لكن بعض الظن إثم.. وتحدث بايدن نفسه في تصريحاته حول أهداف أكبر "وأكثر شمولا" لهذه الزيارة، تقف المصالح الاقتصادية الأمريكية على رأسها.
وهنا تثور عدة تساؤلات حول الأسباب التي جعلت بايدن ينكص على عقبيه تجاه إيران، وتتحول المحادثات النووية في فيينا تبعا لموقفه إلى شبح، ثم تتلاشى، وذلك بعد وعود في حملته الانتخابية بالتعامل بجدية مع هذا الملف.
موقع إيه بي سي نيوز، يؤكد أن بايدن الذي قدم وعدًا واضحًا لإيران، معلنًا أن البلاد لن تصبح أبدًا قوة نووية في عهده، أثبتت الفترة التي قضاها في البيت الأبيض، أن الطريق نحو الوفاء بهذا الوعد أضحى أكثر ضبابية.
فما الأسباب إذن التي أرغمت بايدن على "تجميد" موقفه؟ أو بالأحرى ما الأسباب التي جعلت الضباب يخيم على هذا الموقف في شقيه اللذين أعلنهما بايدن بنفسه، حينما قال إن القوة ستكون الملاذ الأخير، لكننا الآن نعطي مجالا للدبلوماسية"، وفي النهاية لا هو حسم بالقوة، ولا هو استطاع أن يجعل من الدبلوماسية طريقا يصل من خلاله إلى مبتغاه.
سام هيكي، المحلل في مركز الحد من التسلح وعدم الانتشار، يرى أن بايدن وإدارته، ومن ورائهما الولايات المتحدة الأمريكية كدولة ومؤسسات لم يعد لديهم خيارات أو مجال للمناورة في الملف الإيراني.
ويقول: "هناك الكثير من الأسباب السياسية لعدم الرغبة في تحمل العبء الإضافي لتأمين صفقة في الوقت الحالي"، مضيفا: "لدينا انتخابات التجديد النصفي المقبلة، وبصراحة، فإن أي جهود لرفع العقوبات عن إيران ستضر بالديمقراطيين، ومن المرجح أن تكون وقودًا للجمهوريين".
ويرى هيكي أن إبرام صفقة سيكون مفيدًا لجميع الأطراف - ولكن على الرغم من أنه قد يكون ممكنًا، إلا أنه لا يبدو محتملاً.
ويقول إن الجانبين سيكونان أفضل حالا من خلال اتفاق من شأنه أن "يجمد دورة التصعيد" ، مع إجراء مؤقت من شأنه أن يؤدي إلى توقف إيران عن تكديس اليورانيوم عالي التخصيب مقابل عودة نفطها إلى السوق.
وبتابع"أعتقد أن هناك فرصة في الأشهر القليلة المقبلة لمحاولة استكشاف إمكانية هذا النوع من الاتفاق المؤقت ، على الرغم من أنه من الصعب أن نكون متفائلين حتى بشأن هذا الخيار لأن الجانبين لديهما توقعات غير متطابقة".
ويلفت هيكي إلى أنه في حين أن إيران والولايات المتحدة قد تبدوان مرتاحتين بما يكفي لمواجهة المأزق في الوقت الحالي، لكن وفقا لتعبيره " الارتياح غير مستدام في نهاية المطاف".
وشدد المحلل الاستراتيجي على أن النموذج الحالي في العلاقة بين أمريكا وإيران، (وهو استمرار البرنامج النووي الإيراني في التقدم ببطء نسبيًا واستمرار الولايات المتحدة في فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها مع محاولات عزلها دبلوماسيًا)، "هذا النموذج لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، وأنا غير متأكد من أنه يمكن حتى آخر عامين آخرين"، حسب تعبير هيكي.
ويشير إلى أنه وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لديها وسائل أخرى لمحاولة كبح جماح الطموحات النووية الإيرانية، هذه الوسائل تأتي بثمن لا تستطيع أن تدفعه إدارة بايدن حاليا، قائلا: "المشكلة هي أنه في كل مرة تقوم فيها الإدارة بتصعيد الرهان، ينتقم الإيرانيون".