصفه البيان بالعدوان الإيراني والأنشطة المزعزعة للاستقرار، سواء كانت مدفوعة بشكل مباشر أو من خلال وكلاء ومنظمات إرهابية.
وذكر بيان الولايات المتحدة وإسرائيل أنه لا يوجد شيء أفضل يعكس الدعم الثابت والحزبي للولايات المتحدة لأمن إسرائيل أكثر من مذكرات التفاهم غير المسبوقة بشأن المساعدة الأمنية التي وقعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدى العقود القليلة الماضية.
وأعربت الولايات المتحدة عن دعمها القوي لتنفيذ بنود مذكرة التفاهم التاريخية الحالية البالغة 38 مليار دولار بالكامل، والتي تحترم التزام الولايات المتحدة الدائم بأمن إسرائيل، فضلاً عن قناعتها بأن مذكرة التفاهم اللاحقة يجب أن تعالج التهديدات الناشئة والحقائق الجديدة.
مناقشة