فهل بدأ طموح فتحي باشاغا برئاسة حكومة موحدة يتلاشى خاصة بعد التحالفات الأخيرة التي كان أبرزها تكليف عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية لفرحات بن قدارة رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط، وإعادة استئناف انتاج البترول ورفع القوة القاهرة من الموانئ والحقول النفطية.
التحالفات الجديدة ودعم الشرعية المنتهية
وفي هذا الجانب، يقول المحلل السياسي خالد المجبري في تصريح خاص لسبوتنيك، إنه "ينبغي لباشاغا حصان مثل حصان طروادة ليدخل طرابلس ويخترق حكومة الدبيبة، وباشاغا فشل في ذلك رغم تعدد محاولاته، فإنه صار بالنسبة لداعميه عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر ورقة محروقة أو على الأقل عديمة الصلاحية".
وتابع المجبري: "لذا صار التوجه الى البحث عن تحالفات أخرى، ورغم أن التحالف مع الدبيبة كان خيار صعب ومر إلا أن عقيلة وحفتر لم يجدا مفرا من تجرعه خاصة وأن الدبيبة يبدو إنه نجح في الإبقاء على حكومته، وأنه بالفعل باقي حتى ولادة حكومة جديدة بانتخابات رسمية".
وأضاف المجبري أنه "عندما قام بن قدارة بإلقاء بيانه من بنغازي هذا يؤكد بأنه مدعوم من الجيش ومن رئيس البرلمان عقيلة صالح أيضا، وهؤلاء حين يدعمون خيار الدبيبة فهم بدون شك يدعمون بقاءه، مؤكدا بأن المشهد ضبابي ومتشابك، ولكن من الواضح فيه أن باشاغا هو الحلقة الأضعف فيه وأنه المرشح للخروج من المشهد بشكل نهائي".
ولفت إلى أنه من الأفضل أن يُعلن فتحي باشاغا حل حكومته، حتى أن يتضرع بأسباب وطنية منها عدم رغبته في الانقسام ووحدة المؤسسات.
المساومة السياسية من أجل الاستمرار في المشهد
يرى المحلل السياسي اسلام الحاجي أنه لا يمكن التنبؤ بانتهاء حكومة باشاغا، وإنما سيتم الإبقاء عليها ولو لفترة محدودة، لأن كل هذا يترتب على التزام الأطراف التي عقدت هذه الصفقة بما تم الاتفاق عليه، لأنه كل الاتفاقات التي تمت بين الأطراف الليبية هي اتفاقات قصيرة المدى لغياب الثقة في الأوساط المحلية، بسبب انتشار السلاح الذي يفرض سياسة الأمر الواقع بقوة السلاح الذي غير معادلات كثيرة.
وتابع الحاجي في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" ستستمر حكومة باشاغا كورقة ضغط، وأن صفقة المؤسسة الوطنية للنفط حدثت لعدة اعتبارات محلية في الوقت الذي صدر فيه القرار عن حكومة الوحدة الوطنية التي لم يعترف بوجودها أو استمرارها أحد من هذه الأطراف، والجميع اعتبرها منتهية والجميع مؤيد لحكومة باشاغا.
وتابع: "كان هناك رهان من البرلمان وقيادات الجيش على باشاغا بأن لديه تأثير وسلطة كبيرة تسهل عملية الاتفاق الذي عقد بينهم في استلام السلطة وتقاسم المناصب فيما بينهم جميعا، ولكن اتضح أن هناك قوة نافذة على الأرض في الغرب الليبي رفضت دخول باشاغا رغم محاولات دخوله لمرتين وفشل فيهما، من هنا ستستمر حكومة باشاغا في المشهد كورقة ضغط فقط إذا التزم طرفي الصفقة الحالية بالاتفاق، أما إذا فض هذا الخلاف فسيتم الدعوة من جديد لحكومة باشاغا وإنها الحكومة الشرعية والتي جاءت عن طريق البرلمان.
