تسبب إضراب موظفي القطاع العام عموما والمديرية العامة للنفط خصوصا، بتعطيل صدور جدول أسعار المحروقات، الأسبوع الماضي، فيما حذر موزعو المحروقات من تداعيات إضراب موظفي القطاع العام، الذي يشل البلد للأسبوع الخامس على التوالي، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وبسبب الأزمة الاقتصادية تعاني مؤسسات الدولة من تخفيض لموازناتها السنوية المرصودة على أساس تسعيرة الـ 1500 ليرة لبنانية، ما انعكس سلباً على عملية إنجاز المعاملات الرسمية بسبب نقص المستلزمات المكتبية كالأوراق والحبر والطوابع وغيره.
انهيار كامل
اعتبر زياد ناصر الدين، الباحث الاقتصادي اللبناني، أن إضراب القطاع العام يأتي في سياق الواقع الاقتصادي الصعب، وتدهور قيمة الليرة بشكل كبير، بالتالي التضخم المفرط الكبير، وطبع الليرة بشكل عشوائي، وتغطية خسائر القطاع الخاص، وهو ما دفع ثمنه القطاع العام، فأصبحت الرواتب فيها لا تعطي أي نتيجة ولا يستطيع الفرض حتى الوصول لعمله.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، المشكلة اليوم في الانهيار الاقتصادي اللبناني أنه يقوم بضرب القطاع العام بشكل كبير، خاصة في ظل غياب معالجات اقتصادية، ووجود حصار اقتصادي كبير ومطبق على لبنان، ويهدف بشكل أساسي إلى تدمير القطاع العام.
وتابع:
"رأينا الكثير من الأدلة كيف كان هناك استبدال للقطاع العام بجمعيات وكانت أكثر فسادا من القطاع العام، حتى القطاع العام لم يتم حمايته بقوانين، بل أصبح قطاعا للمحاصصة وزادت كمية الفساد فيه".
ويرى أن اليوم يعاني القطاع العام من انهيار اقتصادي وانهيار في العملة ورواتب ضعيفة وفساد وترهل إداري، ومحاصرة، كل هذه الأمور تؤدي لوضع صعب جدًا، فحتى الآن لا يوجد موازنة ولا يوجد أفق في تصحيح الرواتب، والمعالجات دائمًا تكون بشكل غير مدروس.
وعن الحلول المطلوبة، أكد ناصر الدين أن لبنان يحتاج لمعالجات دقيقة خارج المحاصصة والأخذ بعين الاعتبار كيفية النهوض بالاقتصاد، والمحافظة على القطاع العام من أجل أن يقوم بواجباته تجاه القطاع الخاص وأن يكون هناك قطاع خاص مفيد وليس فاسدًا يقوم بدور سلبي ويكون أكثر فسادًا من القطاع العام ويؤدي إلى نتائج سلبية.
كوارث اقتصادية
قال الدكتور عماد عكوش، المحلل الاقتصادي اللبناني، إن الاستمرار في الإضراب المفتوح يعني من جهة توقف الواردات إلى الخزينة مع ما يعانيه من زيادة عجز الموازنة ولجوء مصرف لبنان إلى طباعة الليرة لتلبية حاجات الدولة، وهذا سيؤدي حتما إلى المزيد من تضخم الكتلة النقدية وبالتالي التأثير السلبي على سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، من جهة ثانية يتسبب هذا الإضراب بالإضرار بشكل كبير على سير عمل القطاع الخاص والذي سيؤدي إلى المزيد من الانكماش في الناتج القومي وربما فقدان سلع كثيرة من السوق نتيجة لإضراب موظفي المالية العاملين عند بوابات العبور، وهذا التراجع في عمل القطاع الخاص يؤثر بطبيعة الحال على عمل كل القطاعات الاقتصادية والتي تعتمد على عمليات الاستيراد والتصدير.
ويرى عكوش ضرورة معالجة هذا الواقع بشكل مدروس يوازي بين النفقات والواردات، وخاصة لناحية زيادة سعر صرف الدولار الرسمي والذي يتم احتساب الواردات على أساسها، ويجب اعتماد التدرج في رفع سعر صرف الدولار الرسمي بالتوازي مع التدرج في رفع الرواتب حتى يتم تقييم الأحداث التي ستنتج عن هذه الإجراءات.
وأكد أنه يمكن إصدار بعض المراسيم المنفصلة عن الموازنة لتعزيز الواردات ولا سيما إلزام دفع رسوم الطائرات والمسافرين بالدولار، وهذه الترتيبات يمكن أن تساعد في تسهيل عملية إقرار زيادة الرواتب دون التأثير على نتيجة الموازنة سلبيا، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات هي إجراءات مؤقتة وليست جذرية لمعالجة مشاكل لبنان الاقتصادية والمالية والإدارية.
ويعاني موظفو القطاع العام من انهيار قيمة رواتبهم بشكل كبير وسط خسارة الليرة اللبنانية لأكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي بفعل الأزمة الاقتصادية والنقدية التي يمر بها لبنان.
ويشمل الإضراب القطاعات العامة كافة، بما فيها الوزرات الخدمية والأساسية في البلاد. ويشهد لبنان منذ نهاية عام 2019 أزمة مالية واقتصادية هي الأسوأ من نوعها، طالت القطاعات العامة والخاصة من دون استثناء.
وامتد الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان إلى مؤسسات وإدارات القطاع العام، بحيث أصبحت مشلولة بفعل نقص المستلزمات والتجهيزات الإدارية، وانقطاع الكهرباء، وإضراب موظفي هذا القطاع بعد خسارة رواتبهم لأكثر من 95% من قيمتها.