ولفت الحاجي إلى أن البرلمان متحفظ على أي تصريحات أو تعليقات على تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، علما بأن هذا الأمر كان اتفاق محليا بموافقة دولية خصوصا أن أمريكا وبريطانيا شريك عن طريق شركاتهم في النفط الليبي وهذه الشراكة تعطيهم الحق في التدخل في هذا الشأن، إذا لم يتم هذا التعديل بقرار محلي صرف.
وقال إنه من الممكن لو استمر التفاهم بين حكومة الوحدة الوطنية والجيش في الشرق ربما سوف يتم إشراك فتحي باشاغا بإحدى الوزرات كحقيبة الداخلية أو الدفاع قد تكون هذه إحدى الترضيات إذا استمر الاتفاق ولم ينقطع.
أما عن إجراء الانتخابات وصف الحاجي أنها هي المخرج من المأزق الحالي، ولكن لن تكون بالنزاهة والشفافية المُطلقة، هي مجرد انتخابات جاءت بمطالبات محلية ودولية آخرها اتفاق جدة وتأكيد الجميع على ضرورة الذهاب لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة بعكس ما يحاول الترويج له في الداخل بإقامة انتخابات برلمانية فقط، هذا يؤكد أن المجتمع الدولي يشدد على ضرورة إجراء الانتخابات ليس لإخراج البلاد من هذه الأزمة، وإنما تأتي لتغيير هذه الطبقة التي لا يمكن التعامل معها لأنها تحظى برفض كامل في الشارع الليبي، والغرب دائما يحاول استبدال أي ورقة تحترق بأوراق جديدة يمكنها التفاهم معها كمصالح مشتركة، ويضيف بأنه من المحتمل أن تكون هناك انتخابات نهاية هذا العام تغير المعادلة كليا.
حكومة باشاغا انتهت فعليا رغم محاولات البقاء
من جانبه، يقول المحلل السياسي محمد محفوظ في تصريحات خاصة لسبوتنيك من الواضح أن هناك اتفاق سياسي عقد بين عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر، وأن أول بنوده هي تغيير مجلس المؤسسة الوطنية للنفط، ولكن لا يمكن الجزم بأن هذا التوافق قد وصل لمراحله النهائية مالم تسيل الأموال للجيش الليبي، والاتفاق على بقية البنود أبرزها التعديل الوزاري وتغيير مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء والحديث عن المؤسسة الليبية للاستثمار.
وأضاف بأن تعيين بن قدارة تم فعليا ولم يجد الرفض، مؤكدا أن حكومة باشاغا انتهت بالفعل بالرغم من وجود خطابات رسمية تؤكد وجودها على الأرض.
مؤكدا أن ما تم بكل تأكيد سوف يزيد من حظوظ الدبيبة إلى حد ما، ولكن هذا الامر ينسف كل الشعارات والاقاويل التي كان دائما يرددها الدبيبة بأنه ضد التمديد وغيرها من الشعارات، وأن هذا الامر قد ينسف أيضا القاعدة الشعبية والتحالفات العسكرية والسياسية التي كانت تقف مع الدبيبة في وقت سابق.
مشددا أن الشعب هو من يدفع الثمن الطبقة الحاكمة التي لازالت موجودة في السلطة بعقد الصفقات والاستمرار في الحكم دون وجود أي شرعية، الشعب الذي يدفع ثمن هذه الصفقات وتكون نتائجها باهظة على مدار سنوات، أما مصير الانتخابات يبقى مجهولا وأن عقد مثل هذه الصفقات تعطي إشارات بأن الانتخابات لن تعقد في القريب، وأعتقد بأن الانتخابات سوف تتأخر كثير أن لم يكن هناك حراك شعبي كبير وفعال ومستمر فإن الانتخابات لن تُجرى وأن تأخير الانتخابات من أهم بنود الاتفاقات والصفقات السياسية.